الثورات العربية أسقطت طروحات «القاعدة»

الحروب والفوضى.. نتاج طبيعي لمرحلة ما بعد أنظمة الاستبداد

الكتاب: «في مديح الثورة.. النهر ضد المستنقع» المؤلف: خالد الحروب الطبعة الأولى: 2012 الناشر: «دار الساقي»
TT

شغلت الأحداث العاصفة، التي شهدها العام الماضي 2011، والتي اصطلح على تسميتها بـ«الربيع العربي»، ليس الشعوب العربية التي حدثت فيها الأحداث فحسب، بل العالم أجمع، وصارت موضع متابعة مستمرة وتحليل من قبل وسائل الإعلام والكتاب والباحثين ومراكز الأبحاث في مختلف أنحاء العالم، ولم يتوقف ذلك لأن ما جرى ويجري أحدث ويحدث تغييرات متواصلة ليس فقط في البلدان التي حدثت فيها الأحداث العاصفة، بل وفي بلدان أخرى ما زالت مستمرة.

وفي هذا السياق صدر لخالد الحروب، الباحث الفلسطيني المحاضر في سياسات الشرق الأوسط المعاصر بجامعة كمبردج في بريطانيا، كتابه المعنون بـ«في مديح الثورة.. النهر ضد المستنقع». الكتاب ينحاز إلى هذه الأحداث العاصفة التي يسميها ثورات، ويشتمل على مقدمة وستة أقسام وخاتمة.

تحدث في القسم الأول عن ضرورة الثورة، التي شبهها بالنهر، ضد أنظمة الاستبداد، التي هي بمثابة المستنقع. ودعا فيه إلى استقرار الحرية على الضد من استقرار الاستبداد بما فيه من عفن وفساد وانسداد سياسي شكل جذر الانفجارات، فقد أصبحت الشعوب التي انتفضت أمام أمرين إما دمقرطة الحياة السياسية وإما الثورة.

وتناول القسم الثاني «سيرورة الثورة وإسقاط الخرافات» وجعل من الخوف أهم قتلى الثورات.. إذ أثبت الشبان والشابات الذين تصدروا صفوف الثائرين ضد «نيرونات العرب» المستبدين، المتحولين من الاستبداد إلى الإجرام، سقوط نظرية اللامبالاة. وتطرق الباحث إلى موقف المثقفين وتراجع دورهم، وسقوط خرافة الممانعة، التي تدعيها أنظمة الاستبداد زورا، لمواصلة قمعها للشعب ومصادرة حرياته، وحتمت التدخل الخارجي لإيقاف الإبادة.

وخصص القسم الثالث للحديث عن الإسلاميين والثورات وجعل عناوين هذا القسم ذات دلالة على محتواها. وهذه العناوين هي: حصاد المعتدلين الإسلاميين الذين فازوا في الانتخابات في تونس ومصر، وسقوط «القاعديين» من أتباع أسامة بن لادن، إذ تجاوزتهم شعارات الثورات العربية التي حامت حول الحرية والكرامة والمشاركة السياسية، وليس حول أي شعار إسلامي مؤدلج، وأسقطت الطروحات المركزية الأربع التي اعتمدتها «القاعدة».. الطروحات التي تقول إن تغيير الأنظمة العربية الفاسدة لن يكون إلا عن طريق العنف المسلح، والزعم بأن الإعلام المعولم لا يكون إلا عبر القيام بأعمال إرهابية ضخمة ذات نتائج تدميرية هائلة، وأنها - أي «القاعدة» - تتحدث نيابة عن الشعوب العربية والمسلمة المقهورة والمقموعة.. إذ طرحت الثورات العربية أجندات بعيدة كل البعد عن تقسيم العالم إلى أخيار هم «القاعدة» والمسلمون، وأشرار هم غير المسلمين، والزعم بأن العلاقة معهم تقوم على الحرب والقتال. وتطرق الباحث في هذا القسم إلى درس العلمانية الأردوغاني، ومشاركة الإسلاميين في الانتخابات والفوز فيها، بما يعني نهاية الآيديولوجيا الإسلامية السلفية التي كانت تعزف عن العمل السياسي. وأشار إلى أنه من حق الإسلاميين أن يحكموا أو يساهموا في الحكم ما داموا يحصلون على أصوات الناخبين. ونبه إلى أن الخوف من أن «إيمانهم» بالديمقراطية يقتصر على استخدام آلياتها للوصول إلى الحكم والتمسك به وعدم الإقرار بالتداول السلمي للسلطة، ولذا فإنهم أمام الامتحان.

وفي القسم الرابع من الكتاب تحدث الباحث خالد الحروب عن دفوعات الاستبداد ودمويته واستنجاده بالقبيلة والطائفة والتخويف من «فوضى الثورة». وأشار إلى أن الفوضى وعدم الاستقرار هما نتاج طبيعي ومرحلة لا بد منها بعد إسقاط أنظمة الاستبداد، لتستقر الأمور بعد ذلك على أساس الحرية.

وكرس الباحث القسم الخامس من كتابه إلى منعكسات الثورة ليتحدث عن العلاقة مع الغرب والثورات العربية وإسرائيل وقضية فلسطين ودروس المقاومة الفلسطينية وموقف الصين وروسيا وانحيازهما إلى الاستبداد.