«الغاوون» تتبنى قصيدة النثر السعودية

TT

دأبت «الغاوون» على نشر عدة مجموعات شعرية سعودية، يبدو أنه يتم وفق رؤية واضحة وجريئة تتوخى تقديم الشكل الحديث المتطور، الذي بلغته قصيدة النثر السعودية في السنوات الأخيرة. فجميع الدواوين التي نشرتها هي من نوع قصيدة النثر، باستثناء ديوان واحد تفعيلي متميز للشاعر الشاب محمد السقاف، الذي قدم له الشاعر عبد العزيز المقالح.

آخر تلك الدواوين صدر قبل أيام كان ديوان «قبر إلكتروني لكائن افتراضي» للشاعر الشاب حسين المنجور، يصنع فيه الشاعر عالمه الشعري من مفردات تتصل بالعالم الافتراضي، لكن مرفودة بزخم واضح من العالم الواقعي حيث السخط والتمرد يشعلان أطراف الكثير من القصائد، التي تمور بموهبة خصبة لديها الكثير لتقوله مستقبلا. وكانت «الغاوون» قد نشرت أيضا «تمارين الوحش» للشاعر أحمد الملا، وهو يشكل انعطافة في مسيرة هذا الشاعر من حيث تجديد أدوات مختبره الشعري. يقترح الملا في ديوانه تعميق الدور المعرفي في الشعر، حيث نشعر بحمولة ثقافية تتلطى خلف الجمل والاستعارات، مانحة إياها البعد الأنطولوجي المطلوب لكل قصيدة حقيقية، وكذلك نشرت مجموعة «18 يناير» وهي باكورة الشاعر عبد الله فهد، وهو صوت هادئ وعميق، لا يتردد في مواجهة القصيدة بكتابة سيالة ويومية، تقترب أحيانا من قصيدة الومضة وأحيانا أخرى تصبح أكثر وعورة.

«هلوسة تعتمل في فمي» مجموعة أخرى نشرتها الدار للشاعر حسين آل دهيم، وتتميز قصائدها بعمق صوتها وغور قراره، ما يمنحها طزاجة الجديد ودهشته. والحدة الأسلوبية التي تغلف قصائد الديوان تشف عن رقة شعرية ذات معجم غني.

«أهوال الصحو» ديوان الشاعر أحمد الواصل يبرز فيه البعد المعرفي الذي تتحلى به قصائده عادة، لا يخلو شعره من صعوبة على مستوى التلقي حيث يأخذ الواصل في شعره منحى متعرجا، تتعدد فيه الاقتراحات الأسلوبية. «ذاكرة متأخرة عشر ثوان» باكورة الشاعر عبد الله العثمان، صوت عذب ونقي متمكن من أدواته، وهو يجتاز أماكن سردية خطرة في قصيدة النثر. يفاجئنا نضج هذا الشاعر في باكورته هذه، والحنكة الأسلوبية في قول الفكرة ورسم الصورة.

قائمة تنقصها طبعا أسماء كثيرة نتمنى أن تكون في أجندة الدار مستقبلا، لكن كثرة البواكير في تلك الإصدارات تدلل على أن هناك إصرارا على تقديم الأصوات الجديدة والشابة، فمجاورة تلك الدواوين بعضها بعضا تعطي القارئ صورة إيجابية عما بلغته قصيدة النثر السعودية في السنوات الأخيرة من تحديث وانقلاب على السائد.