ارتباط الشعر القديم بالدراما

جانب لم يدرس كفاية في النقد العربي

TT

عن مؤسسة «شمس» للنشر والإعلام في القاهرة، صدر كتاب «البناء الدرامي في الشعر العربي القديم» للناقد والشاعر د. عماد حسيب.

يقع الكتاب في 212 صفحة من القطع الكبير. وصمم غلافه إسلام الشماع.

يتناول المؤلف في كتابه الجديد جانبا لم يدرس كفاية، وهو الجانب الدرامي المخبوء في النص الشعري المعاصر؛ بسبب استئثار المسرح والرواية به، فإن تصدي المؤلف للجانب الدرامي في الشعر العربي القديم يرهص بسعي دؤوب يستبطن غور النصوص القديمة لصنع مقدرات شعريتها من خلال رؤية نقدية متسقة، يبدأها د. عماد حسيب بتتبع البواعث التي أدت بالشاعر القديم إلى استخدام عنصر الدراما، انتهاء بتحليل النص في نسغه وبنيته العميقة.

وتؤكد الدراسة في تناولها للتشكيل الدرامي داخل بنية القصيدة العربية القديمة أن هذا التناول يعد جديدا في ظل ما نشهده من فقر في الدراسات النقدية التي تهتم بمثل هذا النوع، وكذلك الإفراط الشديد في الدراسات التي تهتم بالنص الحداثي ونظريات الحداثة وما بعدها.

وتطرح الدراسة في محتواها مجموعة من الدراسات التي جاءت في ثنايا أبوابها وفصولها، تمثل رصدا للمشهد الشعري القديم وارتباطه بعالم الدراما، مثل: دراما الرحيل (ألوان الصراع في النموذج الطللي)، ودراما الحرب (التصوير والحركة الدرامية)، ودراما الحب (درجة الحوارية وأسلوب القص)، ودراما الموت (الحركة من الثبات)، كما تتناول بالدراسة المقطعية مجموعة من عناصر الدراما التي وظفت جزئيا لدى بعض الشعراء، ومثل توظيفها ملمحا بارزا، مثل (القصة الدينية عند أمية بن أبي الصلت)، و(القصة الاجتماعية عند الحطيئة)، وتنوع التشكيل الدرامي في ديوان أبي نواس، و(الصراع الداخلي في صورة الآخر عند تأبط شرا والبحتري).

على الغلاف الخلفي للكتاب نقرأ: «ارتبطت الدراما بالشعر منذ القدم، فقد ربط أرسطو بينهما في تصنيفه للأجناس الأدبية، ولكن أرسطو كان يقصد الشعر الملحمي الذي كان يمثل لغة الخطاب للنموذج الدرامي. أما عن علاقة الدراما بالشعر الغنائي فقد اتضحت، وظهرت عناصر الدراما في هذا الشعر، وأصبح الفعل الدرامي لا يمتد امتداد مسرحية تستغرق ساعتين أو ثلاثا، بل يضغط ويكثف ويعمل طاقته عن طريق التشبيه والتناقض والنكتة والإيقاع والقافية وغير ذلك من معتمدات الفن الشعري.

من هنا شرع هذا الكتاب في الدخول لهذا العالم، وبخاصة أن التشكيل الدرامي تندرج تحته سلسلة من المكونات التي تساعد في العملية الكشفية التي ترتبط بالنص الشعري في ما يسمى بعناصر البناء الدرامي.

ودراسة البناء الدرامي في الشعر العربي الحديث أو المعاصر تكاد تكون أكثر وضوحا من وجودها في الشعر القديم، وقد كثرت الدراسات التي تناولت مكونات جزئية من الدراما في الشعر العربي الحديث. ومن هنا ركزت هذه الدراسة على تناول التشكيل الدرامي داخل بنية القصيدة العربية القديمة. وما كتب في هذا الموضوع قليل، لأن معظم الكتابات تتجه إلى المعنى الدرامي المسرحي، وارتباطه بعالم المسرح».