الرخاوي: تمت خصخصة «البلطجة» بعد أن كانت رسمية تمارسها جهة واحدة

كل إنسان ديكتاتور صغير وقد يتحول إلى طاغية

TT

ما الذي يقوله علم النفس في الثورات العربية؟ هل يمكن تحليل نفسية الطغاة من خلال ما نشر عنهم في الصحف؟ وهل الثوار مهيأون لبناء مجتمع ديمقراطي على أشلاء الدول التي خلفها حكامهم السابقون؟ وكيف نقرأ ظاهرة الجموع التي تبحث عن قائد؟ وما هي ملامح المستقبل، لجيل عربي عاش عنفا وحروبا وشاهد دفق الدماء؟

صابرين شمردل

تعددت التحليلات حول الربيع العربي الذي أطاح حتى الآن بثلاثة رؤساء في تونس ومصر وليبيا، ولا تزال جذوة هذا الربيع متقدة في اليمن وسوريا. لكن خريطة القراءات هذه رغم أهميتها تفتقد البحث في سيكولوجية هذا الربيع، ووضعه في مرآة علم النفس، ومن منظور علمي، لا يكتفي برصد الرتوش من خارج المشهد، بل يبحث في ظلاله المنسية.

في هذا الحوار مع «الشرق الأوسط» بالقاهرة يقدم لنا عالم النفس الشهير الدكتور يحيى الرخاوي مقاربة إضافية لتجليات الربيع العربي، وما ينطوي عليه من ظواهر سيكولوجية، انبثقت من إرث الاستبداد، وصراعات السلطة والحروب وغريزة العدوان، وشرعية الثورة والدفاع عن أحلام مجهضة. وتطرق الحوار لقضايا أخرى وفيما يلي نصه:

> الآن وعلى مر العصور عاش الإنسان في حروب وصراعات ليس لها أية ضرورة، هل لا بد وأن نعيش في حرب؟ ولماذا يحب البعض القتل والحروب؟

- لم تُدرس آليات الحروب ومغزاها على مر السنين دراسة كافية، وأعتقد أنه قد آن الأوان لفعل ذلك، حين نريد أن نجيب على جزئية السؤال الذي يقول: «هل لا بد وأن نعيش في حرب»؟ علينا أن نحدد أولا من الذي يصدر قرار الحرب؟ وما هو هدف كل حرب على حدة؟ فالذي يصدر قرار الحرب غير الذي يمارس فعل الحرب وكلاهما بشر. حتى أجيب بدقة علينا أن نراجع: هل كانت هناك حروب بين أفراد ومجاميع من أفراد النوع الواحد من الأحياء غير البشر عموما عبر تاريخ التطور؟ بمعنى هل حارب النمل النمل؟ وهل حاربت الضفادع الضفادع؟ صحيح أن السمك الكبير يأكل السمك الصغير لكن ذلك يتم - للأسف - دون حرب، وربما يجري مثل هذا الالتهام القبيح ليحقق وظيفة بقائية لنوع معين من الأسماك وهو يحمل مغزى لا نعرفه حتى الآن.

«غريزة العدوان»، على الرغم من سوء سمعتها هي غريزة بقائية دفاعية مهمة، لأنها تشارك في حفظ النوع. لكن الأنواع تنقرض جماعة إذا عجز أفرادها عن استيعاب إيجابيات قوانين البقاء الطبيعية، والحروب الجارية هذه الأيام بين البشر هي من أخطر ما يمكن أن يقضي على الجنس البشري كله: المنتصر والمهزوم معا.

> ما أسباب التطرف الديني والكراهية للآخر المختلف إلى حد الإبادة الجماعية؟

- الأرجح أن الجنس البشري قد انقسم، أو هو في طريقه إلى إتمام الانقسام، إلى مجموعات متباينة تكاد تمثل أحياءً مختلفة عن بعضها البعض، وهي تمارس نوعا من التسارع نحو الانقراض، مع التذكرة بأن 99.9 في المائة من كل الأحياء قد انقرضوا عبر تاريخ الحياة وأن المتبقي الآن على ظهر الدنيا ليس إلا واحدا في الألف.

