الموسيقى العربية الأصيلة نجمة مؤتمر في بيروت

ماذا فعلت الوسائط والشرائط بالتراث الشفهي؟

TT

تشهد بيروت في الرابع والخامس من شهر يونيو (حزيران)، مؤتمرا له عنوان لافت، وعلى الأرجح مضمون يستحق الاهتمام. فنادرا ما تعقد مؤتمرات في المنطقة العربية، على مستوى رفيع يكون موضوعها الموسيقى العربية الكلاسيكية، ولكن هذه المرة ستكون الموسيقى العربية الأصيلة هي المحور وموضع الاهتمام. وتحت عنوان «قرن من التسجيلات، مواد للدراسة والانتقال» تجتمع نخبة من الموسيقيين، والمتخصصين في مجال التراث الموسيقي، لتتداول علميا في الموضوع.

برعاية وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة، ومن تنظيم الجامعة الأنطونية - المعهد العالي للموسيقى، وبالتعاون مع «المجمع العربي للموسيقى» (جامعة الدول العربية)؛ و«جامعة باريس السوربون» (باريس الرابعة) و«المؤسسة للتوثيق والبحث في الموسيقى العربية»، وكذلك «برنامج زكي ناصيف الموسيقي» التابع للجامعة الأميركية في بيروت، ينعقد هذا اللقاء الذي يفتتح يوم الرابع من يونيو، بجلسات تبدأ ظهرا في الجامعة الأنطونية، في منطقة بعبدا، وتعقد جلسات اليوم التالي من الصباح وحتى السادسة مساء في مركز «المؤسسة للتوثيق والبحث في الموسيقى العربية»، في قرنة الحمراء، ويختتم المؤتمر في مبنى «الجامعة الأميركية»، «أسمبلي هول» مساء بحفل موسيقي من «النهضة العربية» مع تخت الجامعة الأنطونية الموسيقي.

وشرح الموسيقي نداء أبو مراد الهدف من عقد هذا المؤتمر بالقول: «مطلع القرن العشرين، من خلال الأقراص (الأسطوانات)، ثم الراديو والسينما والتلفزيون والإنترنت، تم تهميش التقاليد المحلية لحساب منتجات موسيقية تثاقفية يهيمن عليها النظام الهارموني الطونالي الغربي الأصل. وفي نهاية المطاف، احتكرت تلك المنتجات الموسيقية المغربنة حيز وسائط انتشار المصنفات السمعية في خضم عولمة شغوفة بالتطبيع الثقافي. «المؤتمر مدعو - بحسب أبو مراد - لدراسة مندرجات هذه العلاقة الجدلية القائمة بين التقاليد الموسيقية في العالمين العربي والمتوسطي ووسيط التسجيل الصوتي، وخاصة المصنفات المنشورة، وذلك بحسب تعدد المناظير المنهجية».

ينخرط هذا المؤتمر في سياق اتفاقية الحفاظ على التراث الثقافي غير المادي، التي وقعتها عام 2003 الدول الأعضاء في منظمة اليونيسكو، وفي الإشكاليات المقترنة بها. ولهذه الوثيقة الفضل في حث الدول والمنظمات الدولية على الاعتراف بالقيمة الثقافية الكبيرة للتقاليد الشفهية وعلى الحفاظ على تلك التقاليد كونها تراثات. أما التقاليد الموسيقية الأحادية المقامية الحية المهددة بالاندثار، فيشكل التسجيل الصوتي حيالها وسيطا مهما للحفاظ عليها، ولانتقالها بين مرشد ومريد، ولنشرها (لدى جماهيرها الأصلية وجماهيرها الخارجية( وللبحث فيها. لكن استخدام تلك التقنية شكل حافزا مهما لتحول التقاليد.

وقد أخذ هذا التحول في البدء (منذ 1903 والتسجيلات التجارية الأولى في مصر على أقراص الـ78 لفة( شكل تجدد متأصل، ناجم عن فرض قيود تقنية غير مألوفة على الموسيقيين التقليديين المرتجلين.

ويبحث المؤتمر هذه التحولات، وسبل الحفاظ على التراث الشفهي الموسيقي، والتأثيرات التي طرأت عليه، عند الحفظ والتسجيل، وسبل نقله إلى عامة الناس.