لبناني يجمع تسجيلات 45 ألف فيلم ومسلسل لكبار الفنانين

بعضها نادر ويعود إلى ثلاثينات القرن الماضي

أبو كامل يقف أمام مجموعة من أفلامه وأقراصه المدمجة
TT

بكل سهولة هو قادر على تذكر وتعداد آلاف الأفلام الأجنبية والعربية التي يمتلكها، فضلا عن أسماء أبطالها منذ عام 1932 وحتى اليوم.

أفلام عرضت على شاشات ثماني سينمات في مدينة صيدا (جنوب لبنان)، لم يكتب إلا لاثنين منها البقاء. أفلام ومسلسلات عربية وأخرى مدبلجة، مسرحيات، أفلام أجنبية بعضها من الغرب الأميركي (الويسترن)، أفلام هندية تاريخية نادرة، برامج أطفال (بلغات عدة)، وغيرها الآلاف، كلها تأخذ مكانا لها في منزل ابن مدينة صيدا إبراهيم فضة.

ويقول عاشق أفلام الفيديو في حديثه لـ«لشرق الأوسط»: «كل أفلام الشحرورة (صباح) منذ بداية مشوارها السينمائي وحتى اليوم، كذلك الأمر بالنسبة للفنانين والممثلين أمثال إسماعيل ياسين، فريد شوقي، أسمهان، أم كلثوم، عبد الوهاب، محمد فوزي، عبد العزيز محمود، فؤاد المهندس، هدى سلطان، علي الكسار، أميرة أمين، رشدي أباظة، متوفرة لدي، وقد حفظتها عن ظهر قلب».

منذ كان في العشرين من عمره، راح فضة المعروف باسم أبو كامل، يجمع أفلامه التي تقدر بـ45000 فيلم، فترة كانت تدعى فيها السينما في صيدا بالسينما الخرساء، وتتخذ من ميناء المدينة موقعا لها، في حين كان أصحابها من آل الترياقي.

معظم أفلام الرجل السبعيني دفع ثمنها من جيبه الخاص، وكان المال متوفرا آنذاك (في الخمسينات)، نظرا لحيوية المجال السينمائي، أما اليوم فإن هذا النوع من الأعمال قد تراجع كثيرا.

جهاز الفيديو انقرض، ليحل مكانه التلفزيون، وجهاز الـ«دي في دي» والإنترنت، في كل بيت، أما السينما ومسارحها فقد فقدت سحرها. واقع حمل فضة إلى المباشرة بنسخ أفلامه على أقراص مدمجة، من أنواع جيدة كال «إل جي» و«سوني» منذ سنوات عدة، بغية مجاراة ما فرضته التكنولوجيا من تقنيات، وهو يشدد أمام ضيوفه، على نقاء الصورة حتى التي لا تزال بالأبيض والأسود.

روكسي هو اسم أول سينما تم افتتاحها في صيدا عام 1950، وقد عمل فيها هاويا يجمع الأفلام لمدة يومين في الأسبوع، ويستذكر الرجل: «كنا نعرض 20 دقيقة فقط يوميا من كل فيلم أجنبي مترجم، حيث كانت تصل مدة بعض الأفلام إلى 6 ساعات، وذلك كضمانة لعودة الزبون مجددا. أما البطاقات فكان سعرها قرشين، دون تمييز بين مقاعد الصالة الأساسية وشرفاتها».

وفي نظرة سريعة إلى الأفلام الأجنبية، يلفتك في مجموعة فضة المقدر عددها بالآلاف، عناوينها وأسماء أبطالها المسجلة عليها وتقرأ: «دقت الأجراس لأنطوني كوين»، و«القرصان الناري لبرتلند كيستر»، و«فرسان المائدة المستديرة لروبرت تايلور»، و«شمشون (1949) لفيكتور ماتيور».

واللافت أن رقم هاتف أبو كامل مدون على جميع أفيشات أفلامه الموزعة بين خزانتين ضخمتين، عمرهما يناهز عمر محتوياتهما. وتجد الأفلام أيضا بين أدراج المطبخ، وغرفتي النوم والاستقبال، وفي عشرات الصناديق الكرتونية، والأكياس البلاستيكية الموزعة في غرفة النوم.

وردا على سؤال، يجيب فضة: «بيروت كلها تعرفني، والجنوب أيضا، خاصة صيدا وصور والنبطية، ما زلت حتى اليوم أغني مجموعتي بكل جديد اعتدت على شرائه من شركات خاصة في بيروت، لأبيعه أو لأقوم بتأجيره لبعض المحلات في صيدا».

عملية البيع عند من يصف مجموعته بالكنز، تتراوح أسعارها بين 10 دولارات و1000 دولار، عازيا السبب في ارتفاع الأسعار أحيانا إلى امتلاكه أفلاما نادرة لأبطال مصريين وأجانب، كعمر الشريف، ومحمد أمين، ومحمود شكوكو، وهدى شمس الدين، وأم كلثوم ومارلين مونرو، وجين رسل.

أسماء عربية تعيد أبو كامل إلى قصص أيام زمان، أيام زار فيها مسارح صيدا، التي تحولت اليوم إلى مطاعم ومحلات تجارية، ومحلات للألبسة والأحذية باستثناء سينما أشبيليا وشهرزاد اللتين لا تزالان تعرضان الأفلام في مناسبات خاصة على حد قوله.

ويؤكد فضة أنه غالبا ما يكون السباق في الحصول على النسخ الأولى لأي فيلم يتم عرضه في صيدا، مبديا أسفه على ما حل برواد السينما بين عامي 1975 و1990، إثر الحرب الأهلية والاعتداءات الإسرائيلية، وكذلك في حرب يوليو (تموز) 2006، حيث انتشر العنف والحرب وضربت «فورة السينما» مما دفع بروادها إلى ملازمة منازلهم، حفاظا على حياتهم.

وحول وضعه المادي، في ظل انقراض جهاز الفيديو يرد فضة: «الحمد لله الحالة مستورة، لا تزال بعض القنوات التلفزيونية تشتري مني، والأمر ينسحب على أشخاص وشركات أفلام مصرية».

وحتى الأطفال لهم ما يرضي أذواقهم، حيث تستوقفك مئات البرامج القديمة والجديدة، ومنها: «هركلز»، «طرزان»، «السنافر»، «غراندايزر»، «ساسوكي»، «الكابتن ماجد» وغيرها.

وفي الختام، يشير من بات لديه إيمان راسخ بأن إرادته كفيلة بالحفاظ على مجموعته من التلف، معتمدا في ذلك أكثر من وسيلة، دون أن ينسى المسنين في صيدا، ويوضح في هذا الشأن «أقوم بتأجير أفلامي القديمة لجمعيات المسنين، وللمسنين في منازلهم، ليتذكروا أفلام أيام زمان، خاصة النادرة منها، وأمنيتنا جميعا أن تعود الحقبة الذهبية، التي تميزت بها السينما آنذاك، لا أن نرى جزءا من الفن السابع يموت أمام أعيننا».