من «فتنة» تعليم المرأة.. لأكبر صرح جامعي للنساء السعوديات

TT

أصدر الدكتور عبد الله الوشمي، رئيس نادي الرياض الأدبي، في عام 2009 كتابا مهما يتناول واحدة من أهم قضايا المرأة السعودية، وهي قضية التعليم، يحمل الكتاب اسم «فتنة القول بتعليم البنات في المملكة العربية السعودية: مقاربة دينية وسياسية واجتماعية»، الصادر عن المركز الثقافي العربي ببيروت 2009.

يستعيد الوشمي، ضمن سياق تاريخي، قضية تعليم المرأة في الستينات الميلادية حيث قررت الدولة قبل خمسين عاما افتتاح مدارس لتعليم البنات في السعودية، وهو القرار الذي أثار في وقته الكثير من الجدل. ووسط آراء متشددة كانت ترى أن إخراج الفتيات من بيوت آبائهن للمدارس يمثل «مصيبة عظيمة، وطامة كبرى»، حسمت الدولة الجدل لصالح نقل المجتمع نقلة نحو التحديث.

ورغم ملاحظة المؤلف أن «الرافضين والممانعين كانوا يشكلون الفئة الأقل» (ص 92) فإن الجدل الذي أحدثوه ظلّ ملازما ولصيقا لقضية تعليم المرأة، ويفسر الوشمي في مقدمة كتابه موقف الممانعة لافتتاح مدارس تعليم البنات بأنه «يمتلئ بالبعد الديني والاجتماعي والثقافي والسياسي لفترة مضت من تاريخ بلادنا، وكان مؤيدوه وممانعوه يمثلون نسيجا امتلأت بهم ذاكرتنا على مستوى الفكر أو النسب، وهو ما يخول أبناء الفكر والنسب بإعادة قراءة هذا التاريخ وهذه المرحلة الإشكالية».

وفي موقع آخر، يعود لتفسير العوامل الممانعة لمشاركة المرأة وتعليمها، بأبعاد اجتماعية وبيئية، فيقول «يحضر البعد البيئي ليكون مؤثرا في أحداث هذه القصة فالبيئة القصيمية الموغلة في طقسها الحار الجاف الصحراوي تترك أثرا في طبائع أهلها» (ص 45).

لكن الموقف الرسمي جاء حاسما، فقد أصدر الملك سعود بن عبد العزيز في عام 1959، حسبما نشرته صحيفة «أم القرى» في (21 ربيع الثاني 1379هـ) النطق الملكي القاضي بافتتاح مدارس لتعليم البنات في مدن المملكة الرئيسة.

وقد أثار القرار رد فعل غاضبا لدى الممانعين في مناطق وبلدات سعودية عديدة، وخاصة في مدينة «بريدة» قلب القصيم، الذين سيروا وفدا كبيرا يربو على 800 رجل إلى الرياض لمقابلة الملك لحثه على العدول عن قراره الشهير، وعرفت تلك الأحداث بفتنة تعليم المرأة، حيث ظلّ الجدل يحتدم على مدى سنوات عديدة قبل أن يصبح اليوم واحدا من أكبر مكتسبات المجتمع وإنجازات الدولة. توّج أخيرا بافتتاح جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن أول جامعة متخصصة للبنات في المنطقة وأكبر مدينة جامعية في العالم.