الحجيلان: نربأ بالمثقفين أن يبتلوا بالشك

وكيل وزارة الثقافة السعودية لـ «الشرق الأوسط»: نعمل على المكشوف أمام الملأ وليس لدينا أسرار نخبئها

د. ناصر الحجيلان
TT

اعتبر الدكتور ناصر بن صالح الحجيلان، وكيل وزارة الثقافة والإعلام للشؤون الثقافية، رئيس لجنة الإشراف على الانتخابات، أن انتخابات مجالس إدارات الأندية الأدبية، التي جرى تنظيمها حتى الآن في ستة أندية أدبية وشابها الكثير من الجدل، تجري بشفافية عالية، بحضور جمهور المثقفين وتذاع على الهواء مباشرة، رافضا أي تشكيك في مصداقيتها.

وفي حوار مع «الشرق الأوسط»، قال الحجيلان إن اللائحة التي أقرها المثقفون أنفسهم هي التي «منحت الوزارة حق الإشراف على الانتخابات وتقرير نوع التصويت والطعون»، مضيفا أن المثقفين «إذا وجدوا في المستقبل أن هذا الأمر يتطلب التعديل فلهم الحق في ذلك».

وهنا نص الحوار:

* جرت انتخابات في 6 أندية أدبية حتى الآن، لكن الأندية الأدبية أصبحت لا تمثل سوى الشريحة الأقل في نادي المثقفين الأكثر اتساعا، بسبب التشدد في شروط العضوية، كيف أفضت أول تجربة انتخابية في تحويل الأندية إلى مؤسسات أقل تمثيلا لجمهور المثقفين عن السابق؟

- الأندية الأدبية مفتوحة للجميع وليست حكرا على أعضاء الجمعية العمومية، ورسالة الأندية موجهة للجميع. وبهذا فإنها تتسع لأكبر عدد ممكن من المهتمين بالثقافة والأدب. أما شروط العضوية فهي تنظيمية الهدف منها هو ضبط معايير من يحق لهم العضوية من عدمها، وقد وضع المثقفون أنفسهم هذه الشروط في اللائحة، وكان دور الوزارة هو إقرار ما توصل إليه المثقفون من اشتراطات وضوابط صدرت في لائحة الأندية الأدبية.

* هل أنتم راضون عن أعداد الجمعيات العمومية في الأندية، بعد أن أدى التشدد في شروط العضوية إلى حرمان آلاف المثقفين من فرصهم في المشاركة؟

- كما ذكرت، فهذه الشروط وضعها المثقفون أنفسهم، أما وصفها بالتشدد فهو أمر قابل للنقاش مع المثقفين أنفسهم. ومع أن الوزارة لا علاقة لها بهذه الشروط، فإنها لاحظت أنه لو كانت الشروط مشددة، لما حظيت الجمعيات العمومية بأعداد غفيرة وصلت في بعض الأندية إلى 525 عضوا وعضوة، وهو رقم مشجع لجمعية عمومية في النادي الأدبي.

* كيف يمكن لنادي الرياض الأدبي المدينة الأكبر في المملكة أن يضم هذا العدد الضئيل من الأعضاء، (157 عضوا)؟ ألا ترون أن هذا العدد يعكس سلبية قانون التسجيل؟

- هناك عوامل ثقافية واجتماعية ومكانية تحيط بكل مجتمع وتؤثر عليه وتحدد اختيارات الناس وأنشطتهم، ففي مدينة كبيرة كالرياض هناك عدد كبير من الكليات والمراكز الثقافية والجامعات والكليات والمكتبات والجهات التي تقدم أنشطة ثقافية وأدبية منوعة، والنادي الأدبي واحد من عدد من تلك الجهات، ولكنه ليس الجهة الوحيدة التي تقدم النشاط الثقافي كما هو الحال في بعض مدن المملكة الأخرى. ومن الطبيعي في ظل هذه الظروف أن يتوزع الناس على عدد من الجهات، بينما في المدن الصغيرة قد يكون النادي الأدبي من الوجهات القليلة المتوفرة التي تجعل الإقبال عليه يبدو أكثر من غيره. أضف إلى ذلك أن هناك ظروفا لدى الناس بعضها شخصي وبعضها له علاقة بوسائل التواصل مع النادي وبعضها له علاقة بموقع النادي الجغرافي وبعضها متصل بالمسؤوليات الأخرى التي ينهض بها الشخص، ولكن كل تلك العوامل مجتمعة تحيط برغبات الناس في المدن الكبرى وربما تحول بينهم وبين التسجيل في الأندية الأدبية في الوقت المحدد.

