المؤرخ المغربي عبد الهادي التازي: لا يمكن أن تراني من دون كتاب

عبد الهادي التازي
TT

عبّر الباحث والمؤرخ المغربي عبد الهادي التازي، عضو الأكاديمية المغربية، وصاحب عشرات المؤلفات، عن شغفه بالقراءة بالقول إن مكتبته التي أهداها إلى خزانة جامعة القرويين بفاس، كانت تضم سبعة آلاف كتاب. وفعل ذلك «على الرغم من معزة الكتاب لدي، وعلى الرغم من أني اكتسبت باحتضاني هذه المؤلفات في مكتبتي رحما بيني وبينها»، على حد قوله. ويضيف التازي عن ارتباطه بالقراءة: «أنا الرجل الذي لا يمكن أن تراه من دون كتاب في يده، سواء كنت في السفر أو الحضر، وسواء أكان سفري برا أم بحرا أم جوا».

بدأ التازي يهتم بالقراءة في سن الشباب والمراهقة، «عندما كانت شراييني تعيش مع 18 و19 و20 من العمر، حينها أدركت أهمية قراءة الكتب والمجلات، كما أدركت أن تعلم اللغات الأخرى غير اللغة العربية ضروري للحياة، واستطعت أن أغتنم الفرصة وأنا في السجن (اعتقل بسبب نشاطه في الحركة الوطنية المناهضة للاستعمار) لكي أتعلم اللغة الفرنسية وأنال بعد خروجي من السجن شهادة أكاديمية بها، كما حصلت على شهادة في اللغة الإنجليزية من معهد اللغات ببغداد عام 1966 عندما كنت سفيرا للمغرب في بغداد، حيث ترجمت الكثير من الكتب بعد ذلك من الإنجليزية إلى العربية». ولذلك، يضيف التازي، «أنا أقرأ الكتب والمجلات باللغات الثلاث العربية والفرنسية والإنجليزية، وما زلت أتطلع لمعرفة عدد أكبر من اللغات حتى لا أبقى معاقا».

لا تقتصر قراءات التازي على مجالات بعينها، فهو يقول إن «زمن التخصصات قد ولى وانتهى، فقراءاتي تشمل كل شيء، من مجال العلاقات الدولية ماضيا وحاضرا، إلى ما ينبغي أن نأكل ونشرب»، ويضيف: «على الفقيه أن يقرأ ما يكتبه الفلكي، وعلى الفلكي أن يقرأ ما يكتبه الفقيه، فأنا من الذين يقولون إن على الشخص ألا يغتر بالمعلومات التي لديه ويكتفي بها، فلن يكون الشخص ناجحا إلا إذا اهتم بالمائدة، واللباس، والجو، والزراعة، والماء»، على حد ما يعتقد.

ويوضح التازي قائلا: «إنني أتناول غذائي والكتاب أمام عيني وأستحم والكتاب أيضا أمام عيني، وذلك لكي أستفيد من الوقت، فأنا من الذين يستطيعون أن يقوموا بأعمال كثيرة في وقت واحد، وقد يعتبر البعض أن الأمر يتعلق بمرض من الأمراض، لكنني أؤكد بشكل جدي أني من الناس الذين يقرأون ويحرصون على ألا تضيع منهم الفائدة في كل حال من أحوالهم، فما سمعت بكتاب يتعلق بموضوع من الموضوعات إلا تهالكت عليه، وأعترف بفضله في تكويني وتربيتي».

أما بخصوص الكتب التي أثرت على مسار حياته فقال: «أعتز بالكتب الأولى التي اطلعت عليها في جامعة القرويين والتي تتعلق بمبادئ تكوين الطالب المغربي النموذجي من فقه، ونحو، وصرف، وأدب، وجغرافيا، وفلك، وغيرها من الفنون التي كانت تدرس لنا، فهذه الكتب كان لها أثر كبير على مسار حياتي، مثلما أثر في تكويني مئات الشيوخ الذين تعلمت على أيديهم سواء في المغرب أو المشرق».

ولاحظ التازي أن تسمية هذه الفقرة بـ«رحلتي مع القراءة» لا يمكن أن يمر من دون أن يشير إلى أن أهمية القراءة وتأثيرها على مسار حياته، لا يمكن أن يوازيها سوى تأثير الرحلات التي قام بها إلى مختلف البلدان وتعرفه على الحضارات، ويفتخر في هذا الصدد بأنه قام بـ1281 رحلة بالطائرة، وخصص كتابا إلى رحلته الأولى إلى فرنسا وكيف كان لها تأثير كبير على تغيير مسار حياته، «فمن لم يسافر فقل له إنك صبي!»، على حد تعبيره.