التعصب هو جمود ضد حركية التطور، وهو تثبيت لحركة فصيل من البشر في مواجهة فصيل آخر، وكل منهما يعتقد أنه يؤكد وجوده، وهذا في ذاته من إنذارات الانقراض للفصيلين معا.

> كيف يمكن أن نقيم جسرا للتواصل الحقيقي لنعيش معا بتفاهم وسلام؟

- جسور التواصل لا تقام بالمعاهدات الملتبسة، ولا تتحقق نتيجة تسويق قيمة خبيثة لصالح سيطرة فريق على الآخر، بعيدا عن برامج التطور ودروس التاريخ. أشهر القيم الخبيثة المعروضة في السوق العالمية الآن هي القيم التي تتبناها دولة أقوى عسكريا وماليا (مثل أميركا وهي تسوّق ما تسميه العولمة أو حتى الديمقراطية الخصوصية!!). وإنما تقام جسور التواصل بالعودة إلى أصل قوانين الوجود عامة، والوجود البشري خاصة وهو الذي جاءت الأديان تعلمنا أبعاده في فجر ظهورها. فهي كلها تهدف أن يجتمع الناس (وليس أهل دين بذاته) حول محور واحد، فتتوجه حركتهم الجامعة إليه حفاظا على الحياة.

يتوحد البشر صادقين إذا توجهوا بفطرتهم نحو الهدف المركزي المشترك بينهم جميعا نحو الوعي المحوري، الممتد تطويرا للنوع، وهذا هو ما جاءت الأديان المختلفة تعبر عنه كما قلت قبل أن تتشوه، بإعلان الوصاية عليها من غير أهلها، أو بالعمل على تهميشها بواسطة الخائفين منها.

> البلاد العربية وغيرها من البلدان التي تعرضت لصراعات مسلحة، هل سيعاني سكانها من اضطرابات نفسية مستقبلا؟ وكيف يتم تأهيلهم نفسيا لتجاوز الأزمة؟

- الذين سوف يعانون من اضطرابات هم من بين هؤلاء، ومن غير هؤلاء، لكن نوع الاضطرابات يختلف، فالذين لم يتعرضوا لمشاهدة أو معايشة الموت، الدم، القتل والسحل المباشر، هم أيضا ضحايا سموم مكافئة لمثل ذلك، وإن كانت أخفى. ليس معنى ذلك أنني أساوي بين هذه البشاعة الإجرامية القاسية، وبين استعمال البشر وتشويه طبيعتهم بلا حروب، ولكنني أحذر من نسيان بشاعات تسري بغموض خبيث ولها نتائج مماثلة تخرب النفوس الإنسانية للأطفال والكبار على حد سواء. أما مسألة تأهيلهم لتجاوز الأزمة، فهذا ليس من اختصاص علماء النفس فحسب، وإنما هي مهمة كل قوى الإبداع في العالم.

> الديكتاتور موجود دائما في كل زمان ومكان؟ لكن بعض العوامل تجعله يظهر؟ وأحيانا تتم صناعته؟ كيف نكتشف ذلك؟ وكيف نتعامل معه؟ وهل قمع الطفل صغيرا يجعله ديكتاتورا مستقبلا؟

- الديكتاتور موجود بداخلنا منذ البداية. والطفل هو أجمل ديكتاتور على ظهر الأرض، والديمقراطية الحقيقية تصارع ديكتاتوريات الأفراد في ساحة عدل حقيقي. وكل من يدعي أنه ليس ديكتاتورا هو ديكتاتور خفي دون أن يدري، وهو عادة يظهر على حقيقته حين يستطيع. لكن كل ذلك هو مجرد بدايات، لأنه لو تمادى الديكتاتور في غيّه فإنه هو الخاسر في النهاية لأنه سوف يعيش بلا آخرين.

> في مرآة التحليل النفسي كيف ترى القذافي وبشار الأسد وغيرهما من المستبدين؟

- لا أمارس التحليل النفسي في مهنتي على الرغم من احترامي الشديد لسيجموند فرويد على وفرة أخطائه. وأرفض فكرة التحليل النفسي لأمثال هؤلاء الرؤساء أصلا سواء مني أو من أي من الزملاء، إذ إن هذا مناف للعلم الذي لا يصلح أن يبني معطياته على محتويات الصحف، أو من هتافات الميادين، أو حتى من أوراق المخابرات. إن أي وصف علمي لنفسية أي شخص (أو تحليلها!) رئيسا أو خفيرا يحتاج إلى لقائه ساعات أو أياما أو شهورا أو حتى سنين عديدة، ثم يا ترى يمكن تحليله أم لا؟ لذا أنا أرفض وضع لافتات المرض النفسي على أي من هؤلاء، لأنني أحترم مرضاي، وأعتبر أيا منهم أفضل كثيرا من هؤلاء.

