سلوى بكر: ولعي بالتفاصيل نابع من محبتي للفسيفساء التاريخية

صاحبة «البشموري» تقرأ عن محاكم التفتيش في الأندلس

سلوى بكر
TT

تقول صاحبة رواية «البشموري» الكاتبة الروائية المصرية سلوى بكر: «أقرا الآن كتابا عن محاكم التفتيش في الأندلس، وهو يتناول أوضاع العرب الموريسكيين الذين عاشوا مأساة رهيبة ألحقتها بهم محاكم التفتيش الإسبانية، وأعتقد أنه كتاب مهم لأن له علاقة باللحظة التي تمر بها مصر والخوف من التضييق على حرية التعبير.. فقد فرضت على المسلمين في إسبانيا جملة من القوانين والقواعد التي سلبتهم هويتهم وحرية التعبير. فنحن الآن نعيش في لحظة فارقة، في ظل ترقب من المثقفين والمبدعين لما يمكن أن يطول حرية التعبير والإبداع، خاصة مع تنامي التيارات الإسلامية المتشددة في المجتمع».

تضيف بكر: «وفي السياق نفسه، أقرا كتاب (رحلة بنيامين التطيلى) من ترجمة عزرا حداد، وهو كتاب عن رحالة يهودي يزور الأماكن اليهودية في العالم الإسلامي، وقد بدأ هذه الرحلة في حدود سنة 1165 ميلادية الموافقة لسنة 561 هجرية، أو قرابة سنة 4926 من بدء الخليقة حسب التقويم العبري. الكتاب رغم ما به من طرافة ناتجة عن وصفه للأماكن في متعة بصرية وتفاصيل دقيقة، فإنه أيضا كاشف لاهتمام اليهود منذ وقت مبكر بالتاريخ اليهودي ومرجعتيه التي ربما أُسس عليه المشروع الصهيوني، ويشير إلى جزء من جذور إشكالية الاحتلال اليهودي لفلسطين ووعى اليهود بوجودهم وكينونتهم».

وترى بكر أن هناك كتبا جديرة بالقراءة مرات ومرات، وقد قرأت العديد منها مثل «الخطط» للمقريزى، و«بدائع الزهور في وقائع الدهور» لابن إياس، و«تاريخ البطاركة» للأنبا ساويرس، و«ابن المقفع أسقف الأشمونين» و«مظهر التقديس بزوال دولة الفرنسيس» للجبرتي.. هذا عن كتب التاريخ، أما عن الكتب الأدبية فتقول بكر: «أستمتع بإعادة قراءة أعمال سليمان فياض وأقربها إلى قلبي (أصوات) و(الشرنقة) وبالطبع أعمال نجيب محفوظ خاصة (بداية ونهاية).»

وتقول بكر إن هناك كتبا تعتبرها مراجع وتستعين بها دائما في كتاباتها؛ ومن هذه الكتب «قاموس مصر الجغرافي» لمحمد رمزي وهو كتاب ممتع لأنه «يوضح مواقع جغرافية تفصيلية حالية أو كانت موجودة في فترات سابقة وزالت لأي سبب من الأسباب، كذلك كتاب (الخطط التوفيقية) لعلى باشا مبارك، الذي يجعلك ترى حواري مصر بكل دقة، وبأسلوب بديع لمصر القديمة بعاداتها وتقاليدها وناسها».

وتشير بكر إلى أن ولعها بالتفاصيل في كتاباتها نابع من محبتها الخالصة للفسيفساء التاريخية، وتقول: «التفاصيل الصغيرة في التاريخ تصنع أعمالا أدبية عظيمة، وأنا مغرمة بالتاريخ عموما والتاريخ المسكوت عنه خصوصا، وأعتقد أنى فعلت ذلك في روايتي (البشموري) التي تحدثت عن ثورة للأقباط في مصر بعد 11 عاما من استقرار العرب في الفسطاط، وأظن أنني قد سلطت الضوء على هذه الفترة المجهولة في تاريخ مصر، كذلك روايتي (كوكو سودان كباشى) التي دارت في أجواء الحملة المصرية على المكسيك».

تؤكد بكر على أنها ترفض فكرة طقوس الكتابة والقراءة، فهي تقرأ في أي وقت وتكتب كلما شعرت بأن لديها ما تكتبه، وحسب ما تقول: «دائما ما يكون لدي ما أقرأه، وغالبا ما أقرا أكثر من كتاب في وقت واحد.. ليست لدي طقوس بعينها للقراءة والكتابة».

بكر لديها مشروعات روائية لم تنته منها، ولكنها تعكف الآن على الانتهاء من أحد الأعمال الروائية، قائلة: «لا أحبذ الحديث عن أعمالي ما دامت قيد الإبداع، فهي ما زالت ملكى، أما حين تتلقفها المطابع، فإنها تصبح ملكا للقارئ».