عام على رحيل محمد صادق دياب يكشف «إنسانيته» قبل «مهنيته»

كان يعتبر نفسه «فنانا» سرقته حرفة الأدب من الفن

محمد عبده ومحمد صادق دياب في حديث هامس خلال حفل تكريم الفنانين
TT

عام كامل مر اليوم على رحيل الصحافي والكاتب والأديب السعودي محمد صادق دياب، لم يكن كفيلا بأن يكفكف دموع زوجته حزنا على وفاته كونها فقدت إنسانا كان بالنسبة لها «ملاكا» يمشي فوق الأرض، باعتباره رفيقها الذي عاش معها زوجا طيلة 40 سنة لتصبح بعد موته أرملة تنتظر أن تجتمع به في الدار الآخرة.

السيدة أم غنوة، أرملة الفقيد محمد، استهلت حديثها بسلسلة آهات لا نهاية لها وسط موجة بكاء كررت فيها لفظ «التعب» أكثر من مرة، داعية ربها أن يلحقها به بعد أن فقدت طعم الحياة من دونه.

وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «كان بالنسبة لي زوجا وأبا وأخا، كان حنونا ولا يوجد من هو أكثر حنانا منه على عائلته وبناته، هو إنسان بكل ما تحمل تلك الكلمة من معنى، ولا أقول سوى الحمد لله ولا أريد شيئا من الدنيا بعد رحيله».

وتؤكد أنها طيلة 40 عاما لم تغمض عينيها في يوم وهي على خلاف معه، حيث إنه لم يكن ممن ينتظر اعتذارها إن أخطأت، لافتة إلى أنها كانت تعيش مع زوجها معنى الحب الأصيل الذي بدأ في أزقة الحي الذي جمع بينهما، كونه ابن جيرانها ليكبر حبه لها مع الأيام ويتكلل بالزواج الناجح.

وتضيف: «أصابني التعب بعد رحيله، فقد عشت معه أمورا جميلة، وأهداني الحياة التي كنت أريد أن أعيشها بالفعل، ولم أعد الآن أهتم بشيء ولا أريد طول العمر عقب وفاته، وأدعو الله أن يأخذني إليه ويجمعني به في جناته فهذا كل ما أريده»، مبينة أنه رغم مرور عام على وفاته فإنها تشعر وكأنه توفي بالأمس.

واستطردت بالقول: «لا أعرف كيف أتحدث عنه من شدة إنسانيته مع الجميع، حتى بناتي الثلاث لا يوجد منهن من تشبه والدها، إلا أنهن تقاسمن روحه وطريقة حديثه وبعض الأمور التي كانت تميزه».

وأفادت بأنه لم يكن يهتم بنفسه بقدر اهتمامه بالناس، حيث إنه وأثناء إتمام إجراءات رحلة علاجه الأخيرة إلى لندن تقدمت إليه إحدى المقيمات لتطلب توسطه في علاجها بمستشفى حكومي بجدة، وبالفعل قام بخدمتها لتلقي علاجها في أحد المستشفيات الحكومية.

أمله في تماثله للشفاء خلال رحلته الأخيرة حال دون أن يوصي زوجته بما يريد أن تفعله من بعده، حيث تقول: «كنا متأملين في أن نعود إلى السعودية وهو معنا، وكانت مقالته (أبو البنات) آخر ما كتبه أثناء مرضه حيث طلب مني إحضار جهاز الحاسب الآلي وظل يكتبها ومن ثم عرضها علي لمعرفة رأيي بها».

ولكنها استدركت قائلة: «لم أكن بمستوى تعليمه، فأنا خريجة معهد المعلمات وعملت لمدة سنتين وحينما حصل على البعثة تركت وظيفتي وسافرت معه إلى أميركا، ولكنه منعني من العمل بعد عودتنا خوفا على صحتي كوني أعاني من مرض القلب».

شقيقه أحمد، الذي يصغره بنحو 12 عاما، يرى أن الناحية الإنسانية في حياة الراحل كانت الأغلب والأهم، والتي كان يعطيها الأولوية أكثر من الأدب والثقافة والصحافة وحتى عائلته، مستشهدا على ذلك بظهور الكثير من الأسر القائمة على ما كان يقدمه لهم من بعد الله عز وجل.

ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «بعد الانتهاء من دفن أخي أتاني رجل طاعن في السن يظهر عليه ضعف حالته الاجتماعية وسألني إذا ما كنت شقيقه، فقلت له نعم، وأنت هل تعرفه؟ فرد علي قائلا أعرفه ولا أعرفه، وهو ما دفع بي إلى الاستغراب فطلبت منه توضيحا، فقال لي قبل أكثر من 25 عاما وأثناء عمل المرحوم في إدارة تعليم البنين بالمنطقة الغربية قصدته لتسجيل ابني في إحدى المدارس بعد عدم قبول عدد منها له كونه كان متفوقا، ودخلت على محمد الذي طلب مني تعبئة بياناتي فأخبرته بأنني أمي، ما جعله يقوم بذلك عوضا عني».

وتابع: «وأكمل الرجل قصته ليقول: طلب مني الراحل مراجعته بعد أسبوع فخفت أن تكون وسيلة للتهرب مني وقلت له أنت ابن بلد وستساعدني بإذن الله، وفي اليوم التالي فوجئت بجرس الباب يدق عند السادسة والنصف صباحا وحينما فتحت الباب وجدت محمد يسألني عن ابني، فأخذه وأوصله إلى مدرسة قريبة من المنزل ليوفر علي تكاليف المواصلات، وبعد أسبوع طلب مني ملف ابني ليكمل إجراءات تسجيله في المدرسة، وها هو ابني الآن طبيب».

وأفاد شقيقه أحمد بأن محمد صادق دياب كان حريصا جدا على انتقاء الكلمات في الحوار مع الغير كي لا يجرحهم، مضيفا: «قبل وفاته بيوم واحد كنت معه في لندن وأحاول إخراجه من جو المرض فسألته عن رواية (الخواجة يني) ومتى سينتهي منها، فأجابني: يا أحمد يبدو أنك تفهم الحياة بشكل خاطئ، أنا لا أنهي أحدا وإنما أعطي الشخص البداية».

وهنا، علق وحيد جميل الصحافي في مجلة «سيدتي» وأحد المقربين من الراحل وعائلته قائلا «إن مسودات هذه الرواية جاهزة وموجودة لدى زوجة محمد صادق دياب، وهناك محاولات من بعض الزملاء المقربين لإصدارها كونها شبه مكتملة ولا تحتاج إلى جهد بحسب ما كان يقوله المغفور له بإذن الله، غير أننا نناشد وزارة الثقافة والإعلام أو النادي الأدبي التحرك وإصدارها على أقل تقدير».

الفقيد محمد، كان رجلا ليليا يحب السهر، إلا أنه في أحيان كثيرة كان يستيقظ باكرا لزيارة بعض الجهات الحكومية كالتعليم والجوازات وغيرها بهدف إنهاء إجراءات معاملات لأشخاص محتاجين يلجأون إليه كي يساعدهم، وهو ما جعله لا يتأخر مطلقا في مساعدتهم، وذلك بحسب ما يؤكده شقيقه أحمد.

واستطرد في القول: «هذه الميزة تعد نادرة جدا في الجيل الجديد، ولو لم يكن أخي لتمنيت فعلا أن يكون أخي، إلا أنني فشلت فعلا في التعلم مما كان يتميز به هذا الرجل»، لافتا إلى أن الراحل كان الرجل الثاني بعد عمه ممن أكملوا تعليمهم مقارنة برجال الأسرة الآخرين الذين كانوا بحارة ولم يتلقوا درجات عليا في التعليم.

وبين أن ذلك الأمر جعل من محمد صادق دياب قدوة بالنسبة للجيل الذي أتى بعده من أبناء عمومته، حيث كان الجميع يطلق عليه لقب «أخي» أو «أخوية» بالمفردة الحجازية العامية، مشيرا إلى أن جميع أبناء العائلة كانوا يطمحون لأن يصبحوا مثله، لا سيما أن نوعية أحاديثه معهم أعطتهم طابعا جديدا من الحياة.

وزاد: «علاقتي بشقيقي المرحوم كانت قريبة جدا، فأصدقاؤنا موحدون، وعملنا معا في كافة محطات العمل الإعلامي الذي مر بها، وهو ما جعل قربي منه أكبر مما بين الإخوة رغم فارق السن بيننا».

وذكر أن محمد لم يكن يعتبر فرق العمر عائقا للتواصل مع الغير، إذ كان يجالس أحفاده وكأنه واحد منهم، في حين لا يتردد مطلقا في الجلوس مع كبار السن ليتحدث معهم أحاديثهم، مما يؤكد قدرته الحقيقية التي وصفها بـ«العجيبة» على الاندماج والتمازج بين الناس بمختلف شرائحهم العمرية والاجتماعية وحتى الثقافية.

