كتاب ومبدعون مصريون ينعون الطاهر وطار

لم يكن روائيا فقط بل مؤسسة ثقافية

TT

استقبلت الأوساط الثقافية في مصر خبر رحيل القاص والروائي الجزائري الطاهر وطار الطاهر بمزيد من الأسى والحزن، مشيرين إلى أن الراحل كان يحمل في قلبه مكانة خاصة وحبا خالصا لمصر ولشعبها، وقد أصدر منها الكثير من أعماله الروائية وخاصة ضمن سلسلة روايات الهلال الشهرية التي تعد من أقدم السلاسل الأدبية وأعرقها في مصر، كما نشرت دار «كيان» في القاهرة أحدث أعماله الروائية «قصيد في التذلل».. في فبراير (شباط) الماضي.

وبنبرة مملوءة بالأسى قال الروائي يوسف القعيد: «إن الطاهر وطار يستحق أكثر من رثاء فهو صديق عزيز وشعرت في السابعة من صباح أمس بصدمة عندما أبلغتني إحدى القنوات الفرنسية بخبر وفاته».. أضاف القعيد «سيظل في ذمة التاريخ أن الطاهر يشكر له أنه كان أول من كتب نصا روائيا باللغة العربية الصافية في الجزائر، وتفرد بذلك عن معظم كتاب الجزائر الذين كانوا يكتبون أعمالهم باللغة الفرنسية وتتم ترجمتها إلى اللغة العربية». وأشار القعيد إلى أن «الطاهر لم يكتف فقط بالكتابة باللغة العربية، بل أسس جمعية سماها (الجاحظية) التي تعد علامة فارقة في التراث العربي، وقد ساهمت جمعيته في نشر الثقافة العربية والاهتمام بالكتاب وإقامة الندوات واللقاءات الثقافية»، وأكد القعيد أن الطاهر كان معنيا في كتاباته بالهوية الجزائرية وارتباطه الشديد ببلده الجزائر ففي روايته «اللاز» تناول في متنها الشأن الجزائري وخاصة فترة الاستعمار الفرنسي والكفاح ضده، وطرح فيها قضية مناضل جزائري، وكيف أنه رفض الارتباط بالحزب الشيوعي وارتبط بمشكلة بلده، مثل أي جزائري ارتبط في حياته بالثنائيات.

وأضافت الروائية سحر الموجي قائلة: «لم يسعدني الحظ وأقابل الطاهر وطار شخصيا، ولكني عرفت من أصدقائي أنه كان صاحب شخصية عذبه، وارتباطي به كان من خلال عدد من أعماله الروائية والقصصية، وخاصة روايته الرائعة «اللاز» التي رصدت تجربة فريدة ومختلفة في الأدب العربي، وأوضحت أننا كمصريين يصعب علينا متابعة معظم الإنتاج العربي لعدم وجوده في الأسواق، وطالبت بأن يتم توفير روايات الطاهر وطار في السوق المصرية حتى يتم التعرف على تجربته لتستفيد منه الأجيال الجديدة».

فيما أكد الروائي إبراهيم عبد المجيد «أن خبر وفاة الطاهر وطار كان مؤلما لكل الكتاب ومن كانت له أي علاقة بالرواية العربية»، وأضاف «لقد قابلته مرة واحدة في حياتي منذ 20 عاما في القاهرة وأتذكر تفاصيل هذا اللقاء إلى الآن، لأنه شخص لا يمكن نسيانه، ويعد الطاهر رائد كتابة اللغة العربية المباشرة في الجزائر، لأن معظم الكتابات كانت تكتب باللغة الفرنسية». وقالت الروائية هالة البدري: «افتقدنا واحدا من كبار كتاب العرب ومن أوائل الكتاب الجزائريين الذين عشقهم القارئ المصري، وعرف من خلال كتاباته الكثير عن المجتمع الجزائري». أضافت البدري «أن الطاهر لم يكتف بالكتابة فقط بل أنشأ مؤسسة صحافية اهتم فيها بإقامة المعارض والندوات واللقاءات الثقافية، وقد لعبت مؤسسته الصحافية دورا كبير بعد الحرب الجزائرية، وردت على الكثير من المحاولات التي شوهت موقفه من الحرب الأهلية»، وذكرت أن روايته «الدراويش» تبنت وجهة نظره. وأرجعت البدري الغموض الشفيف الذي اكتنف شخصية الطاهر إلى كونه بدأ ثوريا في أعماله الأولى ثم تحول إلى اتجاه آخر وهو ما أربك الكثير من الروائيين.

وقالت البدري: «إن مشروع الطاهر يجب أن يدرس ويعاد النظر فيه وفقا للمعطيات والحقائق التي بدأت تتضح في المجتمع الجزائري، وخاصة أنه لعب دورا كبيرا في دعم وإبراز دور المثقف الجزائري، وقد خسره المجتمع العربي والجزائري ».

فيما عبرت الناشرة سمية عامر، صاحبة دار نشر «كيان» عن حزنها الشديد لفراق الروائي الجزائري، وخاصة في رحلة مرضه الأخيرة، وذكرت أنها نشرت آخر روايات الطاهر وطار بعنوان «قصيد في التذلل» كطبعة أولي في فبراير الماضي، وقد لاقت صدى كبيرا بين أوساط المثقفين، وقالت: «إنه يتم الآن التجهيز للطبعة الثانية من الرواية»، وأضافت «أن الدار شاركت بالرواية في مسابقة (البوكر) العربية لهذا العام بعد الحصول على موافقة الطاهر قبل وفاته، حيث رحب بالفكرة، على أمل أن تفوز روايته بالجائزة الأولى أو إحدى الجوائز.