السعودية: 850 شكوى اعتداء على حقوق المؤلف خلال 2010

وزارة الثقافة والإعلام أصدرت 250 عقوبة بحق منتهكي الملكية الفكرية

TT

تمثل قضية انتهاك حقوق الملكية الفكرية، وخصوصا في ما يتعلق بحقوق المؤلف في السعودية، واحدة من القضايا التي تؤرق العاملين في حقل النشر والتأليف، في الوقت الذي قدرت الندوة الثالثة لقضايا الملكية الفكرية في جدة مطلع هذا العام, الخسائر الاقتصادية التي يتكبدها الاقتصاد نتيجة عمليات القرصنة والاعتداء على حقوق الملكية الفكرية في جميع القطاعات الاقتصادية والتجارية والثقافية بعشرين مليار دولار.

وفي السياق الثقافي، تلقت وزارة الثقافة والإعلام السعودية، ممثلة في الإدارة العامة لحقوق المؤلف منذ مطلع العام الحالي 2010، وحتى شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، أكثر من 850 شكوى، ثبت منها وجود انتهاك لحقوق الملكية الفكرية في 500 شكوى. وقال عبد الرحمن بن عبد العزيز الهزاع، وكيل وزارة الثقافة والإعلام المشرف على الإعلام الداخلي، إن وزارة الثقافة والإعلام أصدرت نحو 250 عقوبة بحق المخالفين لحقوق الملكية الفكرية.

وبيّن الهزاع أن الاعتداء على حقوق المؤلفين المكتوبة والمنشورة كالكتب والمقالات والصور واللوحات التشكيلية هي أكثر المصنفات التي يتم الاعتداء عليها، والتي زاد الإنترنت من حجم هذا الاعتداء، ومنها نسخ الكتب دون إذن المؤلف للكتب الورقية وتحميل عشرات الكتب على أسطوانات ممغنطة، دون علم أو موافقة أصحاب الحقوق، وقد بلغ عدد الشكاوى الواردة للوزارة في هذا الجانب خلال السنوات الماضية 1995 حتى عام 2009 نحو 70 شكوى.

وأضاف الهزاع إلى ذلك عرض الكتب للبيع أو التحميل المجاني لها عبر الإنترنت، بجانب إعادة نشر المقالات الصحافية في المواقع الإلكترونية أو الصحف الإلكترونية بغير أسماء أصحابها.

وذكر أنه من صور الاعتداءات على حق المؤلف إقدام الصحف الإلكترونية على نشر الأخبار والصور من الصحف الورقية دون ذكر المصدر، وإعادة نشر وعرض الصور واللوحات التشكيلية دون معرفة أصحاب الحقوق بذلك، بالإضافة إلى تصوير الأفراد ونشر صورهم في الصحف أو في الإعلانات التجارية أو بالمواقع الإلكترونية دون علمهم أو موافقتهم على ذلك.

وفي هذا السياق أكد الدكتور فهد بن حمود العنزي الخبير القانوني السعودي، عضو مجلس الشورى السعودي، أن المحاكم الإدارية بديوان المظالم تختص بنظر الدعاوى المتعلقة بحق المؤلف.

وذكر العنزي أن الديوان نظر في عدد من القضايا التي تقدم بها أصحابها يتظلمون من قرار لجنة النظر في مخالفات نظام حماية حقوق المؤلف، وأصدرت بها الأحكام المقررة، مؤكدا وجود نوعين من الحماية: الأولى تكمن في رقابة الإلغاء لقرارات اللجنة المشكلة بموجب نظام «حماية حقوق المؤلف»، وكذلك القرارات الصادرة من وزير الثقافة بتحديد المكافآت المالية التي يدفعها المرخص له لأصحاب الحقوق، فإنه إذا ظهر خطأ تلك القرارات أو مخالفته القواعد الشرعية والنظامية، فإن الديوان يحكم بإلغائها واعتبارها كأن لم تكن؛ حماية لصاحب الحق في ذلك. أما الثانية فهي تُعنى بالحماية الجزائية لحق المؤلف، وذلك بإيقاع العقوبات على من يعتدي على ذلك الحق، سواء بالسجن أو الغرامة المالية، أو بشطب الترخيص.

