الوشمي: حضور المرأة في مجلس الإدارة سيكون متميزا

قال إن العمل الثقافي يقوم على التنوع وخلق الشراكات المتعددة

د. عبدالله الوشمي
TT

يعتقد الشاعر السعودي الدكتور عبد الله الوشمي في هذا الحوار أن عدم وجود أي مؤسسة تعنى بالشعر في السعودية يظل خللا في البنية المؤسسية الثقافية، كون الشعر ركنا أساسيا في حياة الإنسان العربي، ومن هنا طالب الوشمي الذي يشغل منصب رئيس نادي الرياض الأدبي، بتأسيس مؤسسة مستقلة تختص بالشعر وتعنى به، وتحمل اسم مركز الأعشى الشعري مثلا، أو غيره من الأسماء الشعرية الكبرى في التاريخ الشعري العربي، وتكون أنشطتها وإصداراتها مقصورة على الشعر فقط.

من جانب آخر، وفيما يخص الأندية الأدبية في السعودية، وتشكيل الجمعيات العمومية، وتنظيم الانتخابات الثقافية لاختيار أعضاء مجالس الإدارة للفترة المقبلة، يأخذ الوشمي على نظام انتخابيات الأندية الأدبية استثناءات مجالس الإدارات للمتقدمين للعضوية، إذ يرى ضرورة أن يتم ذلك من خلال معيار متفق عليه يطبق في كل الأندية الأدبية، دون أن يترك للاجتهادات،

* العملية الانتخابية لتشكيل مجالس إدارات الأندية الأدبية التي تتم في الفترة الراهنة.. كيف تراها؟

- هذا نجاح مطلق على مستوى النظرية، وأما على مستوى التطبيق فلا شك أن المشهد الثقافي يبني خبراته الانتخابية ويعالج مآزقها بشكل دوري، بل إن الوزارة نفسها أعلنت عن وجود ملحوظات على اللائحة اتضحت بعد التجربة الأولى والثانية، أي إن الانتخابات ثقافة كبرى والأندية تطبق مساراتها الآن، وتقوم الوزارة برعاية هذا الحراك.

* ما هي ملاحظاتك على النظام الانتخابي؟

- نحن في نادي الرياض الأدبي لم نخض التجربة الانتخابية حتى الآن، وإنما نحن نعمل على تكوين الجمعية العمومية، وجادون في ذلك، وإن كنت أتساءل عن استثناءات مجالس الإدارات للمتقدمين للعضوية، وأرى أن ذلك يجب أن يتم من خلال معيار متفق عليه، دون أن يترك للاجتهادات، ويمكن هنا أن يتم اقتراح استثناء جميع المشاركين في تنظيم أنشطة النادي ولجانه منذ تأسيسه من شروط العضوية غير المتحققة فيهم، وذلك لأنهم أثبتوا أنهم الشريحة المستهدفة، من خلال خبراتهم وتجربتهم في تحريك أنشطة النادي منذ ثلاثين عاما.

* ما زال هناك جدل يدور حول التجديد والتطوير والانفتاح على الفنون الحديثة في الأندية الأدبية.. أين يقف نادي الرياض منها؟

- لدينا انفتاح مطلق على النت، فلدى النادي موقع حيوي على الإنترنت وصفحة «فيس بوك» وقناة على «يوتيوب»، كما تبنى النادي عروضا مسرحية وأقام دورات في التصوير الفوتوغرافي ونظم معارض متعددة، كما تبنى برنامجا متخصصا في الكتابة الإبداعية باللغة الإنجليزية، وعقد اتفاقيات دائمة مع عدد من الجهات المعنية بالسينما والعروض المرئية، بيد أننا مؤسسة ثقافية متعددة الأنشطة ولا بد من تنسيق المسارات فيها حتى يأخذ كل مسار حقه.

