أدباء يقتحمون عالم «صناعة الكتاب» ويفتتحون دورهم الخاصة

إبراهيم عبد المجيد دشن «بيت الياسمين» ومكاوي سعيد يعتبر الأمر رسالة

TT

بعد تاريخ طويل من المشاكسة بين المبدعين والناشرين، قرر أدباء مصريون اقتحام عوالم أصدقائهم اللدودين وافتتاح دور خاصة للنشر، ينشرون فيها أعمالهم ويكتشفون أقلاما جديدة تبحث عن يد تطير بها إلى سماء النجومية والشهرة.

تباينت أسباب إقدام المبدعين على تلك الخطوة، فمنهم من رأى فيها رسالة مكملة لدوره كمبدع، وآخرون اعتبروها ضرورة للتجديد. من بين الأسماء المقتحمة لعالم النشر، الروائي إبراهيم عبد المجيد الذي اختار عنوان رواية شهيرة له وهي«بيت الياسمين» اسما لدار نشر، افتتحها مؤخرا في وسط العاصمة المصرية، معلنا أنه سيخصص الجزء الأكبر من إنتاجها للشباب، مبررا إقدامه على تلك الخطوة برؤيته لأعمال إبداعية لشباب مغمور منشورة على موقع «فيس بوك» والمدونات جديرة بالنشر، لكن دور النشر العتيقة لا تعترف بموهبتهم، لأن أصحابها يبحثون عن الربح السريع.

وتتسع الظاهرة لتشمل أسماء أخرى من بينها المؤرخ قاسم عبده قاسم، المتخصص في تاريخ العصور الوسطى، حيث يملك دار «عين» للنشر، إضافة إلى مكاوي سعيد الروائي الشهير الذي دخلت روايته «تغريدة البجعة» التصفية النهائية لجائزة البوكر العربية عام 2008، والشاعر السماح عبد الله، مدير دار نشر «التلاقي»، والشاعر الجميلي أحمد، صاحب «دار الوعد».

يقول الروائي مكاوي سعيد: «دور النشر الكبيرة لا تتعامل إلا مع المبدعين النجوم، وهو أمر غير صحي، لأن حركات التجديد الأدبي قادها شباب من دور نشر صغيرة ثم أصبحوا نجوما. وقصر النشر على الأسماء المعروفة أشبه بما يفعله النادي الأهلي، عندما يستقدم نجوم الكرة الكبار ويفرغ الأندية الأخرى من لاعبيها».

وعلق مكاوي ساخرا على إمكانية الربط بين مشروع دار النشر والبحث عن الأمان المادي قائلا: «لو كنت أبحث عن المال لافتتحت محل كشري أو مقهى شعبيا، أو حتى كشكا لبيع السجائر والمرطبات، فكلها أشياء أكثر ربحا. لكني أبحث عن قيمة، عن شيء يبقى ويتناغم، بل يكمل رسالتي كمبدع، ويسهم في نشر الثقافة ويدعم المواهب الجديدة».

وعن نشر كتابه الأخير «مقتنيات وسط البلد» في «دار الشروق»، على الرغم من امتلاكه لدار خاصة، وتعاونه مع ناشر آخر قال مكاوي: «الكتاب كان في البداية مجموعة من المقالات نشرتها في صحيفة (البديل)، اقترحت (دار الشروق) علي أن أكتب مقالات أخرى ثم أضمها جميعا في كتاب واحد. اقتنعت بالفكرة وبدأت الكتابة وصدر بشكل أنيق وقيم. فهم أصحاب الفضل في العمل على الفكرة وتنميتها، ولكن لا بد أن أرد لهم الجميل». وقال الجميلي أحمد، مدير «دار الوعد للنشر»، ناشر رواية «الزعيم يحلق شعره» للروائي إدريس علي، التي أثارت جدلا مؤخرا، وصودرت من «معرض القاهرة الدولي للكتاب» في أوائل هذا العام، لتناولها شخصية الزعيم القذافي: «كان هدفي من النشر بعيدا تماما عن الطموح المادي، حاولت ذات مرة الترشح لمجلس إدارة اتحاد كتاب مصر، لم يحالفني النجاح، وفوجئت وقتها بأن أعضاء الجمعية العمومية أغلبهم فوق الستين، فقررت أن أسهم في دخول الشباب للاتحاد عبر تأسيس دار نشر، وحققت هدفي، فبعد عام واحد من تأسيس (دار الوعد) دخل خمسة كتب دفعة واحدة الاتحاد. هناك أجيال كاملة محرومة من النشر والمشاركة في صنع القرار الثقافي وحقهم علينا مساندتهم». وبحسب الجميلي، فإن دار النشر الخاصة به تقدم تسهيلات كثيرة للشباب، فترفض أن يتحملوا تكاليف النشر بل إنهم يساهمون بتكاليف رمزية ثم يشاركون الناشر في أرباحه.

ونفى الجميلي أن يكون قد تعرض لمضايقات في النشر قبل عمله في تلك الصناعة دفعته للعمل بها، مشيرا إلى أن أعماله نشرت في هيئات حكومية، وسلاسل قصور الثقافة، ولم تكن له تجارب في دور النشر الخاصة.

وعن تأثير عمله بصناعة النشر عليه كمبدع وشاعر، قال الجميلي: «إنه كمبدع تأثر سلبيا وضاق وقته، لكن برأيه هناك تأثيرات إيجابية أخرى، منها قراءته لأعمال آخرين وإثراء ثقافته في مجالات مختلفة، لافتا إلى أن الوقوف على كتابات الآخرين وإخراجها في شكل مميز هو عمل إبداعي مواز».