قصائد تتأمل جنون الأرض

«قصب كله نايات» لمؤيد الشيباني

غلاف المجموعة
TT

عن «المؤسسة العربية للدراسات والنشر» - بيروت، صدر حديثا، مجموعة شعرية جديدة للشاعر العراقي المقيم في دبي مؤيد الشيباني. تقع المجموعة في 160 صفحة من القطع المتوسط، والغلاف من تصميم زهير أبو شايب. ويأتي هذا الإصدار الجديد استمرارا للمسيرة الشعرية لمؤيد الشيباني بعد عدد من المجموعات الشعرية والدراسات النقدية والنصوص المسرحية وغيرها.

كانت المجموعات الشعرية العراقية ولا تزال تنطلق من واقع مأساوي لم ينتجه الأدباء بل أنتجه الواقع. لذا نلاحظ أن الشعر العراقي هو شعر درامي بالدرجة الأولى. في مجموعة الشاعر مؤيد الشيباني التي تتضمن نحو أكثر من خمسين قصيدة، يتجلى ذلك النفس ولكن بأبعاد أخرى. ومنذ القصيدة الأولى في المجموعة وهي «طائر البرق» يضعنا الشاعر في الأجواء الصوفية من خلال استشهاده بمحيي الدين بن عربي. والقصيدة مكتوبة بوعي كامل بما لهذا الوجد من تشظيات في العالمين الواقعي والخيالي. في قصيدة «الليل منذ صباحه يهذي» يختزل فكرته الخلاقة عن الزمن فـ«يلغي الوقت كي يبقى كسولا»، ولا يأتي هذا الإلغاء إلا بعد سفر طويل في الذاكرة. ولكن الليل يقابله النهار، والقصيدة السابقة تقابلها قصيدة أخرى هي «ثمة شمس تطل من النافذة» التي يجسد فيها حالة الاغتراب التي يعانيها غالبية العراقيين، وهنا دبلن بلد الاغتراب، التي «يقطع إليها المسافات وتطول، و«العراق الذي لا يمل دما أو يميل». وتنتقل كل قصيدة من قصائد المجموعة إلى بلد. في «قصعة من رصيف» نجد الشاعر متسكعا على أرصفة باريس أمام بطلته مضيفة الطائرة.

ويصل الشاعر إلى التغريب الأقصى عندما يقول في قصيدة «مجنونة هذه الأرض» مجنونة هذه الأرض؟ أم راحل الطرقات على قلق؟ أي ريح هي الفكرة المرتجاة؟ وأي سؤال هي الأمكنة؟ أي أغنية واهنة؟

ولا ينسى الشاعر أن يتذكر العالم الأسطوري لبلده وادي الرافدين، ففي «عطش أوروك» يرى فيه عطش العراق الحالي، «وعاد إلى احتفال البحث عن ماء/ يرش به المقابر/ عطش عراقي مكابر». وتتكرر هذه الثيمة في قصائد أخرى «الطريق إلى أوتنابشتم» و«حلم على أبواب المستنصرية» و«أجلت موتي كي أراك» وغيرها. وفي قصيدة «قصب كله نايات» التي عنون بها المجموعة، يطلق مجموعة من الرموز: الحلاج والنعمان والحجاج وماسينيون والمسيح وسومر.. أنتم لا تعرفون خبز العراق/ يأكله الجالسون على آخر قطرة نفط في الأرض/ لا تعرفون السماوة/ هل سمعتم بنخيل يتكلم؟