«مهرجان الربيع» يقدم فنون 14 دولة في 3 مدن عربية

التشبيك العربي للمؤسسات الثقافية الخاصة يحصد ثمارا يانعة

مشهد من مسرحية «مدينة المرايا» لروجيه عساف التي ستقدم في القاهرة ضمن برنامج «مهرجان الربيع»
TT

بدأت مؤسسات ثقافية خاصة، وبعضها صغير جدا، تنجح فيما تفشل فيه مؤسسات رسمية عربية لها سلطة ومال، فالتعاون العربي - العربي بين بعض المثقفين الأفراد، والتواصل السريع عبر الإنترنت، بدأ يؤتي أكله، فقد استفاد «مهرجان الرقص المعاصر»، الذي يقيمه الفنان عمر راجح في بيروت للسنة السادسة على التوالي، في دوراته الأخيرة من هذه التسهيلات واستطاع التشبيك مع فنانين في أكثر من عاصمة في المنطقة. وبدل أن تأتي الفرق من أنحاء العالم لتؤدي عروضها في بيروت فقط، صارت تكمل الجولة إلى رام الله وعمان ودمشق. وهكذا توزع التكاليف على 4 جهات، وتنمو إمكانات المنظمين لتطوير مشاريعهم، ويتوحد الجمهور العربي في مشاهدة المهرجان في عدة بلدان. «مهرجانات بيت الدين» قامت بخطوة مماثلة هذه السنة، ربما لا تزال في بداياتها، لكنها تستحق التشجيع، وأقامت ما سمته التوأمة مع «مهرجان عمان». وبحسب نورا جنبلاط، رئيسة «مهرجانات بيت الدين»، فإن هذه الخطوة أنجزت بفضل صداقات موجودة بين أطراف في المهرجانين، لكن المصلحة التي حكمت هذه التوأمة هي الرغبة في تخفيض التكاليف، ورفع القدرة على استقدام فنانين باتت أجورهم مرتفعة بسبب ارتفاع سعر اليورو. وإن كان هذا التعاون بين المؤسسات الثقافية قد بدأ منذ سنوات على نحو خجول، فقد بات يأخذ طابعا أكثر تنظيما. «مؤسسة المورد الثقافي» في مصر، أقامت العام الماضي «مهرجان الربيع الثقافي» الذي تنظمه سنويا منذ 6 سنوات بالتعاون مع الجمعية التعاونية الثقافية لشباب المسرح والسينما «شمس» في بيروت التي يديرها الفنان المسرحي روجيه عساف وزوجته الفنانة حنان الحاج علي، وهذه السنة تتكرر التجربة، بشكل ناجح على ما يبدو. وقد أعلنت بسمة الحسيني المديرة التنفيذية لمؤسسة «المورد»، أن فعاليات «مهرجان الربيع» ستشهدها ولأول مرة، منذ تأسيسه عام 2006، 3 مدن عربية، هي: القاهرة والإسكندرية وبيروت.

ويستمتع أهالي المدن الثلاث هذه الأيام ببرنامج غني، يستغرق نحو 21 يوما، يشارك في أنشطته المختلفة فنانون وكتاب من 14 دولة، هي: أوزبكستان وأفغانستان وكوبا وتشيكيا والعراق وتنزانيا وتركيا والنرويج وهولندا وجنوب أفريقيا وسورية وإيران وتونس، إلى جانب مصر ولبنان. وافتتحت فعاليات المهرجان الخميس 6 مايو (أيار) بحفلين موسيقيين متتاليين لاثنين من أبرز موسيقيي آسيا الوسطى، وهما نوديرا بريماتوفا من أوزبكستان، وهمايون ساكي من أفغانستان، وقام بدعم هذين الحفلين مبادرة الأغا خان للموسيقى. وأقيم الحفلان في قصر «الأمير طاز» في القاهرة، ثم انتقل الفنانان لإقامة الحفلين في اليوم التالي في «مسرح دوار الشمس» في بيروت. ويستمر المهرجان بفرعه اللبناني حتى 27 من الشهر الحالي، حيث هناك أمسيات موسيقية وغنائية لكل من خالد جبران من فلسطين، وإيفا بيتوفا من تشيكيا، وأنور أبو دراغ من العراق، وفرقة «راس ناس» من تنزانيا والنرويج، وفرقة «بارانا» من تركيا وهولندا بالإضافة إلى فنان الهيب هوب والأديب بينيامين زفانيا. وباستثناء خالد جبران الذي يحل مكانه عمر سوسا من كوبا على البرنامج المصري، فإن كل هؤلاء الفنانين سيقدمون حفلاتهم في مصر أيضا. وكذلك يقدم عرض رقص معاصر بعنوان «درويش»، للراقص ومصمم الحركة التركي ضيا عزازي في كل من مصر ولبنان.

برنامج المهرجان في بيروت أكثر تنوعا على صعيد المسرح، إذ ستقدم العروض التالية «المهاجران» لسامر عمران من سورية، و«الشريط الأخير» لأسامة غنم من سورية، و«آخر ساعة» للمخرج التونسي عز الدين قانون، بالإضافة إلى مسرح دمى «الأرض والفصول» لزهرة صبري من إيران.

وهكذا تبدو العلاقات الثقافية العربية بين المؤسسات الخاصة قادرة على إيجاد مساحات تعاون كبيرة، بعد أن اكتشفت مصلحتها المشتركة. وهو ما يبشر بمزيد من التنسيق، مع الاحتفاظ بهامش للحرية لكل طرف يتحرك فيه ويثبت خصوصيته كما يتمناه