* كيف تقيّم أداء نادي الرياض الأدبي خلال الفترة الماضية؟

- هناك تحول في مفهوم العمل الثقافي من حيث قيامه على التنوع وخلق الشراكات المتعددة، وتم إطلاق برامج متعددة في مختلف المسارات الثقافية، واستضاف النادي عددا كبيرا من اللجان والفعاليات والأنشطة لجهات مختلفة، وعددا من الفضائيات والبرامج التلفزيونية والمسلسلات ومنها: «طاش ما طاش»، واستطاع النادي أن ينتقل ببرامجه إلى الجامعات والمراكز إضافة إلى تأطير أنشطة نوعية دائمة مثل جائزة كتاب العام وملتقى النقد الأدبي وغيرها، ولعل أهم دور مارسه النادي خلال الفترة الماضية هو تجسير العلاقة مع المجتمع لخلق مشهد ثقافي متنوع وتأصيل أن النادي للجميع.

* ألا ترى أن هناك ممانعة داخل النادي خاصة فيما يتعلق بتطوير آليات العمل الثقافي وتجديد الأنشطة والانفتاح على الفنون المختلفة؟

- ليست ممانعة من داخل مجلس الإدارة ولا لجان النادي، وإنما هناك وجهات نظر، وفي النادي يتم التصويت على المشاريع والقرارات بالأغلبية وفي النهاية يحسم القرار لصالح الكفة الأكبر سواء مؤيدين للنشاط أو معارضين له.

* كيف ترى تجربة النادي في الانفتاح على الآخر؟

- استطاع النادي أن يؤسس لأنشطة نوعية كالتواصل النظامي مع عدد من الملاحق الثقافية في السفارات، والدخول في مسار الترجمة في مجلة حقول، وإشراك المرأة في جميع لجان النادي.

* هناك من يقول إن نادي الرياض ما زال يتعامل مع المسرح والسينما والموسيقى ومع التيارات الفكرية المتنوعة ببطء وتحفظ شديدين؟

- أستطيع أن أؤكد أن النادي ليس لديه تحفظ على أي فن أدبي، والدليل على ذلك أن النادي يرعى أنشطة الحلقة الفلسفية منذ سنتين، وهناك منبر الحوار الذي يشترك فيه جميع التيارات الفكرية من رؤساء تحرير ومفكرين ومثقفين، إضافة إلى أنشطة العروض المسرحية والسينمائية الأخرى، وقد نظم النادي بالتنسيق مع الوزارة عدة أنشطة سينمائية وموسيقية لسفارات اليابان وألمانيا وغيرها، واستضاف أنشطة عربية متعددة.

* كان نادي الرياض يعيش قصة نزاع بين المرأة والإدارة.. ما واقع ذلك حاليا وما هي رؤيتكم له مستقبلا؟

- تصنع المرأة مع الرجل رؤية النادي ويقران أنشطته، ولدى النادي عدة لجان تشترك فيها المرأة مع الرجل تماما، بل إن بيت الشعر فيه سيدتان ورجل واحد، وجماعة السرد تضم سيدات، وهكذا في مجلة «حقول وقوافل»، وأعتقد أن حضور المرأة في مجلس الإدارة القادم سيكون متميزا.

* من الملامح البارزة للأندية الأدبية تبني الإصدارات والعناية بها. ما تقييمك لإنتاج النادي في هذا المجال؟

- تمثل إصدارات النادي مسارا رئيسيا لأنشطته، وهي الأكثر من بين الأندية الأدبية، وهنا استشهد بالببلوغرافيا التي أصدرها القاص والباحث السعودي خالد اليوسف، التي اعتبر فيها نادي الرياض الأدبي أكثر الأندية خدمة للأدب السعودي في إصداراته، إضافة إلى أن لدى النادي مسارات متعددة للنشر وهي النشر المشترك مع بيروت والدار البيضاء والنشر العام المخصص للرسائل الجامعية والكتب الثقافية وسلسلة الكتاب الأول الخاصة بالاحتفاء بالإصدارات الأولى وهي تتكامل مع إصدارات النشر الإلكتروني مثل سلسلة ليالي والشعر.

