أطفال دون العاشرة يؤسسون ناديا للكتابة الأدبية يتفاعل على الـ«فيس بوك»

بينما يتخبط «اتحاد الكتاب الجزائريين» في أزمته

TT

بعيدا عن صخب وزحمة وسط مدينة الجزائر، وفي بيت أحد الأصدقاء، التقى مجموعة من الأطفال لم يبلغ سن كل منهم العاشرة، ليعلنوا عن «الدخول الأدبي» بطريقتهم الخاصة. إنه «نادي الكتاب الصغار»، الذي يواصل نشاطه للموسم الثاني على التوالي، في زمن يتخبط فيه «اتحاد الكتاب الجزائريين (الكبار)» في أزمته التي تجاوزت سنتها الخامسة.

كان ذلك يوم الخميس السابع من شهر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، عندما استأنف أعضاء «نادي الكتاب الصغار» نشاطهم برئاسة الطفل الكاتب محمد رياض فني صاحب التسع سنوات، الذي لم يتمالك مشاعره بهذه المناسبة وهو يصرح بكل فرح وعفوية: «أنا سعيد جدا بعودة الأصدقاء، وبداية الموسم الجديد. وخاصة بحضور أعضاء النادي النشطين». وسرعان ما استؤنفت أشغال الجلسة الأولى، عندما اطلع الأعضاء (الأطفال) على ما كتبه كل منهم، وتصفحوا الموقع الإلكتروني الجديد للنادي وهو عبارة عن مدونة إلكترونية بسيطة (يمكن الاطلاع عليها من خلال الرابط التالي: http://petits - ecrivains.blogspot.com. ، كما اطلع الأعضاء على بعض الوثائق التي تخص الموسم الماضي منها بعض الصور الفوتوغرافية وبعض الأفلام التي أرخت لتلك المرحلة المنقضية. وحتى لا يبقى الأعضاء في الماضي، فسرعان ما بدأوا مناقشة بعض المواضيع التي يمكن أن يكتبوا فيها. وفي هذا الصدد، تم الاتفاق على أن موضوعات الجلسات المقبلة ستتمحور حول: فصل الخريف، وجني ثمار الموسم الفلاحي، إضافة إلى الدخول المدرسي من منظور أدبي. وتشعب النقاش ليشمل مواضيع شتى، حيث استذكر الأطفال الأعضاء القرى والمناطق التي زاروها رفقة أهاليهم، وورشات البناء التي شاهدوها وطريقة حصد المحصول الزراعي التي ستكون من أهم المحاور التي سيكتبون عنها في هذه المرحلة.

ويشهد «نادي الكتاب الصغار» موسمه الثاني، وقد تأسس يوم 11 أبريل (نيسان) 2010، وتميز الموسم الأول على قصره الزمني بكثافة النشاط وتنوعه، إذ عقد الأعضاء المؤسسون جلسات مختلفة قرأوا خلالها وتبادلوا الكثير من النصوص والمقالات التي تعنى بعالم الطفل واهتماماته المتنوعة. ويذكر أعضاء النادي أنه من القصص التي تم تقديمها ضمن هذا الإطار «العصفور الصغير» لرئيس النادي محمد رياض فني، وقصة «الخوخة السحرية» لسامي توهامي نائب رئيس النادي، التي جاء فيها: «كان يا ما كان في قديم الزمان كان في فصل الصيف. وكان رجل يريد أن يأكل الخوخ في غابة الخوخ الجميلة. وكان في تلك الغابة خوخة سحرية. ذهب الرجل إلى غابة الخوخ وأكل تلك الخوخة السحرية، فصار ساحرا رائعا. وكان يريد أن يأخذ الخوخ لعائلته، وأخذ لهم الخوخ، وبدأ يبيعه، وعاش سعيدا»، إضافة إلى قصص أخرى للكتاب الأطفال، ماسيل فورار الذي يعتبر أصغر الأعضاء سنا، وريان كاسي ورانيا كاسي، ونذير عدار. ولم يقتصر نشاط الموسم الماضي على الكتابات ذات الطابع الأدبي، بل تعدته إلى مشاهدة بعض الأفلام القصيرة ومتابعة بعض البرامج التلفزيونية، والخروج في راحات سياحية قصيرة إلى ضاحية الجزائر العاصمة في كل من غابة «أولف بالم» وغابة بارادو غير بعيد عن حي حيدرة الشهير بالجزائر العاصمة. كما شارك أعضاء النادي في نشاطات معرض كتاب الطفل الذي أقيم عند مقام الشهيد بوسط الجزائر العاصمة في شهر يونيو (حزيران) الماضي ضمن ورشة للأشغال اليدوية قرأوا خلالها بعضا من إنتاجهم الأدبي.

ويأمل أعضاء النادي أن تتوسع نشاطاته أكثر، مستفيدين من تجربة الموسم الماضي القصير الذي بدأ في فصل الربيع على عكس هذا الموسم الذي بدأ باكرا، وينتظرون أن ينضم إليهم أعضاء آخرون من مناطق أخرى من خلال المدونة الإلكترونية التي وجهوا من خلالها نداء للإسهام فيها.

يعتبر الشاعر الجزائري المعروف عاشور فني، الأب الروحي للنادي والشاهد على ميلاده واستمراره، وهو الذي يصف نفسه بـ«رفيق النادي». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوسم خيرا في أعمال هؤلاء الأطفال وفي مواظبتهم على الحضور وعلى الكتابة في موضوعات متجددة. مهمتي تقتصر على مرافقة الأطفال وتيسير الأمور العملية. للأطفال الآن فضاء إلكتروني هو بمثابة نافذة لهم على العالم، ونافذة للأولياء للتعرف على إبداعات أطفالهم. سعيد أنا بعالم الأطفال هذا، عالم الإبداع والجهد والمثابرة».

ومن سخرية الأقدار، أن «نادي الكتاب الصغار» الذي أسسه ويديره أطفال دون العاشرة من أعمارهم، تأسس في وقت يعيش فيه أعرق تنظيم للكتاب الجزائريين الكبار مصيرا مظلما، وقد دخل أزمة شرعية منذ 2005، ولجأ أعضاؤه إلى المحاكم من أجل الفصل لهذا الطرف أو ذاك، وقد تأثرت سمعته كثيرا وهجره الكثيرون من أعضائه السابقين وأصبح الآن فريسة للصراعات ويستمر بلا نشاط أو موقع إلكتروني أو نشرية تعبر عن حاله، فهلا استفاد «الكبار» من الصغار؟!