وزير الثقافة السوري يكتب عن الفن والسياسة

أشاد بنزار قباني والماغوط وانتقد أدونيس

غلاف الكتاب
TT

نالت القضية الفلسطينية بأحداثها وتواريخها وتداعياتها القسط الأوفر من كتاب «بين السياسة والفنون» لوزير الثقافة السوري، الدكتور رياض نعسان أغا، الذي يقع في 260 صفحة، وصدر قبل أيام عن دار «رؤية» للنشر والتوزيع بالقاهرة.

استهل المؤلف كتابه بالإشادة بقرار اختيار القدس عاصمة للثقافة العربية لعام 2010، واعتبره بداية لتنفيذ تعهدات عربية سابقة لتكثيف الاهتمام بالمدينة المقدسة وتذكير العالم بكونها مدينة «محتلة» خاصة أن مسؤوليتها تقع كل مسلم ومسيحي في العالم. وأشار الوزير السوري في كتابه إلى أن «الحقيقة الأولى التي يستفيدها العرب من العدوان الأخير على غزة هي أن السلام مع إسرائيل وهم لا يمكن تحقيقه»، وأن أهم قوة تعتمد عليها إسرائيل «هي الانقسام والتمزق العربي الذي يترك الأمة ضعيفة مستباحة».

وأدبيا، تناول المؤلف عددا من التجارب الشخصية والمواقف التي جمعت بينه وبعض الشخصيات الفنية والسياسية والأدبية، بينهم الشاعران السوريان، نزار قباني ومحمد الماغوط. ويرى المؤلف أن نزار أسيء فهمه، واتهم بشاعر التهتك والمجون، لكنه في الحقيقة، كما قال، يمثل مدرسة فريدة في الشعر العربي الحديث، وأضاف كثيرا للثقافة العربية، وكذلك محمد الماغوط، الذي كانت أعماله الشعرية «تعبيرا جارحا عن مراحل الانهيار العربي». وفي السياق نفسه، تحدث المؤلف عن الشاعر الفلسطيني محمود درويش، ليس فقط باعتباره «شاعر قضية، وإنما شاعر عشق وحب في المقام الأول».

لكن المؤلف انتقد الشاعر أدونيس، خاصة في رؤيته حول انقراض الثقافة العربية، مشيرا إلى أنه يحترم مكانة أدونيس الثقافية، ومن هذا المنطلق يتمنى أن يجند أدونيس تلك المكانة لدعم الثقافة العربية والإسلامية، وليس للترويج لانقراضها، مشيرا إلى أن برامج العواصم الثقافية العربية تنفق الملايين لدعم الحضور الثقافي العربي في العالم. وقال وزير الثقافة السوري: ليت أدونيس يوظف ثقافته وحضوره الأوروبي للدفاع عن أمته، كما فعل إدوارد سعيد، وعندها سينال جائزة الأمة إذا فاتته نوبل، كما يسجل المؤلف استياءه من أدونيس لتوصيف دمشق بالمدينة المغلقة، وتبريره هذا الوصف بشكل يتنافى مع حقائق الجغرافيا والتاريخ.

ومن بين الكتاب الآخرين، الذين تحدث عنهم المؤلف، الطيب صالح، ونجيب محفوظ، إضافة إلى أعلام أحياء، بينهم الفنانة اللبنانية فيروز التي فوجئ بأنها تخشى الكلام أمام كاميرات التلفزيون، والكاتب المصري محفوظ عبد الرحمن، الذي لقبه بـ«مؤرخ التلفزيون»، وآخرين كتب عن ذكرياته معهم.

وتضمن كتاب «بين السياسة والفنون» أيضا مقالات للكاتب حول عدد من الأعمال والأحداث الفنية، بينها عرض لأوبرا «بحيرة البجع» في دمشق، والفيلم السينمائي السوري «سيلينا»، تأليف منصور الرحباني، وبطولة دريد لحام وميريام فارس، وإخراج حاتم علي، ومسلسلات تلفزيونية منها «باب الحارة»، إخراج بسام الملا.

وهناك أيضا فصل حول المرأة، سواء على المستوى الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي، نشر فيه مقالات عن «نساء من لبنان» و«نساء غزة» و«نساء سورية»، كما تحدث عن «عجوز في جنيف» و«امرأة في منزل نجيب محفوظ» و«مبدعة لا تنسى» و«امرأة من هذا العصر»، وأثنى على عدد من الأديبات، بينهن اللبنانية غادة السمان والسورية هيفاء بيطار.

وفي هذا السياق يجيب الكاتب، بالتفصيل، عن سؤال مفاده «هل حقا يكره العرب النساء؟»، مؤكدا زيف تلك المزاعم، مشير إلى أن «الوجدان العربي والإسلامي يصل في تكريم المرأة، أحيانا، إلى حد التقديس، بينما رفض بعض البرلمانات العربية مشاركة النساء في الانتخابات نتاج تخلف راهن لا علاقة له بالتاريخ أو الموروث الثقافي الذي يجد في زنوبيا وبلقيس وخولة وأسماء ونسيبة وشجرة الدر، وغيرهن مصدر فخر واعتزاز بمكانة المرأة العربية».

وفي حديثه عن اللغة العربية وأهميتها، أكد الكاتب أنها الوصفة العلاجية لمواجهة طوفان العولمة والأمركة، الذي اجتاح العالم العربي وهدد هويته وحضوره، لكونها المعادل الموضوعي للهوية، حيث لا توجد أمة بلا لغة، ضاربا مثلا هنا بالعبرية، التي كانت «جامعا لشتات اليهود لقرون، بعدما أصبحت اللغة أقوى من التوراة في قدرتها على تحقيق هوية لأمة لم تكن لها هوية».

وعاب وزير الثقافة السوري، الذي عمل بالإعلام لسنوات طوال، على بعض وسائل الإعلام العربية الحديث بالعامية المحلية، حتى في برامج الفكر والأدب، وفي نشرات الأخبار أحيانا.. وعلى حد قوله: «لئن قبلنا أن تكون العامية لغة المسلسلات التلفزيونية، فإن من الصعب أن نقبل برامج الثقافة والفكر والسياسة بالعامية».