الفرنسية بريجيت لاكومب تؤرشف بعدستها وجوه السينمائيين العرب

«أنا الفيلم» مشروع ابتدأ ولا يعرف متى سينتهي

الفنانة يسرا بعدسة بريجيت لاكومب
TT

لم تخطئ قطر، عندما اعتمدت، الصور التي التقطتها الفنانة الفوتوغرافية الفرنسية ذات الموهبة الاستثنائية بريجيت لاكومب، كجزء أساسي من الحملة الإعلانية لمهرجانها السينمائي الذي اختتم الأسبوع الماضي. وهكذا زينت شوارع الدوحة ومراكزها التجارية صور فنية رائعة لعادل إمام ويسرا ورشيد بوشارب وكارمن لبس، وآخرين من ممثلين ومخرجين مألوفي الوجوه بالنسبة للمواطن العادي، تشجيعا له على حضور المهرجان ومواكبته. هذه الصور هي غيض من فيض المعرض الذي شهدته قطر لصور هذه الفنانة الفوتوغرافية، التي طبعت في كتاب فخم من جزأين، ضم في جزئه الأول بغلافه الكرتوني الأبيض الأنيق صورا من أرشيف لاكومب الذي بدأت بجمعه، وهي تصور وجوه السينمائيين، من مختلف الجنسيات، في مهرجان «كان» منذ عام 1975. أما الجزء الثاني بغلافه الأسود فقد ضم صورا لصانعي الأفلام العرب من مختلف الأقطار العربية. وقد قامت شقيقة المصورة الفوتوغرافية بريجيت لاكومب وهي مخرجة الأفلام الوثائقية ماريان لاكومب بإجراء مقابلات مطولة مع الفنانين قبل التقاط الصور لهم للتعرف على شخصياتهم وتزويد بريجيت بالمعلومات الوافية عنهم كي تتمكن من إنجاز صور لهم تعكس شخصية كل منهم وخصوصيتها. بطبيعة الحال فإن المصورة لا تعرف كثيرا عن السينما العربية أو سينمات المنطقة، لكن المقابلات التي سبقت التصوير ساعدتها في أن تلتقط عدستها كل فنان، في اللحظة التي يكون فيها في حالة مخلصة من التعبير عن الذات. هكذا تجد عادل إمام بضحكته المعهودة، حيث تبقى أسنانه مطبقة على بعضها البعض، ويسرا شاخصة النظر برومانسيتها المعروفة. أما اللبنانية كارمن لبس فتمسك برأسها وفي عينيها وعلى شفتيها ترتسم دهشة سوداوية، الممثلة ياسمين المصري اغرورقت عيناها بالدموع في نفس الوقت الذي تفتر فيها شفتاها عن ضحكة وكأنك تسمع فرقعتها.

هذا الجزء الثاني من الكتاب، المعني بمنطقة الشرق الأوسط هو ثمرة جهد دام عامين جالت خلالهما لاكومب دولا عربية كثيرة إضافة إلى دول أخرى في المنطقة، لتصور الفنانين، وتقيم معرضها ومن ثم يتحول هذا العمل الفوتوغرافي إلى أرشيف مصور يضم العاملين في المجال السينمائي. وقد بدأت لاكومب هذا العمل في ما يتعلق بشقه العربي، بعد اتفاق بينها وبين مهرجان السينما في الدوحة الذي تبنى المشروع. وهو مشروع لا شك مكلف سواء بسبب الانتقال والسفر، لمقابلة الفنانين، أو إجراء حوارات طويلة معهم والتعرف على شخصياتهم، أو لجهة تظهير الصور التي اعتمد فيها اللونان الأبيض والأسود أو لناحية طباعة الكتاب بالقطع الكبير، وعلى ورق لامع وصقيل، يظهر محاسن الصور ومفاتنها. ورغم أن لاكومب التقطت حتى الآن نحو 100 صورة لسينمائيين من المنطقة، فإن المشروع لا يزال في أوله على ما يبدو، وهي تتابع تجوالها في البلدان، ولقاءها للشخصيات السينمائية، دون تمييز بين ممثل ومخرج ومنتج أو بين مخرج لأفلام روائية أو صانع لأفلام وثائقية.

«أنا الفيلم» هو العنوان الذي اختارته لاكومب لتدرج تحته صورها البارعة هذه، وهو العنوان الذي يحمله كتابها المطبوع في ألمانيا، والمحفوظة حقوق نشره لها وحدها رغم أنه أنجز بالشراكة مع «مؤسسة الدوحة للأفلام». وهذا الشعار تبناه «مهرجان الدوحة السينمائي» هذه السنة في كل إعلاناته، كما تمت الاستعانة بأفلام الفيديو التي سجلت أثناء مقابلة الفنانين، لعمل الحملة الدعائية التلفزيونية لمهرجان السينما.

بريجيت لاكومب مصورة فرنسية تعيش في نيويورك، عملت في التصوير الفوتوغرافي لكثير من الأفلام الشهيرة منها ما هو لمارتن كورسيزي، مايك نيكولز، سام مندس، مايكل هانيك وآخرين.

نالت لاكومب في عام 2000 جائزة «اسينستيد» لتصوير السفر، وفي نوفمبر الحالي تنال عضوية صالة المشاهير مدى الحياة في «نادي المخرجين الفنيين» تكريما لإنجازاتها في مجال التصوير.