تجربة إيطالية رائدة في إعداد الطفل

«الأطفال ولغاتهم المائة» في كتاب للجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية

الأطفال ولغاتهم المائة - مدخل ريجيو إيميليا - تأملات متطورة تحرير: كارولين إدواردز وليلا جانديني وجورج فورمان ترجمة: د. ليلى كرم الدين مراجعة: د. علي عاشور الجعفر
TT

عن الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية، وهي جمعية رائدة في الوطن العربي في اهتمامها بعالم الطفل من النواحي الأسرية والاجتماعية والمدرسية، عبر دراسات أكاديمية رصينة، تنشرها في مجلتها الدورية «مجلة الطفولة العربية»، وعبر كتبها، الموضوعة أو المترجمة، التي تصدرها تباعا تحت إشراف أساتذة مختصين بهذا الجانب الخطير، وعلى الرغم من ذلك شبه المهمل في أدبياتنا، أصدرت الجمعية - من الكتب الجديدة - كتابا ضخما، 655 صفحة مزودة بالصور التوضيحية، بعنوان «الأطفال ولغاتهم المائة - مدخل ريجيو إيميليا - تأملات متطورة» وهو من تحرير كارولين إدواردز وليلا جانديني، وترجمة د. ليلى كرم الدين، المختصة بعلم نفس الطفل. وراجع الكتاب د. علي عاشور الجعفر، وهو أستاذ مشارك في قسم المناهج وطرق التدريس بجامعة الكويت.

والكتاب، كما جاء في تقديم هوارد جاردنر «يوثق ويوضح مجموعة المدارس المتميزة الباهرة التي ظهرت خلال 40 عاما في ريجيو إيميليا في شمال إيطاليا، وفي الوقت نفسه، يشكل تأملا رائعا لصورة الطبيعة الإنسانية وخصائصها في بواكير سنواتها والطرق التي يمكن بواسطتها إرشادها واستثارتها في مختلف البيئات الحضارية».

وريجيو إيميليا هي مدينة صغيرة في شمال إيطاليا، قام المربون فيها بالتعاون مع الأسر والمواطنين ببناء نظام عام أو حكومي (Public) لرعاية الطفل، وهو النظام الذي اعترفت به المراكز التربوية باعتباره مركزا للتحديث والتجديد في أوروبا، والآن يتزايد الاعتراف به بوصفه نقطة مرجعية ومصدرا لإلهام التربية بالولايات المتحدة.

وقد جمعت البرامج، كما جاء في الكتاب، بين مفاهيم الخدمة الاجتماعية والاقتصادية والخلفيات التربوية، وحصل الأطفال المعاقون على أولوية مطلقة مع تطبيق المسار التعليمي الواحد والمتكامل وفقا للقانون الإيطالي، الذي يوجه ما يزيد على 10% من ميزانية المدينة لدعم هذا النظام الخاص بالطفولة المبكرة، وهو النظام الذي يتكون في المرحلة الراهنة من 13 مركزا للأطفال الرضع والدارجين (للأطفال من عمر 4 أشهر إلى 3 أعوام)، ومن 19 مدرسة لأطفال ما قبل المرحلة الابتدائية (للأطفال عند الأعمار من 3 - 6 سنوات)، وتخدم هذه المراكز والمدارس على الترتيب 47% و35% من كل مرحلة عمرية.

وإحدى الخصائص المميزة والمؤثرة في مقاربة ريجيو، كما جاء في فصل آخر من الكتاب، هي الطريقة التي يشارك فيها الأطفال في بحوث موسعة وعميقة. وتتضمن وجوه النشاط التي يقوم بها الأطفال من الملاحظة المباشرة، وتوجيه الأسئلة للمشاركين المعنيين والخبراء، كما يقومون بجمع المعلومات اللازمة والتعبير عن الملاحظات والأفكار والمشاعر والتخيلات وفهمهم الجديد، بطرق كثيرة ومتنوعة، بما في ذلك الرسم واللعب. ومن المعروف، كما يضيف الكتاب، أن الغالبية العظمى من الأطفال بمرحلة ما قبل المدرسة على الأقل في سن الثالثة أو الرابعة لا يستطيعون حتى الآن أن يعبروا بسهولة عن ملاحظاتهم وأفكارهم والمعرفة الجديدة كتابة، ويمكن أن يقوموا بإملاء أفكارهم وملاحظاتهم للآخرين الذين يمكن أن يكتبوا لهم.

وترى ليليان ج. كاتز، التي كتبت الفصل الثاني من الكتاب، والتي زارت ريجيو إيميليا 7 مرات، أن «أول درس عظيم من ريجيو إيميليا هو الطريقة التي يشجع بها الأطفال الصغار على استخدام ما يطلقون عليه اسم (لغة الرسم)، والوسائط الأخرى التي بها يسجلون ويعبرون عن ذكرياتهم وأفكارهم وتنبؤاتهم وافتراضاتهم ومشاعرهم وغيرها في مشاريعهم، وتكشف ملاحظة الأطفال وهم يعملون في ريجيو إيميليا عن مدى الاتساع والتنوع في الوسائط المرئية التي يستخدمونها».

بالإضافة إلى ذلك، كما جاء في القسم الثالث من الكتاب، فقد أولى التربويون في ريجيو إيميليا خلال السنوات الـ10 الأخيرة اهتماما خاصا للنظرية التركيبية الاجتماعية (Social constructivist) للتعلم، واستمروا في تطوير مدارسهم، وذلك ببحث هذا المنظور النظري بطرق جديدة، فقد أصبحت الأبنية واختيار المواد والطرق الجذابة التي وضع بها التربويون كل هذا للأطفال، دعوة مفتوحة للاستكشاف والاستطلاع، وقد تم اختيار كل شيء بعناية ودقة وتفكير عميق، بهدف خلق التواصل والتبادلات بين الناس والأشياء في شبكة من الارتباطات والأبنية الممكنة. وقد حوَّل التأمل والتفكير الدائم في الممارسة اليومية مع الأطفال، في ضوء هذه النظرية، وكذلك في ضوء ما تعلمه المعلمون خلال هذه العملية، المعلمين إلى ملاحظين ومشاركين للأطفال في عمل المشروع.