الروائي عدنان فرزات: الجرأة الحقيقية تكمن في الرواية السياسية

بعد روايته الأخيرة «رأس الرجل الكبير» التي تتناول الأزمة السورية

عدنان فرزات
TT

في موعدها جاءت الرواية البكر للكاتب والصحافي السوري، المقيم في الكويت، عدنان فرزات، وسط معاناة الشعب السوري وتطلعه للحرية.. في هذه الرواية التي تحمل اسم «رأس الرجل الكبير» لم يخبئ الروائي فرزات حزنه من مواقف بعض الأدباء السلبية تجاه ما يحدث في سوريا، فهو يقول: «كان لهم مواقف إنسانية في كتاباتهم قبل حدوث الثورة، إذ كانوا يتحدثون عن الحريات ويتغنون بالدولة المدنية، وبذلك هم ورطوا الشارع وأخرجوه إلى ساحة التظاهر ثم تخلوا عنه وانسحبوا».

وفرزات الذي صدرت له روايتان أحدثتا صدى إعلاميا واسعا، يقول عن الذين تخلوا عن الشارع: «عليهم أن لا يعودوا للكتابة الملتزمة مرة أخرى أو أن يكتبوا عن حبيباتهم فقط».

في روايته الأخيرة «رأس الرجل الكبير» كان الواقع السياسي ومماحكته محورها، وهو يقول: «الرواية بشكل خاص والإبداع بشكل عام هو إحدى أدوات التغيير في العالم، والرواية السياسية هي الأكثر مقدرة على التعبير من بقية الأشكال الأخرى، لأنه من السهل جدا أن تكون جريئا عاطفيا أو جنسيا أو حتى دينيا، ولكن ليس من السهل أن تكون جريئا سياسيا، لأن الجرأة الحقيقة هي الجرأة السياسية ومقارعة الطغاة والديكتاتوريات والأنظمة أصعب. والرواية السياسية هي الأكثر قدرة على التغير والتحريك، وهي القادرة على نقل الناس من ضفة مليئة بالقمع والاضطهاد والفقر إلى ضفة أخرى مليئة بالحرية».

يعيش عدنان فرزات، وهو شقيق رسام الكاريكاتير المعروف علي فرزات، في الكويت، ويعمل في «مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البابطين»، وهذا الموقع جعله على تماس مباشر مع الحركة الثقافية والأدبية في الخليج والعالم العربي، لكنه كان موجودا في سوريا طوال أزمتها، وهو مصطف إلى جانب شعبه هناك. يقول: «أنا مع أي رأي آخر حتى لو عارضني أو خالفني، وأنا مع حرية حتى الذين يريدون أن يمجدوا الأنظمة إلى أن يصل الأمر إلى سفك الدماء، فحين يسفك نظام ما الدم ثم يأتي من يقف معه وقتها يصبح الرأي ليس مدنيا، بل هو مشاركة في القتل أو تستر عليه، وهنا لا أتقبل الرأي الآخر».

يتأسف فرزات من موقف المثقفين العرب أصحاب المواقف الرمادية من أزمة الحريات.. ويقول: «للأسف هناك عدد كبير من الأدباء والشعراء وغيرهم كان لهم مواقف رائعة في أشعارهم قبل حدوث الثورة، فكانوا يتحدثون عن الحرية ويتغنون بالديمقراطية، وبذلك هم ورطوا الشارع وأخرجوه إلى ساحة التظاهر ثم تخلوا عنه وانسحبوا، وهذا جبن وانهزامية بحد ذاتها، وأنا أنصح هؤلاء أن لا يعودوا للكتابة الملتزمة مرة أخرى وأن يكتبوا عن حبيباتهم وزوجاتهم فقط».

وتعد روايته «رأس الرجل الكبير» تأريخا وتشريحا أدبيا لصعود الفساد وجذوره في المجتمع السوري، وهو يقول: «كل ما جال بنفسي وبخاطري قلته في هذه الرواية ولم أخبئ شيئا، سواء بين السطور أو خارج صفحات الرواية، وهذه الرواية واقعة حقيقية من عمليات الفساد تتمثل بالمتاجرة بتاريخ البلد وآثاره، فهناك عصابات تقوم بتهريب تلك القطع الأثرية، وأيضا هناك من يقوم بتزوير التاريخ من خلال إيراد معلومات تاريخية مغلوطة، والتاريخ العربي يتم تزويره بالتدوين سواء من قبل المؤرخ الرسمي الذي يزور لصالح الأقوى. وبالنسبة للحدث السوري، لولا وجود التوثيق الإعلامي ونقل الأحداث بشكل مباشر، لوصلت الأحداث لنا بشكل مغاير ومزور أيضا، لذلك أرصد في (رأس الرجل الكبير) هؤلاء المزورين والمتاجرين بتاريخ البلد وتراثه».