الجهاد المدني وأبعاده

TT

«اللاعنف» اصطلاح مغلوط وترجمة غير دقيقة لفكرة غاندي توحي بالسلبية والاستسلام وعدم النضال ضد الشر والظلم. التفت إلى ذلك الزميل خالد القشطيني، حيث اقترح أن يستبدل بمصطلح «اللاعنف» كلمة «الجهاد المدني» (civilian jihad). وقد أخذ جمهور الباحثين والناشطين في هذا الموضوع باقتراح القشطيني. وكان من ذلك أن تبناه الصادق المهدي في السودان. وقد اشتق هذا الاصطلاح الجديد من وحي الحديث النبوي الشريف عن الجهاد الأصغر، الجهاد بالسيف، والجهاد الأكبر، وهو سعي الإنسان لرد الشر وشرور النفس. فهو اصطلاح مستوحى من فكرة الجهاد الإسلامي، ولكن في اتجاه سلمي لا عنفي ولا إرهابي.

وكان هذا هو العنوان الذي أطلقته منظمة المركز الدولي للنزاع اللاعنفي وأصدرته دار «بلغريف مكملان» في الولايات المتحدة لهذا الكتاب الغني الذي يضم مجموعة من الأبحاث لعدد من المختصين والأكاديميين والعاملين في هذا الميدان. تولت تحرير الكتاب الباحثة الأميركية ماريا ستيفن. وركز المساهمون في الكتاب على الجهاد المدني في منطقة الشرق الأوسط. ولهذا فقد جاء أكثرهم من العالم العربي وإيران، فكان بينهم سعد الدين إبراهيم ورامي خوري ورلي الحسيني وشريف منصور، وأخيرا الزميل القشطيني الذي ساهم بفصل عن استعمال النكتة والسخرية كسلاح جهادي ضد الظلم والدكتاتورية. وعالجت فريبة داودي مهاجر ورؤيا طولي معاناة المرأة الإيرانية وسعيها اللاعنفي لتحسين أوضاعها ونيل حقوقها.

وقد خصص الكتاب قسما كبيرا لموضوع استعمال الجهاد المدني في مقارعة الاحتلال الأجنبي والحصول على حق تقرير المصير. فكتبت ضمن هذا القسم الباحثة ماري إليزابيث كنغ فصلا كبيرا عن نضال الفلسطينيين اللاعنفي ضد الاحتلال الإسرائيلي. وقدم سكوت كندي دراسة ميدانية عن المقاومة الجهادية السلمية التي يقوم بها سكان مرتفعات الجولان.

والمعروف أن جهودا تجري الآن لإصدار نسخة باللغة العربية لهذا الكتاب المهم، ولا سيما بالنظر إلى حيويته وعلاقته بالأوضاع الجارية في منطقة الشرق الأوسط، وشيوع العنف والإرهاب فيها.