انطلاق أول «منتدى إعلامي للصحافة الثقافية» في الجزائر

صحافيون يعترضون على تهميش دورهم وينتفضون

الصحف الجزائرية وصل عددها إلى الثمانين
TT

يمكن القول إن الأسبوع الماضي كان أسبوع الإعلام الثقافي في الجزائر. هذا المجال الإعلامي الذي غالبا ما يهمل ويعتبر عالة على الصفحات السياسية والاقتصادية وحتى الرياضية، وما ينطبق على المكتوب ينسحب على المرئي والمسموع بطبيعة الحال.

أرادت مجموعة من الصحافيين الشباب إنقاذ الإعلام الثقافي من التهميش، بتأسيس ما سمته «منتدى الإعلام الثقافي». واحتفت الجزائر الأسبوع الماضي بافتتاح أعمال المنتدى الذي يريد القائمون عليه أن يتحول إلى ورشة دائمة لتأهيل الصحافيين في المجال الثقافي، وتدريبهم، والرفع من مستوى أدائهم. ويقول جمال شعلان، أحد المؤسسين للمنتدى: «إن الهدف هو العمل على تدريب مجموعات صغيرة، والمثابرة معها للوصول إلى نتائج مُرضية. فمجموعة صغيرة من الصحافيين الماهرين والمحترفين يمكن لها أن تنهض بمجموعة أكبر حين تستطيع أن تدير الصفحات الثقافية». هذا الطموح احتضنته وزارة الثقافة، ممثلة بـ«الديوان الوطني للثقافة والإعلام»، وخصصت له قاعة «الأطلس» في واحد من أجمل مراكز العاصمة الجزائرية معمارا، ليتمكن الصحافيون العاملون في المجال الثقافي من الالتقاء والتداول، وتحقيق ما يصبون إليه.

وفي حفل كبير في «صالة الموقار»، وسط العاصمة، اجتمع صحافيون شبان وآخرون من جيل الرواد، كما حضرت وزيرة الثقافة خليدة تومي، ووزير الاتصال (الإعلام) عز الدين ميهوبي، للإعلان الرسمي عن بدء أعمال المنتدى، حيث عرضت الوزيرة على الصحافيين المساعدة، في كل أمر يحتاجونه، مطمئنة إلى أن وزارة الثقافة باقية إلى جانبهم. أما وزير الاتصال الشاعر عز الدين ميهوبي، فقد ألقى كلمة نقدية اعتبر فيها أن الصحافة بحاجة إلى الكثير من العمل لترتفع بمستواها، وانتقد بشكل خاص الأخطاء اللغوية، وعدم الاهتمام الكافي بالأحداث الثقافية، رغم وجود فعاليات كبرى، معتبرا الثقافة نوعا من مقاومة المجهول والإرهاب، وأشياء أخرى. وفي هذه الجلسة الاحتفالية تم تكريم الإعلامي الجزائري العصامي الطاهر بن عيشة الذي بلغ ثمانيناته، كما تم عرض فيلم وثائقي عن مسيرته وإنجازاته.

هذا الافتتاح الاحتفالي هو مجرد تدشين لمرحلة يريدها القائمون على المنتدى مثمرة وذات فائدة ملموسة. لذلك كان اليوم الثاني أكثر عملية، حيث نُظمت ندوتان، إحداهما حملت عنوان «الإعلام الثقافي في المؤسسات الإعلامية»، وشارك فيها إعلاميون مختلفة اختصاصاتهم، وهم بلقاسم مصطفوي الباحث في الشؤون الإعلامية، والمحلل والكاتب فيصل معطاوي، ومقدم البرنامج الإذاعي عن السينما الذي يعتبر الأشهر والأقدم في الجزائر جمال حازورلي. وفي جلسة ثانية كان كلام عن «الإعلام الثقافي بين النخبوية والجماهيرية»، وكيف يمكن تقديم مادة ثقافية عميقة لعموم الناس، وما هي السبل لجذب أكبر عدد ممكن من القراء والمتفرجين لمتابعة الأخبار الثقافية والأنشطة الفنية.

هذا الافتتاح للمنتدى الإعلامي لم ينتهِ من دون تطبيقات عملية، حيث عقدت ورشتا عمل، إحداهما عن كيفية كتابة «تحقيق صحافي» ناجح، والأخرى حول «النقد السينمائي». وجدير بالذكر أن هذا المنتدى الذي أريد له أن يكون فضاء لتأهيل الصحافيين وتدريبهم، التحق به وبحماسة طلاب جامعات، حيث طغى حضور الطلاب على الصحافيين المنخرطين في العمل في الندوات، في ما بدا أن الممارسين للمهنة كانوا أكثر انجذابا نحو الورشتين التطبيقيتين.

وفي كل الأحوال يسجل للصحافيين الجزائريين إحساسهم بالقصور ورغبتهم في النهوض المهني، بدل العنجهية المفرطة التي لا تؤدي إلى شيء، علما بأن للجزائر 80 صحيفة، وهو رقم قياسي عربيا. ولعل الخطوة الأولى التي شهدها المنتدى ستكون في حال استكمل المشوار بداية حقيقية لنهضة صحافية في الجزائر. فالصحافيون الشباب يشتكون من إهمال متعمد للصحافة الثقافية، فصفحاتها غالبا ما تكون أول ضحايا الإعلان، فيما يُنقل إلى هذه الصفحات، من تراد معاقبته من الصحافيين. ولعل إثبات المنتدى الإعلامي الوليد للقائمين على الصحف أن الصحافي الناجح في الكتابة الثقافية هو الأقدر على التغطية والتحليل والتحقيق، سيغير الكثير بفعل التراكم والعمل الدؤوب.