إصداؤات

TT

* في كتابه الجديد، يعالج خالد القشطيني ظاهرة الفكاهة التي ترتبط بالجوع والمجاعات. كتابه الجديد من نشر دار «الحكمة» في لندن بعنوان «فكاهات الجوع والجوعيات»، يستعرض تاريخيا ابتلاء شعوب الشرق الأوسط بالجوع والمجاعات التي وصلت أحيانا لحد أكل الناس لحوم أطفالهم، كما ذكر ابن الجوزي. ولكن المؤلف يمضي فيصف كيف أن التنكيت والفكاهة كانت وسيلة من وسائل التخفيف عن هذه المعاناة. ويورد الكتاب أمثلة مؤنسة عن كبار الظرفاء الذين تميزوا بنكاتهم عن الجوع وعن الحصول على الطعام بوسائلهم الهزلية ودعاباتهم وأشعارهم الظريفة.

يحتل أشعب الطماع الصدارة في الكتاب كمثال ناصع لما يقول، ثم يمضي المؤلف فيستعرض كيف أن هذه الظاهرة تحولت في العصر العباسي إلى مهنة احترفها بعض الشعراء والظرفاء تحت عنوان التطفل، وهي طريقة ما زالت معروفة بيننا في لجوء بعض الشعراء والأدباء إلى التطفل على الولائم واقتحام الحفلات التي لم يدعهم إليها أحد. يعطي المؤلف تاريخا لظاهرة أغفل عن ذكرها الباحثون رغم شيوعها في تاريخنا الاجتماعي والأدبي.

* «بغداد.. مالبورو» فصل جديد من الجحيم العراقي

* بيروت: «الشرق الأوسط»

* عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، صدرت رواية «بغداد.. مالبورو» (365 صفحة من القطع المتوسط) للروائي العراقي نجم والي.

بغداد تحترق! العاصمة العراقية الجميلة التي بناها المنصور 762م تعيش سقوطها الثاني عشر! تُنهب، تدوسها جزمات المارينز، ويسلم سكانها لقانون شريعة الغاب، حيث القتل على الهوية والاختطاف. القتلة واللصوص يتجولون أحرارا طليقين. ووسط كل ذلك الخراب، يحاول الراوي عبثا مواصلة حياته بنفس الروتين دون أن يدري أن حياته ستنقلب على عقب مع الظهور المفاجئ لرجل غريب. كل العراقيين تغيروا بعد 9 أبريل (نيسان) 2003، لكن ما حدث في حياة الراوي من انقلاب يفوق كل خيال. من أين له أن يعرف أن عسكري المارينز السابق دانييل بروكس انتظر سنوات طويلة حتى تحين الفرصة ويغامر بالمجيء إلى بغداد للقائه هو بالذات؟ لماذا كان على الاثنين أن يلتقيا رغم ما فصله بينهما من بلدان وبحار ومحيطات: الأميركي الذي وُلد في ولاية لوزيانا عند نهر المسيسيبي ونشأ في نيويورك، والراوي الذي وُلد في مدينة على نهر الفرات غرب العراق ونشأ لاحقا على ضفاف دجلة في بغداد؟

«بغداد.. مالبورو»، الرواية التي نشرت مجلة «تاتو» فصلا منها على شكل حلقتين (الأولى في عدد أبريل الماضي والحلقة الثانية في عدد هذا الشهر)، تشدنا منذ البداية بما تحويه من مغامرات وأسرار تروي سبعة وثلاثين عاما من تاريخ العراق الحديث. تبدأ بعد أربع سنوات من حرب الخليج الأولى في سبتمبر (أيلول) 1980 وتمر بما حدث على جبهة حفر الباطن في حرب الكويت وتنتهي في ديسمبر (كانون الأول) 2011 في فورت جورج ميد، مدينة صغيرة وحصن عسكري أميركي كبير، حيث تجري محاكمة جندي المارينز برادلي مانين-، المتهم بالخيانة لتسليمه خلال خدمته في العراق موقع «ويكيليكس» وثائق سرية. الروائي العراقي نجم والي الذي ترجمت أعماله إلى الكثير من اللغات العالمية، يواصل في هذه الرواية مشروعه بكتابة تاريخ الجحيم العراقي الحديث.

* كتاب جامع عن «روح الشعر الألماني»

* برلين: «الشرق الأوسط»

* يستمد الكاتب والصحافي ماجد الخطيب عنوان كتابه «هاينريش هاينه.. روح الشعر الألماني» من مقولات عظماء الأدب والفن والموسيقى في القرن التاسع عشر، وهو ما سجله على الغلاف الأخير للكتاب على ألسنة شارل بودلير، وأونوريه دي بلزاك، وفريدريش نيتشه وريتشارد فاغنر وكارل ماركس. إذ يقول الكاتب الفرنسي الكبير أونوريه دي بلزاك عن هاينه إنه «جسد في فرنسا روح الشعر الألماني، كما جسد في ألمانيا روح النقد الفرنسي البناء»، ووضعه بودلير فوق جميع الشعراء الألمان حينما قال: «إن في فرنسا المسكينة اليوم الكثير من الشعراء، لكن لا أحد منهم يقارن بهاينه».

