كيف رأى نجيب محفوظ ملوك ورؤساء وزعماء مصر؟

الأول من سلسلة عن وصف مصر في أدبه

TT

عن «مركز الأهرام للنشر الترجمة والتوزيع» بالقاهرة، صدر الكتاب الأول من سلسلة «وصف مصر في أدب نجيب محفوظ». وهو من إعداد مصطفى بيومي. وكتب مقدمته د.وحيد عبد المجيد، الذي يقول «أعمال نجيب محفوظ ليست كغيرها في الأدب العربي الحديث. فإلى جانب القيمة الأدبية، التي لم ينفرد هو بها في عصر ازدهار روائي ما زال مستمرا، تبقى لأعماله أهميتها الخاصة التي لا يرقى غيرها إلى مثلها بسبب نفاذها إلى عمق المجتمع المصري.

رسم نجيب محفوظ لهذا المجتمع صورا قلمية مدهشة عبرت عنه بعمق لم يتوافر مثله لعلماء الاجتماع. وطرق محطات في تاريخه على مدى معظم عقود القرن العشرين بحساسية أكثر من المؤرخين. ونقد الواقع السياسي في فترة كان النقد فيها مكلفا، لكنه اعتمد في ذلك على قدرة فذة على الجمع بين الترميز والتصريح مكنته من تقديم أدب نقدي من دون أن يعرض مشروعه الروائي للخطر.

لذلك كله، ولغيره كثير، فهو يعد مؤسس الرواية العربية الحديثة أو رواية القرن العشرين، وصانع الأدب الذي يتنفس ويفيض بالحياة. وفي هذا كله، تناول نجيب محفوظ الكثير من فئات وشرائح المجتمع المصري وأوجه الحياة فيه إلى الحد الذي يتيح لنا أن نعيد قراءة أدبه باعتباره وصفا لهذا المجتمع وتحليلا للكثير من تفاعلاته وتشريحا لغير قليل من مشكلاته. وهذا هو ما يفعله الباحث مصطفى بيومي في هذه السلسلة التي يقدمها مركز الأهرام للنشر والترجمة والتوزيع إحياء للذكرى المئوية الأولى لميلاد نجيب محفوظ. فهو يغوص في أعماق شخصيات نجيب محفوظ، ويسعى إلى تحليل التجليات الحياتية لسلوكها وعلاقاتها وتناقضاتها ومشكلاتها، ويبلور ما يمكن اعتباره وصف نجيب محفوظ لمصر في القرن العشرين.

وإننا إذ نأمل أن تلقى هذه السلسلة ضوءا جديدا على المجتمع المصري في القرن العشرين من خلال أدب نجيب محفوظ، إنما نقدمها مشاركة في حب عميد الرواية العربية، ومساهمة في التراكم المعرفي بشأن أدبه. يتوقف كتاب «وصف مصر في أدب نجيب محفوظ» عند تناول الملوك والرؤساء والزعماء. فلقد ولد نجيب محفوظ في 11/12/1911، في ظل حكم الخديو عباس حلمي الثاني، ورحل الكاتب الكبير في ظل ولاية الرئيس محمد حسنى مبارك، وبين هذين الحاكمين، عاصر محفوظ حسين كامل، والملكين فؤاد وفاروق، والرؤساء محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات. لا يترك حسين كامل أثرا يذكر في أدب محفوظ، وكذلك الأمر بالنسبة للواء محمد نجيب، الرئيس الرسمي الأول للجمهورية في مصر، أما عن الآخرين جميعا فلهم وجود متفاوت التأثير، كما وكيفا، في عالم نجيب محفوظ. ولأن الكاتب الكبير يبدي اهتماما طاغيا بالحياة السياسية المصرية، وتمثل صراعاتها وتحولاتها جزءا مهما من نسيج إبداعه الثري، ولأنه يخفي انتماءه الفكري، دون الحزبي، للوفد، فإنه عظيم الاهتمام بالزعيمين سعد زغلول ومصطفى النحاس، وبهما تكتمل خريطة الدراسة الأولى.

الملوك والرؤساء والزعماء والرؤساء، الذين تتوقف أمامهم صفحات الكتاب الأول، أصحاب بصمة بارزة في صناعة التاريخ المصري، الحديث والمعاصر. قد تختلف حولهم الآراء إلى درجة التناقض، ما بين مؤيد ومعارض، لكن الحقيقة الراسخة المستقرة، عند من يتحلى بالحد الأدنى من الموضوعية، أنهم ينخرطون جميعا في المنظومة الحيوية الفاعلة في صفحات هذا التاريخ، بحيث لا يمكن استيعابه وتحليل معطياته، بمعزل عن إدراك ما قاموا به، سلبا وإيجابا.