* هناك مثقفون يتهمون الوزارة بالتدخل في حسم نتائج الانتخابات، إلى أي مستوى يمكن للوزارة، ولكم كمشرفين على انتخابات الأندية، تأكيد استقلالية الانتخابات وعدم التدخل في تحديد نتائجها؟

- الناخبون هم الذين يحسمون موضوع نتائج الانتخابات وليس للجنة المشرفة أو الوزارة علاقة بذلك. والانتخابات تجري أمام الجمهور وتنقل على الهواء مباشرة ويحضرها مراقبون وصحافيون، ولجنة الإشراف تجلس أمام الجميع وليس لها إلا متابعة سلامة الإجراءات في التسجيل وتسلم الأجهزة والتأكد من عملها ثم الشروع بالتصويت، وتلقي النتائج الأخيرة واعتمادها ثم إعلانها في اللحظة نفسها.

ونظام التصويت الإلكتروني متبع في جهات حكومية مختلفة والوزارة ليست أول جهة تستخدمه. وعلى أي حال، فإننا نتعامل مع الجميع من منطلق الثقة والتعاون، ونربأ بأي أحد أن يدخل في بوابة الشك التي لا حدود لها، فهي بوابة شائكة ومن يخوضها لن يقف عند مستوى معين؛ وستكون حاضرة مع أي شكل تجري فيه الانتخابات (الإلكترونية والورقية والشفهية) بل وسترافق كذلك التعيين، ولن يصل صاحبها إلى الاطمئنان إلى أي عمل لأن الشك بطبيعته نابع من مخاوف متوهمة قابلة للزيادة مع كل وهم جديد.

* ماذا بشأن الوزارة؟

- الوزارة جهة محايدة وليس من مصلحتها ولا من أهدافها أن تحابي أو تنتقي وإلا كان الرجوع للتعيين أفضل في هذه الحالة. الوزارة فتحت مجال الانتخابات باختيارها لكي يقرر المثقفون والمثقفات من يريدون، وبهذا ينتفي أي تدخل مهما كان. ولعلي أضيف أن المجتمع يعول كثيرا على المثقفين في إنجاح هذه العملية الديمقراطية ويتوقع منهم أن يكونوا مثالا لتجاوز كل السلبيات، خصوصا أن المثقف ينظر إليه هذا المجتمع على أنه يمثل فكرا مميزا وضميرا حيا صادقا يعبر عنه أمام العالم.

* نعلم أن الجمعيات العمومية كانت تنظم العملية الانتخابية، لكن عملها يتم تحت قوانين الوزارة، وبإشرافها، ولا شك أنكم لاحظتم أن هذا التدخل من الوزارة أدى إلى خلاف، خاصة في انتخابات الأحساء، وتمديد التسجيل في الرياض. ألا ترون أن الوزارة بحاجة إلى تفسير إجراءاتها؟

- القوانين المشار إليها ومهام الإشراف موجودة في اللائحة التي وضعها المثقفون، ولم يخرج العمل عما هو مقرر في اللائحة، ولم يحصل تدخل في عمل الأندية. ولا بد من التوضيح هنا، أن البعض يفسر الرد على الاستفسارات التي تردنا من بعض الأندية الأدبية بأنه تدخل في عمل النادي، وهذا غير صحيح. فنحن نتجاوب مع الاستفسارات والأسئلة التي تردنا من الأندية الأدبية ونرد عليها من واقع اللائحة والنظام دون أن نملي شروطا ولا تعليمات، ويترك الأمر في جميع الحالات إلى قرار مجلس الإدارة. والمثالان المذكوران في السؤال لم يحصل فيهما أي تدخل من الوزارة، فالقرارات المعمول بها هي التي أقرها مجلس إدارة النادي.