> كل مستبد تعامل مع الثورة بسيكوباتية؟ وبغباء وبوصف الناس باعتبارهم من أملاكه ولا يحق لهم الاعتراض على شيء.. كيف ترى ذلك؟

- أرجو عدم استعمال كلمات مثل «سيكوباتية» أو حتى فصامية، ربما - يحق لك ولي- أن نستعمل كلمة «غباء» أما سيكوباتية فلا بد أن نعرف معناها وأبعادها أولا، لكنني أوافقك على فكرة أن مثل هؤلاء يعتبرون الناس من أملاكهم الخاصة فعلا كما كان يحدث في عهد الإقطاع حين كانوا يبيعون الأرض بالعبيد الذين يعملون فيها، وتُقيّم قيمة الأرض بعدد هؤلاء العبيد بدلا من عدد الأفدنة أو الهكتارات.

> الأغرب من هذه النظم الظالمة، الزبانية الذين يقومون بالتعذيب والقتل..

- هذا ليس أغرب ما يجري حولنا، هو ليس أغرب مثلا من احتلال بلدٍ بشكل يصفق له العالم المتمدن حتى لو ادعى المحتلون أنهم يفعلون ذلك للتخلص من سفاح قذر، ثم يروحون يقتلون أبرياء على الجانبين من باب الاستعجال، ثم هم لا يخجلون من الجلوس لتقسيم كعكة الغنيمة البترولية علانية، ثم يصفق لهم العالم أيضا. ما يسمى «العولمة» وما يسمى «الحرب ضد الإرهاب» وما يسمى العلم الحديث لخدمة شركات الدواء لصحة الناس. ربما تكتشفين أن هؤلاء الزبانية، بضحاياهم المعدودين أقل غرابة من كثيرين من أصحاب الياقات البيضاء والقبعات المرتفعة على كراسي الحكم وحتى في معامل الأبحاث.

> كيف نفسر ظاهرة البلطجية التي تفاقم عددها وتنوعت في أعقاب الثورة، خاصة في مصر؟ وكيف نتعامل معهم ونقلل من شرورهم؟ وهل قانون الطوارئ إيجابي للحد منها؟

- لقد تمت خصخصة البلطجة. حلت البلطجة الأهلية محل البلطجة الرسمية، ومع هذا فالبلطجة الرسمية لها ما يميزها من حيث إنها جهة موحدة يمكن أن نثور عليها يوما ما كما حدث. أما البلطجة الأهلية فهي متنوعة من حيث صفات القائمين بها والأدوات المستخدمة فيها، والأهداف المتحققة بها، وأيضا من حيث التوزيع الجغرافي ونوعية الأسياد الذين تخدمهم.

أما عن التعامل مع هذه البلطجة الأهلية فأملي أن يتم تدريجيا ظهور معالم دولة حقيقية لها قانون تشم رائحته في الشارع وليس فقط في ساحات المحاكم.

وأخيرا فإن تفعيل ما يسمى قانون الطوارئ هو إجراء إسعافي، لا أوافق عليه إلا في حدود تعريف كلمة «الطوارئ». فالحدث الطارئ يحتاج لمواجهة إسعافية طارئة تنتهي بانتهاء الحدث، لكن أن تصبح الطوارئ هي الأصل، إذْ تستمر ثلاثين سنة قابلة للتمديد التلقائي أو غير التلقائي، فإنه في هذه الحالة تصبح الشرعية القانونية هي الاستثناء، وهذا قلب للأوضاع.

