حراك لافت بالملحقية الثقافية السعودية في فرنسا

مشاريع طموحة بعد انحسار نشاطات دول عربية أخرى

إدغار موران
TT

تنهي الملحقية الثقافية السعودية في فرنسا أنشطتها الثقافية لهذه السنة، بمحاضرة ألقاها الخميس 16 يونيو (حزيران)، في مقرها الباريسي، الشاعر والكاتب والإعلامي اللبناني عيسى مخلوف، بعنوان: «معنى الثقافة في عصر التكنولوجيات الجديدة»، وذلك بعد أن حاضرت قبله، في الأسبوع الماضي، سوفي موران، وهي أستاذة علوم اللغة في جامعة السوربون بباريس ومؤسسة مركز الأبحاث حول الخطابات اليومية والاختصاصية، وعضو فريق العمل المعني بالأنظمة اللغوية والعبارات والخطاب، وصاحبة العديد من المؤلفات في هذا الاختصاص. وكان عنوان المداخلة «خطاب الصحافة اليومية: آليات التلقي». وكانت المحاضرة مناسبة لنقاش عميق، من قبل جمهور متعطش للمعرفة، مس جوهر تحليل الخطاب، وتشعبات التحليل وتداخل التخصصات وحضور الآيديولوجيا والتوظيف والاستثمار السياسي.

وتعتبر الملحقية الثقافية السعودية في فرنسا خلال السنوات الأخيرة من الأنشط ثقافيا، مقارنة مع مراكز ثقافية لدول عربية عديدة، كان لبعضها ماض استعماري وتاريخي مشترك مع فرنسا. وليس من الغريب أن الثقافة لها دور كبير في تعميق العلاقات الودية والحضارية مع الآخر المختلف وكذا في التخليص والتخلص من الكليشيهات والستريوتيبات الغريبة التي لا تزال قوية، وحاضرة، باستمرار (قد تغيب تارة ولكنها لا تفتأ تعود!) لدى الغربيين والفرنسيين عن ثقافتنا وديننا وتقاليدنا.. بل إن الثقافة هي المرتكز القوي لحوار الحضارات والثقافات الذي يمكنه أن يخمد بؤر الفتن والأزمات في العالم.

وقد عبرت الملحقية السعودية في باريس، التي تشرف وتعتني بمختلف أوضاع الطلبة السعوديين الذين يتابعون دراساتهم في مختلف الجامعات الفرنسية، عن طموح كبير في تحقيق هذا التحدي في وقت لا يخلو من تفجر النزاعات والمشكلات والعنف.

ولا يمكننا في هذا السرد المبتسر عن هذه الأنشطة التي تضطلع بها الملحقية الثقافية السعودية، إلا التنويه بالدور الذي يلعبه الملحق الثقافي السعودي عبد الله الخطيب، وهو خريج إحدى الجامعات الفرنسية ومثقف ومطلع، بشكل واسع، على مجريات الثقافة والفكر في فرنسا، في السهر على هذه المهمة النبيلة في خدمة الثقافة العربية وفي الانفتاح العقلاني والنقدي على الغرب، إن من خلال عمليات الترجمة أو من خلال تنظيم ندوات عالمية شهدت جامعة السوربون بعض أشغالها، وفي التعريف بالجو الدينامي الذي تعرفه المملكة العربية السعودية في غير مجال.

ولعل إطلالة قصيرة منا على بعض العناوين التي أشرفت الملحقية على ترجمتها من الفرنسية إلى العربية تشهد على الثراء والتنوع والفائدة: «جاك أتالي: مستقبل العمل»، و«سوفي مواران: ملاحظة وتحليل وفهم خطاب الصحافة اليومية»، و«إدغار موران: إلى أين يسير العالم؟» وترجمات أخرى.

إنها جهود ضرورية تكشف للآخر الغربي عن أن الشرق أيضا ثقافة وحوار وانفتاح وتعاون وأمن.