الصين تفتتح موقعا إنترنتيا لـ«الثقافة العربية»

من أجل تعليم اللغة والتعريف بأهلها

20 مليون مسلم في الصين
TT

بعد المحطة الفضائية الصينية الناطقة بالعربية، والقسم العربي لوكالة الأنباء الصينية «شينخوا»، ها هو موقع متخصص في الثقافة العربية تطلقه الصين حديثا. وإن كان الموقع لا يزال في أطواره الأولى ويتم العمل عليه لتطوير خدماته بشكل كبير، إلا أن مجرد إطلاقه يشير إلى الأهمية التي توليها الصين للمنطقة.

ومعلوم أن الصين التي تعي تماما ضرورة تعزيز موقعها الثقافي في العالم، بالتوازي مع أخطبوطية دورها الاقتصادي، بدأت بتوقيع اتفاقيات تعاون تعليمية وثقافية وإقامة مشاريع مع تركيا وروسيا ودول غيرها، هذا عدا عن افتتاح الكثير من معاهد «كونفوشيوس» لتعليم اللغة الصينية التي أصبحت موجودة بوفرة حول العالم.

العلاقات العربية - الصينية قديمة جديدة، ويأتي وجود 20 مليون مسلم صيني ووجود 35 ألف مسجد في الصين ليعززها بشكل قوي، ويدفع بالصينيين إلى الاستفادة من هذا الوضع الخاص، لبناء جسور قوية مع العالم العربي.

الموقع الإنترنتي الجديد المخصص للثقافة العربية، انطلق أولا باللغة الإنجليزية وحدها على أن تضاف إليها لغات أخرى من بينها العربية بطبيعة الحال. وسيعنى الموقع باللغة العربية بشكل خاص، التي يفترض أن مسلمي الصين معنيون بتعلمها لأسباب دينية، وهو إضافة إلى تعريفه باللغة والخط العربيين، سيطرح برامج لتعليم اللغة العربية عن بعد للراغبين في ذلك. ويقترح الموقع أساليب مختلفة، وطرائق متنوعة للتعلم، كما أنه يعنى بموضوع الترجمة لمن يريد أن ينقل نصا إلى اللغة العربية.

ويقول الموقع لزواره «إن العربية يتحدث بها نحو 200 مليون إنسان، وأكثر من 20 دولة وهي أيضا لغة القرآن، الكتاب المقدس للمسلمين». ويشرح الموقع لزواره، بشكل لافت، الفرق بين لغة القرآن، والفصحى المستخدمة في الكتابة وتلك التي تستخدمها الصحف، والعاميات الشائعة في الدول العربية. ويبين الفروق التي لا تتوقف عند اختلاف المفردات، لكنها تطال التراكيب أيضا. وللتشجيع على تعلم العربية يقول الموقع إن هذه اللغة مفرداتها موجودة في لغات كثيرة منها الهندية، والتركية والإيرانية والبرتغالية والإسبانية واليونانية.

وإضافة إلى ذلك، يقدم الموقع لقرائه معلومات عن مراكز تعليم اللغة العربية في العالم العربي التي ربما لا يعرفها العرب أنفسهم وهي تتوزع بين مصر ودمشق واليمن والإمارات.

وعلى الموقع أخبار مطولة، لكنها لا تزال قليلة، عن الثقافة العربية، ومقالة جيدة عن مكانة اللغة العربية في الإسلام.

واضح أن هذه الخطوة من قبل الصين تأخذ بعين الاعتبار ملايين المسلمين الصينيين المعنيين باللغة العربية، تعليما وفهما واستخداما، في حياتهم اليومية.

ولا يزال الموقع بحاجة إلى كثير من العمل، إذ إن الكثير من أبوابه لا تزال قيد الإنشاء، لكن المزاج الصيني مثابر ونشيط، وحين يبدأ الصينيون مشروعا ما فإنما يسيرون فيها حتى النهاية.

وتعتبر الصين بحسب القرارات التي اتخذها الحزب الشيوعي الصيني في جلسة لجنته المركزية في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2011 أن عليها «توسيع التبادلات الثقافية المتعددة المستويات والواسعة المجالات مع الدول الأجنبية، والاستفادة من المنجزات الثقافية الأجنبية بطريقة إيجابية». وقال وانغ يو يونغ، وهو متخصص في اللغة العربية وأستاذ في جامعة شنغهاي، خلال محاضرة ألقاها منذ أيام في ملتقى مجلة «العربي» في الكويت، إن هذه الاستراتيجية الثقافية الجديدة للصين «ستتيح فرصة تاريخية وتضع أسسا متينة لنشر الثقافة العربية في الصين. وعلى الدول العربية أن تغتنم هذه الفرص التاريخية لتنمية إعلامها الثقافي وصناعتها ومنتجاتها الثقافية وكذلك خدماتها».

وجدير بالذكر أن منتدى التعاون الصيني - العربي قام بمهمات جيدة لغاية الآن تعزز العلاقات بين البلدان العربية والصين، فهناك مشروع الترجمة المتبادلة، وأقيمت ندوات كثيرة، إضافة إلى الأسبوع الثقافي الصيني. لكن الصين تطمح إلى المزيد من التعاون على المستوى الثقافي مع العرب، ويسعى لأجل ذلك أساتذة صينيون أكاديميون متخصصون في اللغة العربية. يبقى أن الخطوات الصينية باتجاهنا لا تكفي وعلى العرب أن يقوموا بخطوات مماثلة، لا بل تفوق تلك الخطوات باتجاه الصين لما لهذا البلد الضخم من أهمية على الخريطة الجديدة للعالم.

عنوان الموقع الصيني الجديد عن الثقافة العربية هو:

www.arabculture.org.cn