معجب الزهراني.. الهروب من النقد للسرد

ناقد سعودي يقتحم عالم الرواية بـ«رقص»

غلاف رواية : «رقص»
TT

ركب الناقد السعودي، الدكتور معجب الزهراني، موجة الرواية أسوة بنقاد سعوديين آخرين، أغراهم السرد بعد طول إقامة في مقاعد النقد. ودافع الزهراني الذي عمل 20 عاما أستاذا لعلم الجمال، لكتابة الرواية، كما يقول هو، أنه كان بحاجة كبيرة إلى البوح بعد طول كتمان، وللهذيان بعد طول تعقل. والدكتور الزهراني باحث أكاديمي، وناقد، يحمل شهادة الدكتوراه في الأدب المقارن من جامعة السوربون في باريس، ويعمل حاليا أستاذا للأدب الحديث والنقد في قسم اللغة العربية بكلية الآداب، جامعة الملك سعود. أما معجب الزهراني فإن تجربة الرواية تمثل له فضاءً حرًّا يخلصه من قيود النقد، وهي فتنة ظلت تراوده منذ زمن.

اختار معجب الزهراني إطلالته البكر في عالم السرد، بعنوان «رقص»، ويقول: إن الرقص أكثر الفنون فطرية وجمالا، كاشفا أن روايته تضم ثلاث رقصات أساسية. تبدأ بعرضة رجالية ثم زفة نسائية، وبعدها رقصة صوفية. لكنه يشير إلى أن «الرقص الأجمل والأهم في النص يظل رقص اللغة». والرواية صدرت عن دار «طوى» للثقافة والنشر. وهي تقع في 290 صفحة.

وفي مايلي نص الحوار الذي جرى في الدمام.

* بعد صدور رواية «رقص» كأول تجربة روائية لك.. هل يعني ذلك الانتقال من عالم النقد وأدواته إلى عالم السرد؟

- الانتقال من قيود النقد إلى حرية السرد هي فتنة ظلت تراودني منذ زمن وقد فازت بالرهان أخيرا ولحسن الحظ. وهكذا أتكلم لأن ماء الحياة يركد ويأسن ويتلف العمر إن لم نطح عاليا وبعيدا بكل ما ألفناه عند منعطف ما.

* كانت لك كتابات ونصوص تشي بروح الشاعر، إلا أن هذا العمل كشف عن البعد الروائي لديك. هل وجدت الرواية أسهل من الشعر؟

- لعل روح الشعر في كتاباتي هي التي جعلت بعض من كتبت عنه يطرق بابي أو يتصل بي ليؤكد أنه بكى براحة بال حينما قرأني (وكم أسعدني أحدهم حينما أكد لي أنه احتفظ بمقالتي عنه في صندوق أشيائه الحميمة الخاصة جدا.. وصديقي عبد الله ثابت شاهد يثبت ما أقول). الحكاية إذن ليست سهولة هذا وصعوبة ذاك. قلت وأكرر أن كل واحد ميسر لما يفتنه، والرهان أن نحب اللعبة ونتقنها. وفي كل حال أعتقد أن الإبداع كان وسيظل قنصا دائما لتلك العنقاء الفاتنة التي تبتعد عنا كلما توهمنا القبض عليها (كما الحب تماما).

* هل سنرى لك مؤلفات تضم نصوصك السابقة؟

- بكل تأكيد. وكيف يمكن لشخص مثلي أن يتحمل ثقل العيش دون أحلام ورجاء وآمال؟

* لماذا اخترت الرقص موضوعا لروايتك.. هل جاء باعتباره أداءً جسديا أم تعبيرا روحيا .. أين يكمن الرقص في روايتك؟

- الرقص أكثر الفنون فطرية وجمالا. لم أر ولن أرى في حياتي أجمل من جسد يرقص منتشيا.. حتى جسد الطير. وللتبسيط أقول: هناك ثلاث رقصات أساسية في الرواية؛ الأولى: عرضة رجالية جاءت كفاتحة للكتابة، والثانية: زفة نسائية يبدو أنها صاحبت نشوة الكتابة وقد بلغت إحدى ذراها العالية، والثالثة: رقصة صوفية ترهص باقتراب النهايات. الشيء الذي يدهشني حقا أنني، وبكل تأكيد، لم أكن أفكر في أي رقصة لحظة الكتابة.. ولكن صدق من قال إن الجسد لا ينسى! وقد أكشف سرا حين أقول: إن الرقص الأجمل والأهم في النص يظل رقص اللغة. ولذا أنصح من لا يشعر بأي نشوة لحظة القراءة أن يرميها في أقرب مكان ويرتاح مما جنته يدي.

* لم يكن للمرأة دور محوري في الرواية.. لماذا خلت الرواية منها؟

- من قال لك هذا ؟ حين تقرأها بقلبك ستلاحظ، ربما، أن هناك شخصيات نسائية هي الأكثر والأجمل والأقرب إلى القلب. تريث ولا تثق أبدا بالقراءات العابرة!

