المخرج سامي الجمعان يستعيد أعمال رائد المسرح السعودي أحمد السباعي

المخرج سامي الجمعان
TT

يعتبر المسرحيون السعوديون عام 1960 التاريخ الحقيقي لميلاد المسرح في السعودية، وذلك عندما أسس الأديب أحمد السباعي أول فرقة مسرحية في مسقط رأسه مكة المكرمة وضمت عددا من الموهوبين في المنطقة ليقدموا عروضا مختصة بالقصص الإسلامي، جمعهم في مدرسة للتمثيل أطلق عليها اسم «دار قريش للتمثيل الإسلامي». وعلى الرغم من تحصينه لهذه الفرقة في اسمها وتخصصها واقتصارها على التمثيل الإسلامي، فإن ذلك لم يشفع لها بالبقاء، فأغلقت المدرسة وحلت الفرقة وتفرقت مواهب أعضائها في الفرق المدرسية.

هذه التجربة هي محور مسرحية «حدث في مكة.. ترنيمة إلى الشيخ أحمد السباعي» التي ألفها المسرحي الدكتور سامي الجمعان وأخرجها سلطان النوه على مسرح جمعية الثقافة والفنون بالأحساء بالتعاون مع وكالة الشؤون الثقافية في وزارة الثقافة والأعلام أخيرا.

وأوضح الكاتب المسرحي الدكتور سامي الجمعان لـ«الشرق الأوسط» أنه أراد من خلال النص أن يشير إلى المشروع الريادي للسباعي عندما قرر إنشاء فرقة مسرحية في زمن لم يكن فيه المسرح قد أصبح ثقافة شعبية، وكان الاقتراب منه محل شك وريبة، مشيرا إلى صعوبة طرق تجربة كهذه بملابساتها وأحداثها واجتهاده في وضع تجربة السباعي أمام الرأي العام واستعراض ما واجه مشروعه الرائد من مأساة توقف وإغلاق.

وأضاف: «إن (حدث في مكة) تبحث الجانب الاجتماعي للمسرح وقدرته على ترسيخ دوره وفاعليته في ثقافة المجتمع في ذلك الوقت، ليأتي الجواب من خلال ما حدث للسباعي، وتأكيد أن النظر إلى المسرح لايزال مربكا»، معتبرا سقوط مشروع السباعي مشتملا على دلالات كبيرة، لذلك كانت أهمية توظيفه مسرحيا وإعادة طرحه وما انطوى عليه من طموحات، مبينا أن الوضع الحالي للمسرح السعودي ووجوده على الهامش يؤكد الحاجة إلى توعية الناس وإعادة صياغة مفاهيمهم للمسرح الجاد والواعي والفاعل».

وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إن الصعوبات التي واجهها السباعي مع فرقته المسرحية «دار قريش للتمثيل القصصي الإسلامي» ما زالت تواجه المسرحيين من أبناء الجيل الحالي، ولفت إلى أن النظرة للمسرح غير واضحة على المستويين الرسمي والشعبي، واصفا المسرح السعودي بأنه مجرد اجتهادات فردية لا مؤسساتية.

وقال: «أتصور لو أن مشروع دار قريش للسباعي نجح حينها وكرس دور المسرح بين الناس، لكنا كسعوديين ننظر للمسرح نظرة أكثر توازنا ووعيا».

وأشار الجمعان إلى دور الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون في دعم المسرح واحتضانه ومحاولات تطويره على الرغم من بساطة إمكاناتها، منوها بضرورة تكريم رئيس مجلس إدارتها السابق محمد الشدي الذي دعم الحركة المسرحية وحاول تأصيلها خلال فترة إدارته للجمعية.

واعتبر أن مشكلة جمعيات الثقافة والفنون الأخيرة والواضحة هي البعد عن مسرح الجمهور والشارع واللجوء إلى مسرح النخبة، مؤكدا أنه مهما بلغ من الأهمية، فلن تكون له الفعالية المرجوة، هذا إلى جانب اهتمام الجمعية بالكم واعتباره المعيار في الإنتاج، الأمر الذي سيؤدي لكارثة مسرحية غير محسوبة.

وبالعودة إلى مسرحية «حدث في مكة»، فقد أعلن الجمعان أنه بهذا العمل استكمل مشروعه التأليفي الذي بدأه عام 2007، بعنوان «مسرحة الرموز والتجارب المسرحية العربية»، مشيرا إلى أن هذا المشروع يتضمن اختيار شخصية لها دور فعال في المسرح العربي وإعادة صياغة تجربتها المسرحية من حيث استدعاء الشخصية ومساءلة تجربتها والتحاور معها ودراسة تبعاتها.

وكانت تجربة أحمد السباعي هي الثانية بعد مسرحية «موت المؤلف»، التي عرض فيها تجربة المسرحي السوري سعد الله ونوس.