يحتل الشاعر، الذي عاش منفيا بباريس ومات فيها، مرتبة كبيرة في قلوب الفرنسيين، والباريسيون هم الأوروبيون الوحيدون الذين يقولون عن ألمانيا «بلد هاينه»، وليس «بلد غوته». كما يصنف معظم النقاد الألمان الشاعر الكبير هاينريش هاينه، في سلسلة الشعراء الألمان العظام، في المرتبة الثانية بعد فولفغانغ فون غوته، وهذا يعني أنهم يضعونه فوق فريدريش شيللر.

يقدم ماجد الخطيب في كتابه «هاينريش هاينه: روح الشعر الألماني» بحثا مهما عن الشاعر في أكثر من 400 صفحة من القطع المتوسط، وصدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر، وخصص الكاتب نحو 250 صفحة للكتابة عن طفولة الشاعر وشبابه، وشعره، وعلاقته بالشاعر غوته، وعلاقته بالشرق الإسلامي، وقصة حظر أعماله من قبل الفاتيكان، وحياته مع النساء وأثرها في شعره. ثم يختم الكتاب بإحدى مسرحيات الشاعر الرومانسية المعروفة، إضافة إلى 15 قصيدة ترجمها عن الشاعر. خصص الكاتب أيضا فصلا من الكتاب ليقدم فيه عناصر الرومانسية والحداثة في قصائد الشاعر الذي يعتبر رائد الأدب الألماني الجديد، ويشرح ماجد الخطيب إحدى قصائد الشاعر المعنونة بـ«العالم السفلي»، ليكشف لنا عناصر المرحلة الشعرية الانتقالية التي بدأها الشاعر المجدد في أعقاب المرحلة الكلاسيكية، التي اختتمت بوفاة غوته.

يبدأ الكتاب بمقدمة تلخص موقف لوكاتش من هاينه، واختار لها ماجد الخطيب عنوان «الشاعر بين ثور فالارس وحمار بلعام»، وهي مقدمة مستمدة من كتاب لوكاتش المعروف «واقعيو الأدب الألماني في القرن التاسع عشر»، ويخصص فيه 60 صفحة للحديث عن الشاعر هاينه، يطري فيها بلا حدود شاعرية هاينه ورهافة حسه وغنائيته، ويقيم عاليا موقفه النقدي من الشعر الكلاسيكي والحركة الرومانسية، ويرى في «سخريته» أساس المرحلة الانتقالية التي قادها هاينه وأدت إلى انطلاقة مرحلة الأدب الحديث.

يصف هاينه نفسه في «الاعترافات» على أنه آخر ملوك الشعراء الرومانسيين الذي تخلى عن تاجه وصولجانه عن وعي كي يعبد الطريق أمام الأدب الحديث. يقول: معي أغلقت أبواب المدرسة الشعرية الألمانية الكلاسيكية، وفتحت في نفس اللحظة أبواب المدرسة الشعرية الألمانية الحديثة، وكتب لوكاتش أن وصف هاينه لنفسه كجسر بين العوالم الشعرية المختلفة صحيح، إلا أن المدرسة الألمانية الحديثة جنحت في طريق آخر لم يسبر الشاعر غوره في تلك المرحلة. فالأدب الألماني الحديث، حسب لوكاتش، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، أي بعد وفاة هاينه، وقع في فخ «المبالغة بالتجريد»، راودته «الكثير من الأوهام»، وافتقد إلى «النقد الملموس»، وهي ذات التهم التي وجهها هاينه إلى الحركة الرومانسية المتأخرة. انبثق شعر هاينه عضويا من الشعر الرومانسي، لكنه أعلن القطيعة الكاملة مع كل ما هو سطحي ومبتذل في الإرث الأدبي الرومانسي. كان نهوض الحركة الرومانسية رد فعل على الاحتلال البونابرتي والاضطهاد الفرنسي، وبالتالي كان تعبيرا عن الروح القومية الألمانية المقهورة، وهو ما أفعم كامل أدب تلك المرحلة بالمشاعر القومية. لكن هذه الحركة، التي كانت تقدمية يوما، أصبحت رجعية مع مرور الوقت وما عادت «أناها» الظاهرة، وسخريتها «الاعتذارية»، تستجيب لتطلعات شاعر وناقد ومؤرخ وفيلسوف مثل هاينه.