* أسست بيت الشعر في نادي الرياض الأدبي كونك شاعرا، في الوقت الذي تشغل فيه منصب رئيس النادي. هل هذا سبب التركيز على الشعر أكثر من الفنون الإبداعية الأخرى؟

- ليست الصورة كذلك. أسست بيت الشعر من منطق المسؤولية الثقافية، وهي ذات المسؤولية التي جعلتني أؤسس كثيرا من البرامج منها برنامج الكتابة الإبداعية باللغة الإنجليزية، ومنبر الحوار، وسلسلة الكتاب الأول، والحلقة الفلسفية، وغيرها، وعملي في النادي ليس جهودا فردية وإنما يأتي ضمن رؤية مجلس الإدارة، تحصيل مختلف التجارب والاستشارات من زملائنا في المشهد الثقافي من خارج النادي والتي أسهمت في تنظيم المسابقة القصصية المنبرية بشكل ناجح إضافة إلى المختبر القصصي.

* ما هو الدافع وراء مطالبتك بإنشاء مؤسسة مستقلة للشعر؟

- يمثل الشعر ركنا رئيسيا في حياة العربي، وقد نشأت أجياله المبكرة في منطقتنا الحالية، ويؤسفني عدم وجود أي مؤسسة تعنى بالشعر في السعودية، على حين تحتفي الأقطار العربية والعالمية بالمؤسسات الشعرية. ومن هنا طالبت بتأسيس مؤسسة مستقلة تختص بالشعر وتعنى به، وتحمل اسم مركز الأعشى الشعري مثلا، أو غيره من الأسماء الشعرية الكبرى في تاريخنا العربي، وتكون أنشطتها وإصداراتها متخصصة في الشعر فقط.

* كان لكتابك «فتنة القول بتعليم البنات» صدى كبير استرجع بعضا من سجالات الماضي حول تعليم المرأة في السعودية؟

- كان من بين أهداف كتابي الاحتفاء بجهود المرأة في سبيل تعزيز حضورها، وتوثيق أهم مرحلة مرت بها الحركة الحضارية في بلادنا بعد تأسيسها، وهي التي ظلت دون دراسة وتوثيق أمدا طويلا، وقد التزمت المنهج العلمي وأشدت ببعض العلماء الشرعيين الذين كان لهم دور رئيسي في دعم مسيرة تعليم المرأة. واللافت أن بعض المتدينين هاجموا الكتاب بمجرد قراءة عنوانه، وبعضهم قام بالتدليس وحذف بعض الكلمات منه، ونشر مقاطع مزورة ومحرفة منه، واتهامي بما لم أقل.

* صدر لك ديوان «البحر والمرأة العاصفة» والذي حاز جائزة الأمير فيصل بن فهد للإبداع الشعري، كيف تقيمه الآن؟

- كان تجربة أولى لي، وكان أشبه باستحضار شيء غير موجود في محيطي إبان ذلك، أي إنني كنت أكتب بهدف معايشة ما لم أعايشه أحيانا.

* تضمن ديوان «قاب حرفين» ثلاثا وعشرين قصيدة وكانت السمة البارزة في الديوان قصر قصائده.. لماذا القصيدة القصيرة؟

- تمثل القصيدة القصيرة طلقة باتجاه الموضوع الذي تبحث عنه، فأنت توجز أطراف موضوعك في مفارقة واحدة وتؤسس عليها معناك، وقد تتسم لذلك بالغرابة أو الغموض الجزئي، ولكنها تتفق مع سرعة إيقاع العصر الحديث، وتتناسب بدرجة كبيرة مع منبرية الشعر وملتقياته الجماهيرية. وتتميز القصائد القصيرة بشعرنة المفردات، والبناء على المهمل وتفعيل المركبات الصغيرة من النص، وأن تظل المفردات الحياتية قابلة للقراءة كل حين.

* كانت لك تجربة في ممارسة كتابة السيناريو. بماذا خرجت من هذه التجربة؟

- النص المرئي نص تصنعه الكلمة وتؤثث فضاءه، ولذلك فالسيناريو الخاص بالأفلام التوثيقية لا يقل أهمية عن سيناريو الأفلام الدرامية، وقد قدمت عددا من التجارب في هذا المجال.