* على الرغم من أن الوزارة اعترفت بوجود خلل في العملية الانتخابية في الأحساء فإنها أرجعت قرار إعادتها للجمعية العمومية تحت شروط من الصعب تحقيقها.. ألا يعني ذلك أن الوزارة ستتحمل مسؤولية قيام مجلس إدارة مطعون في شرعيته ومصداقيته؟

- جمعية الأحساء تضم ما يزيد على خمسمائة عضو، والذين تقدموا بالطعون هم خمسة أعضاء فقط، أي أنهم أقل من 1 في المائة من المجتمع. وإذا لم توافقهم الجمعية العمومية على طعونهم، فهذا يعني أن الجمعية العمومية مقتنعة بنتيجة الانتخابات وراضية بها، وخاصة أن تلك النتيجة لم يؤثر فيها انقطاع التيار الكهربائي المفاجئ لإحدى قواعد المعلومات (كما سبق إيضاحه في بيان بهذا الخصوص). ولم تكن هناك أي صعوبة في تحقيق شرط إعادة الانتخابات في حال رغبت الجمعية العمومية في ذلك، فقد تم اختيار الوقت المناسب للأعضاء بعد فترة العيد بوقت كاف وقبل الدراسة، وكانت المدة والتوقيت مناسبين، ثم مددت الفترة لإعطاء مزيد من الوقت إلى يوم الأحد من الأسبوع الأول من الدراسة، لكي نعطي الجميع فرصة كافية وعادلة للحضور للنادي وتسجيل طلباتهم. وأعضاء الجمعية في هذا هم أصحاب القرار النهائي في المضي قدما في تصويتهم السابق وإعطاء مجلس الإدارة المنتخب الثقة أو إعادة التصويت من جديد، ونحن نرحب بأي قرار تنتهي إليه هذه الجمعية.

* ما دخل الوزارة لتقرر التصويت الآلي أو غيره، أو تقرر طريقة الطعون والبت فيها.. ما دامت الانتخابات في الأصل تخضع لتنظيم لجان مشكلة من الجمعية العمومية.. هل هناك مخاوف لدى الوزارة خاصة بالنسبة للتجربة الانتخابية الأولى؟

- الذي منح الوزارة حق الإشراف على الانتخابات وتقرير نوع التصويت والطعون هي اللائحة التي أقرها المثقفون أنفسهم. وإذا وجدوا في المستقبل أن هذا الأمر يتطلب التعديل فلهم الحق في ذلك. والوزارة تجد أن الإشراف على الانتخابات مسؤولية وتبذل جهدها للوفاء بمتطلباتها. وليس هناك أي مخاوف لدى الوزارة من خوض هذه التجربة، ونحن نرصد جميع التعليقات والآراء التي صاحبت هذه الانتخابات ونعمل على الإفادة منها بعد مرور عام على الانتخابات، ودراسة الجدوى والآثار المترتبة على هذه التجربة الانتخابية للاستفادة من الملحوظات في أي منجز ثقافي نخطط له.

* هل هناك إجراءات ستتخذها الوزارة لمزيد من الشفافية وطمأنة الرأي العام؟

- منهجنا الذي نعمل به هو الوضوح والشفافية؛ فالعمل مكشوف أمام الملأ، وليس لدينا أسرار نخبئها، والجميع يستطيع أن يراقب سير الانتخابات على الهواء مباشرة. وهناك كذلك لقاء صحافي يوضح للجمهور إجراءات التسجيل والفرز والتصويت وكل ما يتعلق بالعملية الانتخابية، أضف إلى ذلك، لدينا لجنة تقوم بالتجاوب السريع والمباشر مع أي استفسار يخص هذه العملية والتعريف بها. وتسعى وكالة الوزارة للشؤون الثقافية إلى وضع رابط في موقعها على النت لتوضيح المعلومات غير الدقيقة التي تنسب إليها أو تحيط بالعملية الانتخابية. وندعو الجميع لتحري الدقة والصدق والموضوعية ومحاولة تغليب المصلحة الوطنية العامة على المصالح الفردية. ونؤمل أن يساهم الجميع في العمل الصادق والواعي من أجل إنجاح هذه التجربة الوطنية والاستفادة منها وتقويمها، للوصول إلى نموذج مثالي يطمح إليه المجتمع الثقافي ويلبي طموحاته وآماله في إدارة العمل الثقافي.