زوج مثير للنقاش وزوجة مثيرة للغموض

زوجة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش تنشر مذكراتها

الكتاب: «كلام من القلب» الناشر: سكربنر، نيويورك المؤلفة: لورا بوش
TT

في الأسبوع الماضي، أصدرت لورا بوش، زوجة الرئيس الأميركي السابق بوش الابن، كتاب مذكراتها: «كلام من القلب»، غير أن الكتاب لم يلق ترحيبا حارا من مراقبين وصحافيين (وخاصة نساء) في واشنطن، حيث قضت لورا بوش ثماني سنوات في البيت الأبيض، كسيدة أميركا الأولى، لأسباب عدة، منها أنها لم تكن من النوع السياسي أو النشط، بل ربما مثل والدة زوجها (باربرا بوش، زوجة الرئيس بوش الأب)، «سيدة بيت» في المقام الأول. وخلال سنواتها في واشنطن، لم تقدر على كسب أغلبية الطبقة المثقفة التي تؤثر على الإعلام والثقافة، وخاصة الصحافيات، وأغلبيتهن ليبراليات. وقد تكون عدم شعبية زوجها قد أثرت عليها بطريقة أو بأخرى، رغم أنها، في آخر استفتاء قبل أن يغادرا البيت الأبيض، سجلت شعبية وصلت إلى 70 في المائة، في حين انخفضت شعبية زوجها إلى 20 في المائة تقريبا.

روث ماركوس، كاتبة عمود في صحيفة «واشنطن بوست»، هي واحدة ممن كتبوا مراجعات سلبية عن الكتاب. تقول: في بداية الكتاب، قالت لورا بوش بأنها ستحكي كل شيء. لكنها لم تفعل ذلك. أعتقد أنه من المخجل أن كتابا اسمه «من القلب» سيطر عليه «العقل». كتبت ما تريد أن تكتب، ولم تكتب غير ذلك. لم تكن واضحة، وصريحة. بعد ثماني سنوات في البيت الأبيض في واشنطن، لا بد أنها كانت قادرة على أن تقول أكثر مما قالت.

أما مانويل فرانزيا، فكتبت في «واشنطن بوست»، مقالا شبيها قالت فيه «ذكرت لورا بوش أنها كانت تتحاشى، عندما كانت في البيت الأبيض، أن يراها الناس من خارجه عبر النافذة عندما كانت تدخل غرفة الملابس لتلبس أو تغير ملابسها. وفي كتابها، يبدو أنها تحاشت أن يراها الناس. صار الكتاب مثل لورا بوش وهي واقفة بعيدا عن النافذة».

لكن كوكي روبرتز، المذيعة في إذاعة «إن.بي.آر» شبه الحكومية، دافعت عن الكتاب بقولها «لم تقض لورا سنوات البيت الأبيض تسكب الشاي لزوجها وضيوفه. لم تكن زوجة فقط».

كانت شعبية لورا بوش، ولا تزال، تعتمد على النساء (والرجال) التقليديات اللائي يؤمن بأن سيدة أميركا الأولى «سيدة»، قبل أن تكون سياسية، أو نشطة. قلن هذا الرأي بطريقة دبلوماسية. وإلا، كن سيقارن لورا بوش مع هيلاري كلنتون، التي كانت سيدة أميركا الأولى لثماني سنوات. وشاركت زوجها العمل السياسي. وبعد البيت الأبيض، صارت عضوا في الكونغرس. ثم ترشحت لرئاسة الجمهورية، وتغلب عليها الرئيس أوباما، كما هو معروف. وهي الآن وزيرة خارجية. وربما تريد أن تترشح مرة أخرى لرئاسة الجمهورية.

ولأن هيلاري كلينتون قدمت نوعا جديدا من سيدات البيت الأبيض، ولأن لورا دخلت البيت الأبيض مباشرة بعد هيلاري، قارن الناس بينهما، مؤيدين أو معارضين.

وعلى أية حال، ربما لا يتوقع أحد غير ذلك من لورا بوش. وإذا جاء الكتاب غير مثير، فصاحبته كذلك.

في جانب آخر، أسهبت لورا بوش كثيرا في تصوير ماضيها، في ريف ولاية تكساس (مدينة ميدلاند الصغيرة). وفي تفاصيل كثيرة، وأحيانا مملة، كتبت عن سنوات الطفولة والصبا. وركزت على سنوات تكساس كثيرا حتى صار الكتاب تكساسيا، وكأن تكساس هي كل الدنيا. وعن سنوات البيت الأبيض، كتبت عن بنتيها، والأكل والشراب والملابس وموضات الأزياء النسائية، ومصمميها. وكتبت كثيرا عن ربما أهم نشاط لها عندما كانت في واشنطن: معرض الكتب السنوي (قبل زواجها، كانت تعمل في مكتبة، وقراءة الكتب هي هوايتها الأولى).

وشيء إيجابي آخر، هو افتخارها بالمساعدات التي قدمتها إلى نساء أفغانستان (بعد الغزو الأميركي سنة 2001). وقالت إنها، بعد البيت الأبيض، تواصل الاهتمام بمساعدة الأفغانيات.

لكن، في الجانب الآخر، أهمل الكتاب الجوانب السياسية، وحتى عندما كتبت عن زواجها، وعن أول مرة قابلت فيها زوج المستقبل، استعملت كلمات دبلوماسية وتقليدية.

وفي مرة نادرة وفي جملة أو جملتين وبصورة غير مباشرة، انتقدت باربرا بوش، والدة زوجها (لم تكن علاقتهما وثيقة). وبنفس الطريقة، أشارت إلى إدمان زوجها للخمر حتى توقف (وكان عمره أربعين سنة).

لا يذكر بوش الابن إلا وتذكر الحرب ضد الإرهاب وغزو أفغانستان والعراق. لكن لا يوجد في كتاب زوجته إلا شيء قليل جدا عن ذلك. ولهذا كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» «يظل الزوج مثيرا للنقاش، وتظل الزوجة مثيرة للغموض».

عن سجن أبو غريب (الذي عذب فيه جنود أميركيون معتقلين عراقيين، وأساءوا لهم، واحتقروهم)، قالت: «قام به عدد قليل عقولهم مختلة».

وعن أسلحة الدمار الشامل في العراق (سبب الغزو الأميركي)، قالت: «لم نصدق أبدا أن وكالات الاستخبارات الأميركية كذبت».

وعن رأي الناس في زوجها (كانت شعبيته قد وصلت إلى 20 في المائة تقريبا)، قالت: «عندما توفي الرئيس ريغان أشاد به كثير من الذين كانوا انتقدوه».