> الثورة في مصر وفي تونس كانت بلا قائد، هل الأفضل سيكولوجيا وجود قائد وقدوة تحرك الجموع - السهل تحريكها أصلا - أم أن العصر أختلف؟

- طبعا العصر اختلف، ونحن الآن في مرحلة تفرز فيها الجموع قائدها، ولا يصنع فيها القائد أتباعه. لكن مع تدخل المال والتكنولوجيا ووسائل الإعلام وغسيل المخ واللعب في الوعي واستعمال ظاهر الدين، كل ذلك يجعلنا لا نطمئن كثيرا إلى أن جماهير هذه الأيام شبابا وشيوخا مثقفين وساسة، قادرون على إفراز القائد الرشيد الذي يستطيع أن يحتوي وعيهم الجمعي ليكمل مسيرتهم دون أن ينحرف بها سواء لخدمة ذاته أو لخدمة من شكلوه ليجذبوه بعيدا عن ناسه. العصر اختلف، لكنني آمل أن يزيد التواصل التقني الحديث بين الناس، وخاصة بين الشباب ليتكون من واقع تواصلهم ما أسميه «الوعي الكوني العالمي الجديد».

> كيف نتحمل كل هذا الكم من الأخبار السيئة التي تدور حولنا في العالم؟

- وهل لنا خيار؟ كل ما علينا هو أن نعرف ماذا نتجنب، ونحن نكتشف السلبيات أولا بأول. كما أنه علينا أن نصر على ملء الوقت بما هو أحق بالوقت، وأن نقاوم التآمر القذر بالتآمر الإيجابي، وأن نعمق تفسيراتنا ونمدها من المحلي إلى القومي إلى العالمي إلى التاريخي، إلى التطوري بهذا التدرج، وأن نتجنب الهرب واليأس والتبرير والتأجيل ووضع اللوم على الآخرين دون أنفسنا. العالم كله في خطر وليس العالم العربي وحده، وهذا أدعى أن نجتمع، من كل دين ومذهب لمواجهة هذا الخطر، كل من موقعه دقيقة بدقيقة.

> من واقع خبرتك كعالم نفس، هل هناك سيكولوجية خاصة للشعوب العربية؟

- أنا لا أنتمي إلى المتحمسين للقومية العربية، لا بالخطب الرنانة، ولا بالتاريخ المزركش ولا بحسن النية، لكنني في الوقت نفسه أومن بعبقرية اللغة العربية، وأنها الدليل الأول، وربما الوحيد، الذي يؤكد لي أننا ننتمي إلى أمة واحدة، لها حضارة عميقة وممتدة استطاعت أن تفرز هذه اللغة العبقرية الرائعة. أنت لا تتصورين كيف أقف عند بعض الألفاظ العربية وبعض التعبيرات العربية، وبعض الشعر العربي وأتعجب كيف استطاع هذا الوعي الذي أفرزها أن يحيط بما تصفه. وما يعلن عن طبيعة الناس الذين أفرزوا هذه اللغة، التي أعتبرها الشهادة الرسمية أن أصحابها قد وصلوا يوما ما إلى درجة من التحضر والحرية والإبداع سمحت لهم بتخليقها.

الجواب إذن: طالما هذه هي لغتنا معا، فهناك سيكولوجية مشتركة للشعوب العربية، ولكن هذا يحتاج أن أضيف أن هذه مجرد بداية، إن لم ننطلق من عبقرية هذه اللغة كدليل على أننا أهل حضارة مختلفة يحتاجها العالم ليتكامل بها مع غيرها. إن لم ننطلق من هذه الحقيقة إلى بناء اقتصاد مشترك، وإبداع متفجر معا، واستقلال كامل فعلا فلن تنفعنا لا عبقرية اللغة، ولا قومية الخطب، ولا عنترية الحروب المجهضة.

