بعد قراءات وجولات ومشاهدات عدة من خلال تجواله في الكثير من عواصم العالم، أفرزت تجربة أدبية وشعرية، صدرت للباحث السعودي تركي بن محمد بن أحمد السديري، مجموعة من القصص القصيرة عنونها بـ«سقط سهوا»، وصفها الناقد رئيس النادي الأدبي في الرياض سابقا الدكتور سعد بن عبد الرحمن البازعي بالأعمال الجديرة بالقراءة وتنبئ عن مقدرة قصصية يمكن أن تسفر عن أعمال مميزة.
اشتملت المجموعة على تسع قصص قصيرة حملت عناوين «القصيدة الحلم»، «شيبوب على سيارة مرسيدس»، «سقط سهوا»، «ظاهرة صوتية»، «رسالة»، «إلى متطفلة»، «ليلة موحشة»، «في زمن الضجر»، «إرهاب»، «حرة الروح»، «مغتصبة الجسد».
وأوضح الناقد البازعي في تقديمه للمجموعة أن القارئ سيجد في هذه المجموعة مرواحة بين الفكر والسرد، ستستثيره الأفكار، وسيمتعه السرد، على تفاوت القراء طبعا في ردود فعلهم كما هي الحال دائما، حين يطغى الفكر يميل النص إلى المقالة القصصية، وحين يطغى السرد يتحول الطرح الفكري إلى مساند متوار خلف الشخوص والأحداث، لكن في الحالات كلها نحن أمام أقل ما يقال عنها: إنها جادة وطموحة في سعيها للتدخل في المشهد الثقافي الإبداعي المحلي.
تولي القصة الأولى في المجموعة «القصيدة الحلم» المتعة السردية عناية كبيرة، وقصة «سقط سهوا» تثير قارئها لنهايتها المفاجئة، كما في معظم القصص تم بتفاوت توظيف عنصر المفاجأة. وفي قصة «رسالة إلى متطفلة» كان التكرار في النهاية، يمثل تعبيرا نفسيا عن افتقار المتحدث إلى الثقة بنفسه، ففي تكرار عبارة «أنت متطفلة» كأنه يحاول أن يقنع نفسه بأنه لم يرتكب خطأ.
كما توحي قصة «ظاهرة صوتية» في نهايتها بالتناقض الاجتماعي، لكن من المثير لو أن الطرح الفكري جاء على المستوى نفسه من الإيحاء ولم يتضمن الإشارات الواضحة إلى عبد الله القصيمي أو مفهوم الظاهرة الصوتية. وينسحب الشيء نفسه على القصص التي تشير إلى الإرهاب. لكن يمكن استثناء ما جاء في قصة «ليلة متوحشة» من الطرح الفكري المباشر، حيث تطرح القضية الحساسة حول الإيمان والشك وتأتي النهاية موحية بالمأزق الذي يجد المتحدث نفسه فيه. ففي النهاية يمتزج الدعاء بإيمان العجائز بالدعاء بالرزق، وهو وضع مليء بالمفارقة، مع ما في ذلك من تخلص ذكي من طرح القضية الحساسة على نحو مباشر.
تميزت المجموعة برشاقة الأسلوب والإيجاز، مع إكثار (غير مبرر) للاقتباس في القصص من الشعر والإلحاح على بعض الأطروحات التي تدفع بالقصص نحو الطابع المقالي.
يذكر أن كاتب المجموعة هو تركي بن محمد بن أحمد السديري باحث ومستشار اقتصادي ولد في مدينة الغاط السعودية، حاصل على درجة الماجستير في تنمية الموارد الطبيعية من جامعة ميتشغان الأميركية.