شهادة «البكالوريا العربية الدولية».. هل تنقذ التعليم؟

تطلق من بيروت ويتم تجريبها في أربع دول عربية العام المقبل

TT

هل بمقدور مؤسسة أهلية خاصة، أن تحدث انقلابا في نظام التعليم العربي، وتخرجه من التلقينية المميتة إلى أفق خلاق؟ هذا هو السؤال الذي تطرحه على نفسك وأنت تستمع للدكتور إبراهيم هلّون، مبتكر نظرية «تربية بناء الملمح» من «مركز البحوث التربوية» في بيروت، الذي يستعد يوم الاثنين 12 يوليو/ تموز/ لإطلاق ما يسمى «البكالوريا العربية الدولية». هذه الشهادة ستعطى بدءا من العام الدراسي المقبل، لطلاب عرب سيخضعون لطريقة جديدة في التعليم الثانوي، دون تعديل على الكتب المدرسية التي تعتمد في بلادهم، مع إضافات طفيفة على المناهج الحالية.

ويشرح الدكتور هلون: «لقد تم الاتفاق مع عشرين مدرسة في أربع دول هي لبنان، والأردن، ومصر، والسعودية. ويتم تدريب الأساتذة على الطريقة الجديدة في التعليم التي سيتبعونها، وتركز بشكل أساسي على تنمية المهارات والقيم وبناء الشخصية، والاكتساب المعرفي. أما الامتحانات، التي سيخضع لها التلامذة بشكل مستمر وكثيف، فهذه جاهزة على موقع مركز البحوث، يسحبها الأستاذ، ويخضع لها طلابه، ويتم تزويدنا بالنتائج، وهكذا نتابع الطلاب يوما بيوم، لنعرف تطورهم، ونتدخل بشكل سريع لتقويم كل خلل. أما الفريق الذي سيتابع هذه العملية التعليمية من بيروت، من خلال ما يسمى غرفة الدعم والمتابعة فهو مكون من نحو مائة فني وأكاديمي متخصص. ولمركز البحوث فريق عمل في كل واحدة من هذه الدول، يراقب العمل على الأرض».

ويعمل المركز منذ عشر سنوات على هذا المشروع التربوي، وقام بعمليات قياس وتقييم للطرق التي يتم بها التعليم حاليا على المستوى العربي، كما أن بحوثا أجريت، ومدارس عدة أخضعت للنظام الجديد خلال السنتين الأخيرتين، يقول الدكتور هلون إنها «جاءت بنتائج ممتازة». إذ إن إلزام الأساتذة بنوعية معينة من الأسئلة، يلزمهم حتما باتباع الأسلوب التعليمي الجديد، وإلا فإن طلابهم لن يتمكنوا من اجتياز الامتحانات، وهو ما يتابعه الفريق المراقب عن كثب، ويتدخل بشكل سريع ليساعد الأستاذ على تقويم أسلوبه، في كل مرة يتم فيها اكتشاف خلل في مكان ما.

ومع أن الموضوع حساس للغاية ويمس التعليم وربما يثير حساسيات في وزارات التربية، فإن الدكتور هلون يؤكد أن «ثمه حماسة كبيرة، ولعل أكثر الدول تحمسا هي المملكة العربية السعودية، فوزارة التربية هناك، عينت مسؤولا لمتابعة تطور البكالوريا العربية الدولية، في ما يجد المشروع في لبنان تفهما كبيرا من وزارة التربية، وبدأ التنسيق معها، علما بأن المدارس التي تم الاتفاق معها، هي من زبدة الزبدة». أما الشرط الأساسي للتعاقد مع أي مدرسة فهو المستوى الجيد، وقبول الأساتذة بمتابعة التدريبات المستمرة التي يفترض أن يخضعوا لها.

وسيبدأ العمل بالأسلوب الجديد في المدارس المعتمدة، بدءا من الصف الأول الثانوي وصولا إلى نهاية المرحلة الثانوية، وبعد ذلك ثمة تطلع لأن يعاد النظر في كيفية التدريس بدءا من الصف الأول الابتدائي.

بما أن العمل حاليا، ينحصر في المرحلة الثانوية، فإن الطريقة الجديدة في التدريس تؤهل الطالب لأن يخضع لامتحان الثانوية العامة الرسمي في بلده ومن ثم يخضع لامتحان خاص تعطى بعده «البكالوريا العربية الدولية». ويتم العمل مع عدة جامعات كبيرة ومعروفة في أميركا وبريطانيا وأستراليا، للاعتراف بالشهادة الجديدة، ولإعطاء أولوية للخريجين الذين يحصلون عليها.

والمركز التربوي للبحوث هو مؤسسة تربوية لبنانية خاصة، منبثقة عن «مكتبة لبنان» التي لها باع طويل في صناعة القواميس والمعجمات، وتتبع لها مؤسسات عدة بينها هذا المركز التربوي الذي ينتج مواد تعليمية مختبرة ميدانيا لمستويات التعليم العام كافة، ويساعد الحكومات في وضع المناهج وتطويرها، بما فيها مناهج إعداد المعلّمين، وتطوير نظم الامتحانات.

الاثنين المقبل يتم إطلاق هذه الشهادة الجديدة في بيروت من خلال مؤتمر يستمر طوال النهار، ثم تبدأ ورشات عمل لتدريب الأساتذة على مدار ثلاثة أيام متوالية، دعيت الصحافة لحضورها والاطلاع على كيفية سير العمل خلالها.

ويبدو هذا المشروع في حال نجاحه، واقتناع وزارات التربية في الدول العربية بجدواه، أن بمقدوره إخراج التعليم من الحالة التلقينية، بفضل التكنولوجيا، التي ستجعل متابعة العمل مع الأساتذة ولو في دول مختلفة ممكنا ساعة بساعة. ويصر الدكتور هلّون على أن مشروعه ليس عربيا فحسب لأن التعليم في أزمة في كل دول العالم، وهو بعد 25 سنة من الأبحاث المتواصلة، يملك تصورا لإخراج العملية التعليمية من مأزقها الحالي.