صاحب «الفن الغرافيتي في السعودية»: للمهمشين لغتهم البصرية وشيفراتهم السردية

غلاف (الفن الغرافيتي في السعودية)
TT

الفن الغرافيتي أحد أشكال التعبير التي يعبر من خلالها الشباب واليافعون عن تطلعاتهم وعما يختلج في صدورهم، لكن الكاتب السعودي سامي الجريدي، حمل كاميرته وراح يلتقط صور هذا الفن المبثوث على الجدران في السعودية، محاولا التعرف على هويات المبدعين الصغار والمشاغبين المشاكسين الذين يحفرون في الذاكرة نوعا من الاحتجاج.

كتاب (الفن الغرافيتي في السعودية) لمؤلفه سامي الجريدي، صدر عن وزارة الثقافة والإعلام، بالرياض، 2012، بمائة صفحة، ضمت أكثر من 63 شكلا من أشكال الكتابة على الجدران، عبر ثلاثة أبواب. الباب الأول جاء بعنوان «مفهوم الكتابة من الرمز إلى ذهنية الكبت»، وتناول الباب الثاني موضوع «الشفرة السردية للنسق الثقافي»، بينما خصص الباب الثالث لموضوع «حضور الكتابة على الجدران في الرواية».

يقول مؤلفه لـ«الشرق الأوسط»: «لقد أصبح فن الغرافيتي (الكتابة على الجدران) فنا مستقلا كغيره من الفنون البصرية له هويته وخصائصه ومضامينه الفنية الأخرى كالرسم والفن التشكيلي والنحت والتصوير الفوتوغرافي، فهو فن لغوي - بصري مستقل له عوالمه ورؤاه. ولهذه الدراسة عدة أهداف، من بينها ما يمكن قراءته في كون الكتابة على الجدران تمثل نصوصا سردية لها من البنى الدلالية للحكي، ما للقصص والروايات من بنى حكائية، فهي كتابات معبأة بحكايات وأشعار وأغان وأمثال وحكم ورسائل وأرقام تكتنز في معظمها لغة سردية من نوع خاص».

ويضيف: «أحاول في هذا الكتاب أن آخذ قضايا الخربشة والكتابة على الجدران من عدة زوايا أدبية وفنية، بخلاف الحال في معظم الأبحاث التي كانت منصبة على الجزء النفسي والتربوي فقط. ومن أهداف الكتاب أيضا أنه يبحث في الخطاب الثقافي والمعرفي، الذي من شأنه النظر في مسائل المهمش والمنسي والمسكوت عنه ومدى ارتباطها بالأنساق الثقافية المضمرة، التي جعلت من هذه الرؤية بابا كبيرا للولوج إلى منطقة جديدة تسمى النقد الثقافي البصري. والرموز التأويلية لهذه الدراسة من شأنها أن تنفتح على المقروء البصري كنسق ثقافي انتقلت هويته من التشكيلي إلى السردي، وأصبحت دلالته تكمن في بنيته المكتوبة. كما تعالج هذه القراءة العلاقة الخفية بين السردي والتشكيلي، وذلك من جهة أن الكتابة على الجدران تمثل في حقيقتها نصوصا سردية مفتوحة تختبئ بداخلها قصص الأشخاص وأسرار المجتمع وثقافتهم الحضارية».

كما يعتبر كتاب (الفن الغرافيتي في السعودية) الكتابة على الجدران أحد الفنون التشكيلية، وذلك من جهة كونها تعبر عن رؤى وأفكار يتجاوز فيها الفنان مسائل الجمالية إلى مسائل أكثر تعبيرا موجودة في محيط الفن، وبخاصة في فنون ومدارس اتجاهات ما بعد الحداثة.

إن للمهمشين، كما يقول المؤلف، لغتهم البصرية وشيفراتهم السردية، تلك التي تجمع ما بين الفن واللافن، وهي مع ذلك لغة لا تصل عادة إلى الأماكن التي تبتعد عن إدراك وجودهم، لكنهم مع ذلك لا يزالون يقومون بفعل الكتابة، يرسمون ويخربشون.

يذكر أن الناقد والفنان التشكيلي سامي الجريدي أصدر مؤخرا كتابا إبداعيا بعنوان (تفســير آخر للخـلاص.. نصوص - فصوص)، عن دار «الغاوون» ببيروت 2012. وتضمن الكتاب نصوصا جمعت ما بين الشعري والسردي وما بين السريالي واليومي، من خلال الشكل واللغة والأسلوب.