> كيف ترى صورة الأدب والإبداع تحت مظلة الربيع العربي؟

- النص‏ ‏الحر‏ ‏هو‏ ‏النص‏ ‏المتحرك‏ ‏المحرِّك‏، ‏وليس‏ ‏النص‏ ‏الذي ‏يحوي ‏حديثا‏ ‏عن‏ ‏الحرية‏ ‏أو‏ ‏دفاعا‏ ‏عنها‏، ‏أو‏ ‏رؤية‏ ‏لها‏، ‏كما‏ ‏شاع‏ ‏في ‏بعض‏ ‏أوساط‏ ‏النقد‏ ‏السطحي (‏والسياسة‏)، ‏أو‏ ‏كما‏ ‏طغى ‏في ‏بعض‏ ‏مراحل‏ ‏التاريخ‏ ‏حين‏ ‏تجمدت‏ ‏حركة‏ ‏الفكر‏ ‏انخداعا‏ ‏بتحقيق‏ ‏الثورة‏.‏ ‏فقارئ‏ ‏بيت‏ ‏الشعر‏ «إذا‏ ‏الشعب‏ ‏يوما‏ ‏أراد‏ ‏الحياة‏.. ‏فلا بد‏ ‏أن‏ ‏يستجيب‏ ‏القدر‏» ‏إلخ‏، ‏قد‏ ‏يُبلغ‏ ‏شيئا‏ ‏ما‏ ‏عن‏ ‏الحرية‏، ‏وقد‏ ‏يدفعه‏ ‏هذا‏ ‏إلى ‏قدر‏ ‏من‏ ‏الحماس‏ ‏أو‏ ‏التضحية‏، ‏لكنه‏ ‏لا‏ ‏يعايش‏ ‏حركية‏ ‏توجه‏ ‏وجوده‏ ‏من‏ ‏خلال‏ ‏تحريك‏ ‏هادف‏، ‏‏ومن‏ ‏المعاد‏ ‏أن‏ ‏نقول‏ ‏إن‏ ‏مثل‏ ‏هذا‏ ‏الشعر‏ ‏الوطني ‏أو‏ ‏الحماسي ‏أو‏ ‏الثوري ‏ليس‏ ‏هو‏ ‏المثل‏ ‏الدال‏ ‏على ‏حرية‏ ‏النص‏ ‏ومدى ‏حركيته‏ ‏وعمق‏ ‏أصالته‏. ‏في ‏حين‏ ‏أن‏ ‏قصيدة‏ ‏لأنسى ‏الحاج‏ ‏أو‏ ‏سعيد‏ ‏عقل‏ ‏أو‏ ‏امرؤ‏ ‏ألقيس‏ ‏تعلن‏ ‏عن‏ ‏مساحة‏ ‏الحركة‏ ‏بقدر‏ ‏ما‏ ‏تحرك‏ ‏وعي ‏المتلقي.

ثم‏ ‏إن‏ ‏الفن‏ ‏الذي ‏شاع‏ ‏في ‏مرحلة‏ ‏قريبة‏ ‏تحت‏ ‏دعوى ‏الالتزام‏ ‏أصبح‏ ‏متخلفا‏ ‏عن‏ ‏احتياجات‏ ‏الإنسان‏ ‏المعاصر‏. ‏والالتزام‏ ‏الذي أعنيه‏ ‏هو‏ ‏الالتزام‏ ‏برأي ‏جاهز‏ ‏أو‏ ‏ادعاء‏ ‏التحيز‏ ‏لفئة‏ ‏غالبة‏ ‏ولكنه‏ ‏ليس‏ ‏الالتزام‏ ‏بالصدق‏ ‏الداخلي ‏وحمل‏ ‏أمانة‏ ‏الرمز‏ (‏الكلمة‏ ‏أساسا‏). ‏فلم‏ ‏يعد‏ ‏الفن‏ ‏الجيد‏ ‏هو‏ ‏الذي ‏يرشو‏ ‏هذه‏ ‏الفئة‏ ‏أو‏ ‏يتعصب‏ ‏لهذا‏ ‏الموقف‏ ‏بعد‏ ‏أن‏ ‏تبين‏ ‏تسطيح‏ ‏هذه‏ ‏الدعاوى ‏رغم‏ ‏صلاحيتها‏ ‏لمرحلة‏ ‏عابرة‏ ‏من‏ ‏تطور‏ ‏الأمم. ‏والإبداع‏ ‏الذي ‏يستطيع‏ ‏أن‏ ‏يلبي ‏هذه‏ ‏الاحتياجات‏ ‏هو‏ ‏الإبداع‏ ‏الذي ‏سيظهر‏ ‏وهو‏ ‏الإبداع‏ ‏الذي ‏سيبقى.

> كيف تقرأ أفق المستقبل في مصر والعالم العربي؟ الوضع إيجابي أم سلبي؟

- إيجابي طبعا حتى لو بقيت وحدي، لأنني سوف ألقاه فردًا.