وأبان أن شقيقه الراحل كان ينزل بشكل شبه يومي من شمال مدينة جدة إلى منطقة باب شريف الواقعة في قلب المنطقة التاريخية، للاجتماع مع عدد كبير من البسطاء من كبار السن غير المتعلمين في شوارع ضيقة لساعات كي يستمع إلى قصصهم دون أن يشعر بالملل، موضحا أن قدرته على المزج والبحث عن كل الثقافات هي سبب نجاحه في كتاباته الاجتماعية المعتمدة على استقاء المفردات من أبناء جدة الحقيقيين.

ويشير أحمد صادق دياب إلى أن الراحل لم يكن يدعي الديمقراطية والبساطة كونه ديمقراطيا بسيطا بالفطرة، حيث إنه حينما يجلس مع الأمراء والوزراء فإنه يتناقش معهم بشكل جدي، غير أنه وبعد ذلك بقليل يجالس البسطاء ويحادثهم بلغتهم العامية البعيدة عن التعقيدات، مبينا أن دراسته لعلم النفس كان لها دور كبير في سرعة تكيفه مع الجميع.

نبرة صوته التي تميل إلى أسلوب الأمر حينما يتغيب عن زيارته أشقاؤه لأيام معدودة، هي أكثر ما افتقده أفراد عائلته، إذ يقول شقيقه أحمد: «نحن 3 إخوة نسكن في منازل متجاورة، وكنا يوميا نزوره، إلا أننا حينما نغيب عنه ليومين فإنه يبادرنا باتصاله ليقول لنا كلمته الشهيرة (إنتوا مالكم كبير تسألوا عنه)، وهذا أكثر ما افتقدناه فعلا»، مؤكدا أن محمد صادق دياب لم يكن يلتزم بالبروتوكولات والرسميات في علاقته مع إخوته وإنما يرى أن الحياة لا تستدعي سوى مبدأ «أحب لغيري ما أحبه لنفسي».

تفكير الراحل لم يقف عند المحافظة على تواصله مع إخوته فقط، وإنما كانت إحدى وصاياه استمرار تقارب واتصال أبنائهم بعضهم ببعض، إذ كان حريصا جدا على استمرار سكنهم بجوار بعضهم البعض كي لا يبتعدوا.

وهنا، يعلق شقيقه أحمد بالقول: «في يوم من الأيام سألني محمد كم أملك من المال، فتوقعت أنه يمازحني وقلت له أتقصد ما في جيبي أو في البنك، فرد علي قائلا الاثنين، وحينما أخبرته بما لدي طلب مني إحضار كل ما أملك من المال فورا، وبالفعل حققت له ما يريد وسألته عن السبب، فأجابني: هناك ثلاث قطع أراض سنشتريها نحن الإخوة».

ويضيف: «عندما سمع بأنني سأشتري أرضا كي أبني عليها منزلي قال لي: حينما تبحث عن أرض ابحث عن 3 وليس واحدة، فنحن كبرنا في السن ولا بد أن يعيش أبناؤنا معا».

وإذا كانت تلك علاقة الراحل محمد صادق دياب بإخوانه، فمن المؤكد أن يكون أبا حقيقيا لبناته الثلاث، وهو ما أكدته ابنته الكبرى غنوة التي أشارت إلى أن مدونة والدها ما زالت مستمرة في ظل إشراف عمها وشقيقتها عليها.

وقالت في اتصال هاتفي لـ«الشرق الأوسط»: «هو أب رائع ولا يوجد له مثيل حنون بسيط معنا حتى مع أحفاده، حيث إنه قادر على التواصل معهم من أكبرهم إلى أصغرهم، حقا كان أبا مميزا».

وحول ما تعلمته وشقيقتاها سوسن وسماح من والدهن، أفادت غنوة بأنه غرس فيهن احترام الغير مهما كان والأخلاق الحميدة والمغفرة والعفو ومسامحة الناس، مبينة في الوقت نفسه أن كل يوم قضاه معهن كان يوما مميزا.

وبعد أن غيّب المرض قلم الراحل محمد والذي كان بمثابة النكهة الخاصة التي ينعم بها الكثير من متابعيه وقرائه، بثّ الكاتب السعودي مشاري الذايدي مشاعر افتقاده عبر مقال حمل عنوان «أين محمد صادق دياب» نشرته صحيفة «الشرق الأوسط» في الـ26 من نوفمبر عام 2010 يقول فيه: «على مدخل هذا الشتاء، وفي ليالي برودته، لا أدري لماذا سكن في بالي (العمدة) محمد صادق دياب، الذي غاب وغاب معه عموده (الهادئ) الجميل على صفحات هذه الجريدة منذ بعض الوقت، نفتقد الأستاذ دياب، الرجل البهي النفس، الدائم التفاؤل، الفنان في عبارته وفكرته، المنقب عن الأحلى في غابة القبح، يغيب دياب لبعض الوقت خارج البلاد حتى يتفرغ لمجالدة وعكة ألمت به على شراستها إلا أنه يواجهها كعادته بجرعة الأمل وشراب التفاؤل».

