توثيق الذاكرة السودانية

TT

صدر في الخرطوم كتاب جديد بعنوان «مرفأ الذاكرة السودانية (نحو عصر تدوين جديد)» للصحافي محمد الشيخ حسين.

يحتوي الكتاب على مقدمة ضافية لآمال عباس العجب، وفصل افتتاحي بعنوان «نحو عصر تدوين جديد». والمقدمة والفصل الافتتاحي يعكسان بصورة واضحة محتوى الكتاب الذي يعتقد مؤلفه أنه يؤسس لعصر تدوين جديد للذاكرة السودانية.

ويعيد الكتاب نشر حوارات وقراءات لشخصيات وأحداث سودانية عامة خلال تجربة صحافية امتدت من عام 1984 إلى عام 2008، وبعض هذه الموضوعات نشر في «الشرق الأوسط» ومجلة «المجلة» في أواخر الثمانينات، حيث كان مؤلف الكتاب يعمل متعاونا فيهما.

ترى آمال عباس العجب في مقدمتها أن فكرة الكتاب تمثل «إسهاما في ناحية مهمة تعاني منها الساحة السودانية في كل جوانبها السياسية والثقافية والاجتماعية، وجانب التوثيق والتحليل للأحداث داخل مناخها ومعطياتها وحفظ ذلك في كتب، لأن الكتاب أبقى من الصحيفة اليومية وحفظه أسهل، وهذا جانب يهمله الكتاب والصحافيون السودانيون».

وتستند فكرة الكتاب على التوثيق من خلال أفواه الذين شملتهم تلك الحقب في مختلف نواحي الحياة، الذين جعلهم مؤلف «مرفأ الذاكرة السودانية» في ثلاثة فصول عالجت موضوعات متشابهة خلال أزمان متفاوتة.

ففي الفصل الأول المعنون بـ«الشخصية السودانية» تطالع سيرة 12 شخصية سودانية في مجالات مختلفة قد يدهشك أن تعرف وجها جديدا لشخصية الصادق المهدي الحافظ للكثير من الموروثات الشعبية من الأغاني والحكايات والأهازيج والطرف والنكات، وهو وجه غير معروف للمهدي حجبته السياسة كثيرا، وتتوقف مع سيدة سودانية هي في الأصل حفيدة لماري أنطوانيت، لكنها الآن تدرس الفقه في الجامعة الإسلامية.

ويتيح الكتاب التعرف إلى شخصية البروفسور عبد الله الطيب من وجهة نظر عامل قاده استماعه إلى تفسير القرآن من راديو أم درمان إلى أن يعمل مع العلامة عبد الله الطيب في جامعة الخرطوم ويتعلم منه. وكذا بقية الأشخاص الذين جاء ذكرهم في الفصل الأول من الكتاب.

جاء الفصل الثاني من الكتاب بعنوان «محطات تاريخية»، وهو عبارة عن قراءة تاريخية لمجمل أحداث سياسية شهدها السودان خلال نصف قرن من الزمان، وجاءت في عناوين بارزة: «مذكرات خضر حمد، وحصاد أكتوبر، وبدر الدين سليمان يتذكر، ومشاهد عبد الوهاب إبراهيم، وذكريات أصغر وزير في السودان، والإقليم الشمالي والتنمية والخبرة السودانية في السكك الحديدية، وانتفاضة أبريل (نيسان)، والأحزاب الجنوبية، والجمعية التأسيسية».

وتضم هذه الحزمة من الموضوعات فيضا من الإفادات والآراء والمواقف والتحليلات لأحداث مر عليها الزمن وما زالت تحتاج التوثيق والتحليل.

وهناك الحديث عن مذكرات الفريق عبد الوهاب إبراهيم التي جاءت بعنوان «مشاهد تعيد النظر في طريقه حكم نميري للسودان». وتضعنا موضوعات الفصل الثاني أمام أهمية أن تجمع هذه الأعمال الصحافية في كتاب لتشكل مرجعا حيا لدارسي دور الصحافة في تصوير الحقب الزمانية حماية للتاريخ من التزييف.

«آفاق فكرية» كان عنوان الفصل الثالث من الكتاب، واشتمل على حوارات مع أسماء لها شأن في السياسة والثقافة والاقتصاد والفلسفة، وهم: الدكاترة: محمد عمر بشير، وجمال محمد أحمد، ومدثر عبد الرحيم، ومحمد هاشم عوض، ومحمد عبد الوهاب جلال.

ولعل اختيار هذه الأسماء يكشف عن منهج المؤلف في اختيار الأشخاص الذين يحاورهم أو الموضوعات التي يختارها وعلاقة ذلك بالموضوع الأساسي الذي يستهدفه، وهو إثارة الموضوع والقضايا التي لها صلة بالأحداث المهمة ودور الأشخاص والموضوعات من رسم خطوط المستقبل.