كيف حدث ما حدث في «وول ستريت»؟

صحافية تكشف سر الصفقات التي كادت تؤدي إلى إفلاس أميركا والعالم

«كازينو الشيطان» المؤلفة: فيكي وورد الناشر: «وايلي»، نيويورك
TT

 صدر أخيرا كتاب «ديفلز كازينو» (كازينو الشيطان): صداقات، وخيانات، ومغامرات داخل «ليمان بروثرز»، كتبته فيكي وورد، وهي صحافية بريطانية - أميركية شقراء رائعة الجمال. ويكاد شعرها الذهبي الطويل وعيناها الزرقاوان تحول الأنظار عن حريتها، واستقلاليتها، وجرأتها، ودوافعها الأخلاقية في الكشف عن الفساد والطمع في المجتمع الأميركي بصورة عامة، وفي «وول ستريت» (شارع المال في نيويورك) بصورة خاصة، وفي بنك «ليمان بروثرز» الاستثماري بصورة خاصة جدا، وهي موضوع هذا الكتاب.

درست فيكي وورد في جامعة كامبردج في بريطانيا، وحصلت على ماجستير في اللغة الإنجليزية. وقبل خمس عشرة سنة، بعد أن عملت صحافية في صحف بريطانية منها «ديلي تلغراف»، انتقلت إلى الولايات المتحدة؛ حيث عملت في صحيفة «نيويورك بوست»، ثم مجلة «فانيتي فير» الشهرية التي تركز على مقابلات مع المشهورين والمشهورات.

خلال الأسبوعين الماضيين، منذ صدور كتابها، ظهرت في برامج تلفزيونية كثيرة للدعاية لكتابها. لكن صار واضحا أنها، بسبب جمالها وذكائها، صارت «نجمة» تلفزيونية. وفي الأسبوع الماضي، ظهرت في برنامج مقابلات «إيموس» الذي يقدمه مذيع بالاسم نفسه. ويخلط بين السياسة والتهكم. وتهكم على فيكي وورد قائلا: «كتبتِ كتابا عن بنك (ليمانز)، لكنك صرت أشهر من بنك (ليمانز)».

اعتمدت فيكي وورد في كتابها على يوميات خاصة، كتبها واحد من كبار المسؤولين في البنك الاستثماري. وفي المقابلة التلفزيونية، سألها إيموس: «من أعطاك اليوميات؟» أجابت من دون تردد: «اقتلني ولن أقول لك المصدر»، ومزح: «وماذا إذا قلت لك إنك أجمل امرأة ظهرت في برنامج؟». وأجابت ثانية: «اقتلني ولن أقول لك المصدر».

يتلخص الكتاب في اعترافات أربعة أصدقاء، واحد منهم جنرال سابق، وواحد صحافي، وواحد بيروقراطي، ورابعهم أكثرهم خبرة بالمال وأصحاب المال. كلهم كانوا يعملون في بنك «ليمانز» الاستثماري، عندما اتفقوا على تأسيس فرع «جريء» داخل البنك.

خلال التسعينات، نجحت الفكرة قليلا، ومع بداية سنة 2000، مع رئاسة بوش الابن، وإطلاق سراح المستثمرين والمغامرين، نجحت الفكرة كثيرا. ومع نهاية سنوات بوش الثمانية، انهار كل شيء.

ينقل الكتاب انطباعات شخصية للحياة في «وول ستريت»، وللمنافسات، والمناكفات، والمغامرات، والمقامرات، والمؤامرات. ومن هنا جاء اسم الكتاب «كازينو الشيطان».

ولا ينتقد الكتاب الممارسات الاستثمارية العادية سواء في «وول ستريت» أو في بنك «ليمانز». لكنه ينتقد هذه الاستثمارات عندما وصلت إلى مرحلة المغامرات، والمقامرات، وصارت لا تختلف كثيرا عن المقامرة في كازينو من كازينوهات لاس فيغاس (ولاية نيفادا).

وصلت المقامرة إلى مرحلة المراهنة على شركات «ودول» بأنها ستفلس. وطبعا كان غريبا أن تراهن شركة استثمارية على فشل استثماراتها واستثمارات غيرها. وهذا هو الجانب الأخلاقي الذي ركزت عليه فيكي وورد في كتابها.

وهي أول من يقول إن هذه الاستثمارات كانت معقدة وغريبة وليس سهلا تفسيرها، وأن كثيرا من كبار المسؤولين في «وول ستريت» لا يعرفون تفاصيلها. لكنهم كلهم ساروا مع الموجة.

ليس سهلا على المواطن العادي فهم ما حدث في «وول ستريت»، وكاد أن يكون سبب إفلاسها، وإفلاس الولايات المتحدة، وإفلاس العالم الأول. لكن على الأقل، استطاعت الصحافية الشقراء أن تسهل على الناس فهم الموضوع في قالب أخلاقي يجعل كثيرا من الذين يبهرهم جمالها يؤمنون بأن أهم من جمالها استقلاليتها وأهدافها الأخلاقية في معالجة الطمع والفساد في النظام الرأسمالي الغربي.