ووصف الذايدي في مقاله عبقرية الفقيد دياب، والذي وصفه بـ«الجميل»، واعتبره عاشقا من طراز لاتيني للمكان وعبق الحارات، إضافة إلى أن محمد كان يعرف رواشين جدة القديمة وزواريبها، مضيفا: «تشم وأنت تقرأ كتابه عن جدة، نسيم البحر وعبير عنبر الذكريات القديمة، وتلامس يدك، مع كلماته، سلاسل الميناء المنقوعة بملوحة البحر الكبير».

وكان ذلك المقال بمثابة حافز لقلم دياب كي يعاود الكتابة مجددا، إذ ردّ بعد يومين من نشره عبر مقال بعنوان «أبحث عن ذلك المدعو (أنا)» قائلا: «كنت أتأهب للنوم في حاشية من سهاد الغربة وتوابع المرض، حينما طالعني مشاري بعنوانه المحفز (أين محمد صادق دياب)، أذكر أنني مددت يدي لأتناول هاتفي المحمول مسطرا رسالة له بأنني حتى أنا أبحث عن ذلك المدعو محمد صادق دياب، فهذا الوجه الشاحب المتعب الذي أشاهده في المرآة منذ أكثر من شهر ليس أنا، غرست بعدها وجهي في زجاج نافذة الغرفة الفندقية التي لم أغادرها منذ أسبوع إلا لمراجعة الطبيب، فالذي كان شقيّا يتمرد على كل الفصول يتآمر عليه المرض وطقس نوفمبر الأوروبي لكي يظل رهين غرفته».

وأضاف في مقاله: «وقادني سؤال مشاري إلى أن أفتح جهاز الكومبيوتر محاولا أن أضرب موعدا على تلك الصفحة الشاغرة مع الكتابة، فأنا ولعبة الكلمات صديقان لم نفترق على مدى عقود، إلا مؤخرا، وهي لم تودعني ولم أودعها، ولكن هذه اللعبة اليوم لم تغدُ سهلة، وجدت نفسي بعد هذا الغياب القسري كلاعب كرة قدم موقوف يزج به بلا مقدمات في مباراة ساخنة، فبدأ طائش الركلات، متهيّب الخطى، متعثر الركض، وهكذا ظللت أحطب بليل، أجدف يمنة ويسرة، يمتلكني الوهن فأتوقف، ويحفزني الحنين فأواصل التجديف رغبة في الوصول إليكم من جديد».

ويقول مشاري الذايدي لـ«الشرق الأوسط»: «بعد غياب الراحل محمد عن الكتابة خلال مرضه كتبت ذلك المقال ورد علي برسالة نصيّة ثم مقال عقب بضعة أيام ليكون أول ما كتبه في ذلك الانقطاع».

الرسالة النصية التي بعث بها المغفور له إلى الذايدي في الـ26 من نوفمبر 2010 جاء نصها: «أين محمد صادق دياب؟ تعرف يا مشاري والله حتى أنا لم أعد أعرف أينه، فهذا الذي أراه في المرآة شاحبا متجهما ليس أنا، لا تبتئس يا صديقي من الإجابة، فلدي رغم كل شيء قدر من الإحساس بأن الأمور تسير إلى خير، وجرعات الدواء تحدث أثرها بصورة ملحوظة، دعواتك أيها الرائع النبيل».

وبالعودة إلى مشاري الذايدي الذي تابع حديثه: «كان محمد صادق دياب رجلا لطيف المعشر وشديد التواصل مع الآخرين، وحتى في قمة مرضه لم يتخلّ عمّا يمتلكه من روح السخرية والدعابة مع أصدقائه ومن حوله».