* نعلم أنك مولع بالثقافة «الفرانكفونية»، هل هناك نية لترجمة الرواية إلى الفرنسية؟

- لم أفكر قط في أمر كهذا لأنه لا يعنيني بكل بساطة. أما لو ترجمت وراقصها آخرون فكم يسعدني ذلك.

* ماذا يعني تحول النقاد السعوديين إلى كتابة الرواية، هل يعني ذلك البحث عن فضاءات جديدة؟ أم أن الكتابة الروائية مغرية إلى هذا الحد؟

- لا أدري. كثيرون هم الذين غامروا في هذا الاتجاه، ومن كل الفئات والأعمار والاتجاهات المهنية والثقافية. ولو احتكمنا لمنطق الإحصاء لوجدنا أن النقاد هم الأقل عددا، ولهذا قد أداعبهم فأقول: لا نامت أعين الجبناء.

* هل جاءت «رقص» نتيجة إغراءات النجاح الذي حققته تجارب روائية سعودية محليا وعربيا؟

- لا، أبدا. ثم كم هي النصوص التي يمكن أن تشكل إضافة نوعية للرواية المحلية والعربية ؟ كتبت أحلام مستغانمي عن «تسونامي الرواية السعودية». ومع أنني مع كل مغامرة تعزز البحث عن المزيد من حريات القول والكتابة والتفكير والتخيل، والرقص، فإنني سأتفق معها، فقد ظل المنتج كثيرا والمحصول قليلا.

* باعتبارك ناقدا وضعت كثيرا من الأعمال السردية والأدبية تحت رحمة مبضع الناقد، هل حصنت «رقص» من هفوات الروائي التي يراها الناقد؟ وإذا حُصّنت ألا يقلل ذلك من تلقائية النص السردي؟

- خلال مرحلة الكتابة إما أن تنسى العالم أو يحضر، فيثقل عليك ويفسد كل شيء. حقيقة كنت منشغلا لحظة الكتابة بمتعة المغامرة لا غير، وإلى حد النشوة مع الضحك والبكاء. ثم إنني لست من قبيلة الخائفين الذين عادة ما يحصنون أنفسهم ونصوصهم عن عيون الآخرين، وجدّي الذي أعتز به هو الشنفرى.

* بماذا تفسر الزخم المتصاعد من الأعمال الروائية السعودية المنتجة سنويا؟

- لم أتسلل إلى غرف جميع الكاتبات والكتاب لكي أعرف السبب الدقيق وراء ظاهرة لافتة للنظر كهذه. ثم إن التفسيرات الأحادية فقيرة وتعسفية دائما. لكني أزعم أن هناك حاجة كبيرة للبوح بعد طول كتمان، وللهذيان بعد طول تعقل، وللكتابة بعد طول حكي. نحن بشر ولا بد أن نتأنسن بوحا وكشفا وفضحا. ثم من يدري.. فقد يتعلق الأمر بولع صعاليك العصر الحديث بالبحث عن ذواتهم وذوات آخرين بعيدا عن جفاف الخطابات السائدة وجمودها، أي في مرايا الإبداع التي لم تصدأ بعد، لأنها غير قابلة للصدأ أصلا.

* سيرة ذاتية

عضو هيئة تدريس ـ قسم اللغة العربية ـ جامعة الملك سعود

-     بكالوريوس في اللغة العربية وآدابها، كلية التربية، جامعة الملك سعود.

-      شهادة الدرجة العليا في اللغة الفرنسية، السوربون الرابعة، 1982.

-      دبلوم الدراسات المعمقة في الأدب العربي الحديثD.E.A، السوربون الجديدة، باريس الثالثة، 1984.

- دكتوراه في الأدب العام والمقارن، السوربون الجديدة، باريس الثالثة، 1989 عن أطروحة بعنوان:«صورة الغرب في الرواية العربية الحديثة».

-     عضو تحرير ـ مؤسس في مجلة «دراسات شرقية» التي تصدر من باريس بالعربية والفرنسية والإنجليزية منذ العام 1988.

-      عضو هيئة تحرير في مجلة «قوافل» ـ كتاب دوري يصدر عن النادي الأدبي بالرياض منذ عام 1413هـ/1993.

-      عضو لجنة المنهجية في الأدب والعلوم الإنسانية بكلية الآداب.

-      عضو «لجنة النقد والبلاغة» بقسم اللغة العربية.

-      عضو مجلس إدارة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون.

-      عضو اللجنة العلمية المنفذة لموسوعة الأدب الحديث في المملكة العربية السعودية.

-      المشرف على المادة الثقافية في الموسوعة الشاملة عن المملكة (17مجلدا).

-      عضو مجلس إدارة مركز الترجمة بجامعة الملك سعود.