الانتفاضة السورية من الألف إلى الياء

بعد استكمالها في عمل لاحق بالطريقة نفسها

غلاف «الانتفاضة السورية»
TT

في عمل متميز عبارة عن مواكبة توثيقية لأحداث الانتفاضة السورية، صدر حديثا في بيروت عن «الدار العربية للعلوم - ناشرون» كتاب «الانتفاضة السورية من الألف إلى الياء»، من إعداد منى مطر، الباحثة التوثيقية في الأوضاع والمتغيرات السياسية وفي أحوال وتناقضات المجتمع المدني العربي.

وفي 392 صفحة من الحجم الكبير، واكبت المؤلفة أحداث الانتفاضة السورية منذ اليوم الأول 15 مارس (آذار) 2011، الذي كان يوم الشرارة الأولى من جوار الجامع الأموي إلى درعا خط النار بجوار الأردن.

تسلك المؤلفة في كتابها النهج الموضوعي من دون أن يعني ذلك أنها لا تسجل من خلال بعض المفردات تعاطفها مع التداعيات ذات الطابع الإنساني والتدميري التي حدثت على مدى أكثر من سنة ولا تزال تتواصل. وعلى سبيل المثال، فإنها في المقدمة التي أوضحت فيها خارطة طريق العمل التوثيقي للانتفاضة، قالت: الموضوع السوري شائك، والرهانات كثيرة، والاجتهادات والتوقعات أكثر، فهناك من يرى سقوطا لا بد منه للنظام، وهناك من يرى أن العناد من جانب الرئيس بشار الأسد سينتهي حربا أهلية. وهناك من يفترض أن الحل لن يكون بتسليم الرئيس بشار السلطة إلى نائبه كي لا يبدو أن الرئيس «العلوي» تنازل إلى نائب الرئيس «السّني» وهو فاروق الشرع، وإنما الحل في مجلس عسكري على نحو ما حدث في مصر، خصوصا أن هذا المجلس وبموجب التراتبية متنوع المذاهب بمعنى أن هناك العلوي والسني والدرزي والمسيحي والشركسي والكردي في هذا الجيش، وإذن فالمسألة لا تعود انهزام طائفة أمام أخرى. إنها مجرد افتراضات واجتهادات. ومن المهم الأخذ في الاعتبار أن طابخ المصير السوري هو المجتمع الدولي، والطبخة يجب أن يشعر الجميع بطعمها الطيب. ليست شديدة الملوحة. ولا شديدة التبهير. متوازنة وغير عصية على الهضم.

وزعت المؤلفة المادة التوثيقية على نحو مواكبتها يوما بيوم للوقائع على أربعة محاور: (1) سوء التصرف يفجِّر الاحتقان. (2) النظام العالق والعضوية المعلَّقة.(3) المبادرة العربية المقموعة بـ«الفيتو». (4) الأمل المنشود المفقود.. الموؤود. كما أنها تسهيلا للمتابعة أفردت في 11 صفحة، هي صفحات فهرست الكتاب، العناوين الأساسية للأحداث التي حفل بها المشهد البانورامي للانتفاضة.

يكتسب كتاب «الانتفاضة السورية من الألف إلى الياء» أهميته من كونه العمل التأليفي الأول عن هذه الانتفاضة. ومع أن الأحداث والفواجع في سوريا لم تنته لكي يكون هناك تقديم عمل تأليفي متكامل، فإن ذلك لا يعني أن لا تكون هناك مبادرة إلى تسجيل وقائع السنة الأولى من الانتفاضة. وفي هذا الإطار نلاحظ قول المؤلفة في تقديمها للكتاب: «... ولأن وضع سوريا غير محسوم فإنني ارتأيت كإعلامية مواكبة التطورات، وبحيث تكون هذه المواكبة يوما بيوم ومن دون إسقاط وقائع وتصريحات لمصلحة طرف دون آخر. ومثل هذه المواكبة بعد استكمالها في عمل لاحق بالطريقة نفسها، حاضرة أمامي وأمام غيري من الباحثين والمهتمين في الشأن السوري، يعودون إليها وبذلك يجدون أنفسهم وكأنما هم مثلي في حالة معايشة دائمة لأكثر الانتفاضات الشعبية أهمية في أكثر دولة يشكِّل المتصارعون حولها حلقات حلقات».