وبالعودة إلى وحيد جميل، فقد أبان أن علاقته بدأت بالمرحوم محمد صادق دياب منذ بدء عمله في الصحافة قبل ما يقارب الـ27 عاما، وذلك من خلال ملحق الأربعاء التابع لصحيفة «البلاد» السعودية، الذي كان يشرف عليه بالكامل المغفور له بإذن الله، ولكنه استدرك قائلا «كانت هناك علاقة بسيطة ربطتني به أثناء عمله موجها في إدارة تعليم البنين».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «بداية دخولي إلى الصحافة كانت من خلال الراحل، حيث قصدت صحيفة (البلاد) للرد على خبر نشره أحد الصحافيين في ذلك الوقت حول أول مهرجان بجدة والذي كان يحوي مغالطات كثيرة، فالتقيت بالمرحوم جلال أبو زيد رئيس تحرير صحيفة (البلاد) آنذاك، وطلب مني كتابة ما أريد، وحينما كنت أكتب الرد دخل المغفور له (بإذن الله) محمد صادق دياب وألقى السلام علينا قاصدا مكتبه، وبعد أن انتهيت من كتابة الرد تم عرضه على محمد الذي طلب مني إعادة كتابته مرتين على التوالي رغبة منه في إزالة حدة التوتر الموجودة فيما كتبت، وبعد ذلك أخبرني بأنني سأبدأ معهم في العمل ابتداء من الغد».

ولفت إلى أن علاقته الأسرية بالراحل محمد صادق دياب بدأت منذ ذلك الوقت لأنه كان رجلا اجتماعيا محبا للجميع، مشيرا في الوقت نفسه إلى أنه، رحمة الله عليه، كان يعتبره الأخ الرابع للعائلة.

وأضاف: «من المفترض أن يكون المرحوم محمد فنانا، غير أن حرفة الأدب سرقته من الفن كما كان يقول عن نفسه، إضافة إلى علاقته الشخصية بالفنان محمد عبده الذي كانت تربط بينهما صداقة قوية منذ الطفولة، فضلا عن أن مدينة جدة في الماضي كانت صغيرة جدا وبها عدد محدود من الفنانين، وهو ما جعل علاقته بهم تمتد إلى النواحي الشخصية باعتباره مشرفا على ملحق ثقافي وفني».

وذكر وحيد جميل أن محمد صادق دياب كان موجودا بشكل دائم في المناسبات الفنية، إلى جانب أنه كان يقيم مناسبات خاصة في منزله يدعو إليها الفنانين، مضيفا: «في إحدى المناسبات التي أقمتها بمنزلي حضرها الفنان الراحل طارق عبد الحكيم الذي كان يغني أروع ما لديه حينها، فأمسك محمد، رحمة الله عليه، بالعود من باب الدعابة والتقطت له صورة تذكارية وقلت له بأنني سأثبت من خلالها تحولك من الأدب إلى الفن على غرار ما كان يفعله بعض الصحافيين الذين انتقلوا إلى التمثيل ونحوه، ففهم مقصدي من تلك المداعبة وضحك عليها».

جدير بالذكر، أن الراحل محمد صادق دياب كان ينوي كتابة مسلسل عن مدينة جدة يحمل اسم «زقاق المدق»، الذي جاءت فكرته من مجموعته القصصية القصيرة، غير أنه لم يكمل كتابته.

وفي هذا الشأن، علق وحيد جميل بالقول: «بدأ الراحل في كتابة سيناريست الحلقة الأولى منه، غير أن الاختلاف عليه كان من ناحيتي باعتباره أعطاني تفويضا بخط يده كي يرى النور، ولكن الفترة الزمنية التي تم استغراقها للتنفيذ دلت على عدم وجود تمويل كاف للمسلسل».

واستطرد في القول: «ظل الراحل يبحث عن دعم لتنفيذه لأنه مسلسل يحوي 16 حكاية مختلفة من حي قديم في وسط البلد بجدة يقع قريبا من سوق الندى، وما زلت أسعى لإيجاد الشخص المناسب القادر على تنفيذه، خصوصا أن التفويض معي حتى الآن»، موضحا أن مشروع هذا المسلسل توقف قبل وفاة محمد صادق دياب بنحو 3 سنوات.

تصويبات

* ورد خطأ في ملف «عام على رحيل محمد صادق دياب يكشف إنسانيته قبل مهنيته» المنشور في عدد أمس الأحد بملحق المنتدى الثقافي، وهو أن ملحق الاربعاء تابع لصحيفة «البلاد» السعودية. والصواب هو أن ملحق الأربعاء تابع لصحيفة «المدينة» السعودية. كما ورد خطأ آخر أشير فيه إلى أن جلال أبو زيد هو رئيس تحرير صحيفة «البلاد». والصواب هو أنه المشرف على القسم الفني في ملحق الأربعاء التابع لصحيفة «المدينة» السعودية، لذا وجب التنويه.