من جانبه أوضح الدكتور خالد بن سعد الصالح المشرف على برنامج الملكية الفكرية وترخيص التقنية بجامعة الملك سعود، أن أساليب الاعتداء على حق المؤلف من خلال التجارة الإلكترونية في السعودية تتمثّل في عدة صور، منها اختراق البيانات وقواعد المعلومات، حيث ظهرت أعداد كبيرة من المقرصنين تمارس هذا النوع من السطو، ما دفع الحكومات إلى سن التشريعات التي تجرم كل أشكال العبث بالمواقع الإلكترونية، وإلى إيجاد البرمجيات والإجراءات الإلكترونية الاحترازية لحماية المواقع.

وفي هذا الصدد أفاد الصالح بأنّ تتبُّع هذه المخالفات وجرائم العبث بالمواقع الإلكترونية وقواعد البيانات في السعودية هو من اختصاص كل من هيئة الاتصالات السعودية والجهات الأمنية بوزارة الداخلية، ولهم القدرة على تتبع العابثين بها وإلقاء القبض عليهم والتشهير بهم ومعاقبتهم بعقوبات رادعة.

يشار إلى أن أول نظام للمطبوعات والنشر صدر في السعودية عام 1933، تلاه صدور أول نظام مستقل لحماية حقوق المؤلفين عام 1990، الذي جاء على إثر النمو التجاري والتطور العلمي والتقني الذي أدى إلى تعدد وسائل النشر، وسهولة ورخص استنساخ المصنفات الفكرية.

وفي عام 1982 انضمت إلى عضوية المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، كما وقعت على اتفاقيات دولية لحماية حقوق المؤلفين، منها الاتفاقية العربية لحماية حقوق المؤلفين عام 1986، والاتفاقية العالمية لحماية حقوق المؤلفين عام 1993، واتفاقية «برن» لحماية المصنفات الأدبية والفنية عام 2003، التي تشرف عليها المنظمة العالمية للملكية الفكرية (ويبو)، وأخيرا اتفاقية «تريبس» عام 2004، وهي الاتفاقية ملحق «ج» من اتفاقيات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية.

وتضطلع وزارة الثقافة والإعلام السعودية بتنفيذ حماية حقوق المؤلف والاتفاقيات الدولية، من خلال إنشاء مكتب مستقل عام 1993، وتم تطويره ليصبح الإدارة العامة لحماية حقوق المؤلفين منذ عام 1999، وأنيط بهذه الإدارة متابعة النظر في قضايا الاعتداءات على حقوق المؤلفين، وضبط المخالفات، وعرض المخالفات على اللجنة المعنية بالنظر فيها، ومتابعة تنفيذ الأحكام الصادرة بحق المخالفين.

كما بدأت الإدارة العامة وفروعها في الفترة الأخيرة في النظر في قضايا الاعتداءات على حقوق المؤلفين التي تقع فيها المواقع الإلكترونية السعودية، أو يملكها سعوديون، إلا أن أهم المشكلات التي تعترض كثيرا من هذه القضايا تتمثل في عدم معرفة أصحاب الحقوق بالعناوين الثابتة لأصحاب المواقع الإلكترونية، وجنسياتهم، والجهة التي تستضيف هذه المواقع، كما يؤكد مسؤولون في وزارة الثقافة والإعلام، وذلك للفصل في ما إذا كانت مواقع سعودية أو غير سعودية، وقد صدر عدد من العقوبات بحق عدد من المواقع الإلكترونية السعودية التي ثبت أنها اعتدت على حقوق المؤلفين، وفق الإجراءات النظامية المعمول بها في كل الدول.