هل يريد أوباما نسيان ماضيه؟

المحرر السابق في «واشنطن بوست» يكتب عن أوباما.. وكتاب سود يهاجمون كتابه

«بريدج» (كوبري): أوباما بين البيض والسود ـ الكتاب: «بريدج» (كوبري) ـ المؤلف: ديفيد رامنيك ـ الناشر: ألفريد آند نوب، (نيويورك)
TT

صدر مؤخرا كتاب «بريدج (كوبري): حياة وصعود باراك أوباما»، للصحافي ديفيد رامنيك، الذي كان يعمل لعشر سنوات في صحيفة «واشنطن بوست». ثم انتقل، قبل عشرين سنة، إلى مجلة «أتلانتيك»، رئيسا لتحريرها.

ويبدو أنه تخصص في كتب عن حياة المشاهير، مثل كتابه «كينغ أوف ذا وورلد (ملك العالم): الملاكم محمد علي: صعود بطل أميركي» ومثل كتاب: «لينين»، بعد نهاية سنواته في موسكو مراسلا لصحيفة «واشنطن بوست».

ويبدو واضحا من عنوان الكتاب الجديد أنه ركز على «حياة» و«صعود» الرئيس أوباما، ويعني هذا أنه ليس كتابا سياسيا بقدر ما هو كتاب شخصي. يقدم الكتاب سنوات طفولة أوباما بشفافية، بصرف النظر عن الجانب العرقي فيها، أسود كان أو أبيض، وليس سرا أن طفولة أوباما لم تكن سهلة:

أولا: دام زواج والده ووالدته سنوات قليلة (يقال إنه تزوجها بعد أن حملت بالطفل أوباما)

ثانيا: تعبت والدته في تربيته، وهي طالبة جامعية.

ثالثا: عرفت الوالدة أن لون ابنها سيكون مشكلة في المجتمع الأميركي، وتعمدت زواج طالب آخر في الجامعة، من إندونيسيا، ثم الانتقال معه إلى إندونيسيا، هروبا.

رابعا، حتى بعد وفاة والدته وتكفل جده وجدته بتربيته، لم تكن طفولته سهلة كأسود وسط محيط من البيض.

لهذا، يفصل الكتاب في شجاعة، طفولة أوباما. طفولة تشبه طفولة «ديفيد كوبرفيلد»، بطل رواية تشارلز ديكنز الشهيرة.

ويقول مؤلف الكتاب ما معناه أنه حتى ديفيد كوبرفيلد كان أكثر حظا من أوباما لأنه كان أبيض في مجتمع أبيض، بينما واجه أوباما إساءات عنصرية واحتقارا في المدارس الأميركية التي درس فيها. لكن أوباما واجه ذلك بشجاعة، وحولها إلى أشياء إيجابية»

أولا: صمت وهدوء اشتهر بهما.

ثانيا: ابتعاد عن شخصية والده المستهترة.

ثالثا: عودة إلى الاسم الأصلي («باراك» لا «باري»).

ولأن جزءا كبيرا من الكتاب شخصي، اعتمد المؤلف على مقابلات كثيرة (ربما مائة مقابلة) مع رجال ونساء عرفوا أوباما، أو درسوا معه، أو صادقوه، منهم بنات بيضاوات صادقهن أوباما قبل أن يصادق ميشيل السوداء، ويتزوجها.

وأيضا، شمل الكتاب خلفية تاريخية للعلاقة بين البيض والسود في أميركا، بداية من تجارة الرقيق.

وفي انحياز واضح، قارن المؤلف أوباما مع جيسي جاكسون، القس الأسود، وآخرين من قادة حركة الحقوق المدنية السود. وقال إن أوباما «أسود من نوع جديد». وأنه «أجبر هؤلاء العمالقة من قادة حملة الحقوق المدنية على الاعتراف بأن جيلا جديدا من السود يريد القيادة». وإن أوباما «سيفتح صفحة جديدة بالنسبة للملايين الذين يعرفون أن وضعهم الحالي ليس ما يريدون، ويأملون أن يكون المستقبل أفضل».

لكن نسيان الماضي الصعب، كما يذهب المؤلف، ليس سهلا حتى بالنسبة للجيل الجديد. فإذا كان أوباما فتح صفحة جديدة، يريد غيره التمهل في ذلك. ويدل على هذا ما كتبت غوين إيفيل، ربما أشهر صحافية أميركية سوداء، عن الكتاب:

أولا، انتقدت مؤلف الكتاب وقالت، لأنه أبيض، يريد الإساءة إلى السود.

ثانيا: انتقدت أوباما، وقالت، لأن أمه بيضاء، يريد نسيان الماضي.

وكتبت: «هل يريد أوباما أن يكون زعيما أسود؟ لا أعتقد. إنه يتردد في ذلك. لكن، يريد منه الكتاب أن يكون ذلك». وأضافت: «أنا السوداء كتبت كتابا قلت فيه إن انتصار أوباما لا يعنى أننا، السود، لم نعد نواجه أي مشكلة. وها هو كتاب أبيض يقول إن التفرقة العنصرية (الخفية) لا تزال موجودة، فاز أوباما أو لم يفز. لكنه لا يقول ذلك مباشرة.» تقصد أن تقول إن البيض مهروا في استرقاق السود في الماضي، ومهروا في التخلص من ذلك، والآن يمهرون في النظر إليهم كبشر غير متساوين معهم.