الغيمة الرمادية تغطي معرض لندن للكتاب

TT

اختتم الأربعاء الماضي معرض لندن للكتاب الذي جرى في مبنى إيرلز كورت للمعارض هذا الأسبوع (19 - 21 أبريل/ نيسان الحالي). ومعرض لندن للكتاب حدث سنوي بارز، وسوق كبيرة الحجم تنتظره وتشارك فيه دور الطباعة والنشر وغيرها من المعنيين بشؤون ووسائل النشر الورقي والإلكتروني، ليس فقط في بريطانيا بل وعلى الصعيد العالمي. وقد كان من المتوقع لمعرض هذا العام، وهو المعرض السنوي التاسع والثلاثون، أن يكون أكبر وأفضل معرض من المعارض التي جرت حتى الآن لولا أن أزمة الرماد البركاني التي تسببت في إقفال المطارات وشل حركة النقل الجوي قد أدت بالتالي إلى التأثير على المشاركة في المعرض والتسبب في غياب عدد كبير من الشخصيات البارزة والمؤسسات العارضة وغيرهم ممن كان ينتظر حضورهم هذا العام. فأنى تجولت في أقسام المعرض تجد بعضا من الأكشاك والرفوف الخالية، وأنى ذهبت إلى الندوات والمحاضرات التي تجرى عادة في مثل هذه المناسبات تجد أن عددا منها قد ألغيت بسبب عدم تمكن المشاركين فيها من الحضور. من بين هذه الندوات التي ألغيت لقاء كان من المقرر إجراؤه مع توني بلير بمناسبة قرب صدور كتاب مذكراته، لكنه لم يتمكن من المجيء.

لكن رغم أن المشاركة في المعرض قد خُفّضت بنسبة 20% كما قدر المشرفون على المعرض، فقد ظلت هناك نشاطات كثيرة وبرز وجود دور النشر البريطانية بالطبع. ولم تغب دور النشر العربية تماما بل كان لها وجود جزئي. وكان لدار «الساقي» وجود فعال، إذ قامت بالتعريف بأحدث مطبوعاتها وأعلنت كذلك عن كتاب جديد سيصدر لها باللغة الإنجليزية لعفيف صافية، الرئيس السابق للبعثة الفلسطينية في لندن، وهو عن مسار عملية السلام في الشرق الأوسط.

موضوع النشر الإلكتروني وما يترتب عليه من الوسائل والتقنيات اللازمة وحقوق النشر والبيع كان العنوان الرئيسي الذي دارت حوله معظم المناقشات والندوات التي رافقت معرض هذا العام. فبعد أن شاع التدوين الإلكتروني للموسيقى والغناء ثم للتصوير الفوتوغرافي، يأتي الآن دور الكتاب الإلكتروني أيا كان المحتوى. وتتصاعد الآن نسبة شيوع الكتاب الإلكتروني رغم أنها لم تبلغ بعد نسبة الطلب على الكتاب المطبوع بحسب ما قال المتحدثون في الندوات. ويشيع الآن استعمال الكتاب الإلكتروني الدراسي، خاصة على المستوى المهني والجامعي، وكذلك المناهج الدراسية، في أميركا ودول الشرق الأوسط بنوع خاص. وتفيد من ذلك الجامعات المفتوحة والمؤسسات التي تؤمن مناهج التعليم عن بعد. والمؤسف أن الدكتور مسعد بن سعد الطيار، الذي كان سيتكلم عن النشر الإلكتروني في المملكة العربية السعودية لم يتمكن من الحضور.

ورغم أن عددا كبيرا من قراء الكتاب الإلكتروني يتوقعون الوصول إليه مجانا ودون دفع بدل تكاليف غير ثمن الجوال الصغير، فإن عدد القراء الذين يدفعون بدل اشتراك من أجل الحصول على حق الوصول إلى المنشورات الإلكترونية هو اليوم في ازدياد. ويحاول القائمون بمشاريع النشر الإلكتروني جذب مثل هؤلاء وكسب ولائهم إلى الموقع من خلال إشراكهم في إبداء الآراء والتحادث معهم عبر برامج الاتصال الإلكتروني مثل «تويتر» و«فيس بوك».

هل تؤثر قراءة الكتاب الإلكتروني في أنماط القراءة؟.. نعم - يقول أصحاب هذا النوع من النشر. فالقارئ عبر الشاشة الإلكترونية لم يعد مستعدا لاستيعاب كميات كبيرة أو قل صفحات كبيرة من المعلومات، بل لا بد من تقديم المعلومات إليه في جرعات صغيرة يستطيع استيعابها.

وهل يؤثر النشر الإلكتروني في الحرف المعتادة في أمور الطباعة والنشر التقليدية؟.. نعم أيضا. فلم تعد هنالك حاجة إلى التصميم الفني ولا إلى التجليد أو التغليف. ثم إن دور المحرر ومهامه تتغير باطراد. فهو لم يعد مجرد مدير مشرف، بل لا بد له من أن يشارك في استخدام الآليات ويقوم بنفسه ببعض عمليات الطباعة والصف والإخراج!