أحمد عائل فقيهي: غابت الفلسفة.. فغاب السجال الفكري عن حياتنا الثقافية

قال لـ «الشرق الأوسط»: لننزع الهالة المقدسة عن الماضي حتى نقرأه برؤية علمية

أحمد عائل فقيهي
TT

يمزج الشاعر والكاتب السعودي أحمد عائل فقيهي بين جماليات القصيدة الحديثة التي كان من أوائل الذين كتبوها في السعودية، ورؤيته ككاتب يدافع عن الحداثة، والتجديد، وخاصة فيما يتعلق بتجديد الخطاب الديني الذي يرى أن الكثير منه لا يحمل عمقا فكريا فـ«هناك دعاة لا مفكرون في هذا الخطاب»، كما أنه يرى أن «المثقف الحقيقي لا تصنعه المؤسسة وهي لا تصنع المبدعين».

هنا حوار معه على هامش مهرجان ثقافي نظم مؤخرا في الطائف غرب السعودية:

* هل يقلقك تراجع الشعر عن حضوره في المشهد الثقافي في ظل سطوة ثقافة الصورة؟

- لا يقلقني تراجع الشعر فقط، لكن يقلقني تراجع القيمة التي يحملها الشعر وهي الانحياز إلى الإنسان، بوصف هذا الإنسان قيمة. ولا تأتي أهمية الحياة إلا عبر الشعور بأهمية الإنسان نفسه، وإذا تراجعت قيمة وأهمية الإنسان تراجع كل شيء.

أما القصيدة فتظل في حالة حضور بقدر حضور معنى القصيدة نفسها، ولا يمكن أن يتحقق هذا المعنى إلا بتحقق جدوى الشعر نفسه، وجدوى اللغة بوصفها المعبر عن الواقع والمتخيل الذي ينبني عليه هذا الواقع. تكمن أهمية القصيدة ليس في قيمتها الجمالية وشعريتها فحسب ولكن في الموقف الذي تحمله هذه القصيدة سواء من الواقع الاجتماعي، أم من السلطة بمفهومها العام «السياسي، الديني» أو من العالم.

عموما لسنا في عصر الشعر، فقد تراجع دور الشعر ليس في المشهد الثقافي المحلي والعربي فقط، بل في المشهد العالمي، فهناك قضايا كونية كبرى اليوم تعصف بالعالم.

* استوقفتني عبارة في مقال لك تقول: «لا أميل إلى الشعر الذي لا يقدم لا رؤية ولا مضمونا، والذي لا أجد فيه خطابا شعريا عميقا للحياة والوجود والكون والبشر» أليس ذلك تحميلا قسريا للشعر وتعريته من قيمته الجمالية وتحويله إلى خطاب آيديولوجي؟

- إنني أميل إلى الشعر الذي بقدر ما يشكل إضافة إبداعية على مستوى اللغة، بقدر ما يقدم رؤية ومضمونا، ذلك الشعر الذي يرتكز على بعد ثقافي وعلى وعي بالتاريخ، الذي هو ترجمة عن حالة إنسانية وجودية وكونية. ويحمل عذابات الإنسان واحتراقاته واجتراحاته أيضا. وليس ذلك الشعر المباشر الإنشائي والمناسباتي. فالشعر هو تعبير عن الذات الواحدة والذات الجماعية، كما نرى ذلك عند الكبار كالمتنبي، وأبو العلاء، والكثير من الشعر القديم، والشعر الحديث أيضا عند كأدونيس وخليل حاوي وصلاح عبد الصبور. وعندما يصبح الشاعر معبرا عن آيديولوجيا بعينها وبذاتها يصبح صوتا لها.

* ولديك أيضا رأي في الشعر ورسالته فحواه أنه «ليس مجرد لغة.. ومفردات وخيال فقط، إنه عالم يعج ويضج بتحولات الأزمنة واحتراقات الإنسان العربي».. لكنك تعلم أن النزعة الفردية في الشعر العربي أعلى من سواها، فهو قليل التواصل مع القضايا العامة.. هل سمعت شعرا عن حقوق الإنسان أو عن البيئة؟

- الشعر يعبر عن الذات المندمجة في الذوات الأخرى، وعن هموم الأمة وتحولاتها كما عند أحمد شوقي وحافظ إبراهيم ونزار قباني وعبد الله البرودني، عن آلامها وآمالها.

وأيضا هو حالة وجودية والتقاط للتفاصيل اليومية كما نجدها في القصيدة الحديثة، سواء في قصيدة التفعيلة أو في النثر.

* الشعر والحداثة

* لماذا يقلقك غياب الشعر الحديث عن مناهج التدريس؟ ولماذا لست مرتاحا لانكباب الطلاب في التعليم العام والعالي نحو دراسة شعراء العصور القديمة؟

- لقد شكل الشعر الحديث لحظة فاصلة في تاريخ الشعر العربي، هذا الشعر وهذا الإبداع أحدث ثورة على مستوى اللغة وعلى مستوى النظر لمعنى الشعر ويعتبر من أهم الإنجازات الثقافية والشعرية العربية، وتغييبه هو نتاج تكريس الذهنية الثقافية التقليدية الذي تقود المؤسسة التعليمية والتربوية. ولا بد أن يتجاور في المناهج القديم والجديد في الشعر.

العرب يملكون إرثا شعريا عظيما هو تاريخهم الحقيقي الذي هو خارج التاريخ السياسي المزيف وهو المخزون الإبداعي الضخم للإنسان العربي منذ الجاهلية وبدايته القديمة إلى اليوم. الشعر هو هوية العرب الأولى معرفيا.

* هل تخشى أساسا أن يؤدي التوجه لتعميق الصلة بالماضي إلى انفصام عن الواقع وعدم مسايرة روح العصر؟

- لا أخشى إلا أن يتحول الماضي إلى حالة واحدة، هي حالة القداسة التي نعطيها ونصبغها على هذا الماضي. علينا أن نزيح هذه الهالة المقدسة مع الماضي وعلينا قراءة الماضي برؤية علمية وحديثة على ضوء المناهج الحديثة، بما فيها قراءة النص الديني.

بقدر ما نكون أبناء الماضي ينبغي أن نكون أبناء المستقبل.

الماضي لحظة زمنية انتهت، وعلينا أن نأخذ منه الأجمل والأعمق فهو زاخر بالكثير من العذاب والمآسي. ما يضيئه العقل والوجدان، وعبقرية الفرد العربي هو ما يبقى، لا ما تصنعه السيوف والبنادق.

* تقول: «إن حضور الشعر مرتبط بحضور معناه وحضور هذا المعنى مرتبط ارتباطا جذريا بفهم الشعر وليست كتابته فقط»، هل توضح ذلك؟

- أغلب من يتعاملون مع الشعر يقرأونه وينظرون إليه بوصفه لغة، وليس بوصفه معنى. أن تعرف الشعر وتفهمه أهم من أن تقرأه، هناك شعر غارق في التفاهة والهشاشة كما نرى في قصائد النظم. علينا أن نذهب إلى ماهية الشعر الحقيقي. إن السائد على ألسنة الناس هو السطحي وليس الأهم والأعمق.

الشعر هو جوهرة الإبداع الإنساني وعلى هامشه وضفافه تقف كل الفنون. والشعراء الكبار هم من يعبرون عن القضايا الكبيرة والهموم الكبيرة والانعطافات الكبيرة في التاريخ.

البكاء تحت خيمة القبيلة

* ماذا يمثل نص «البكاء تحت خيمة القبيلة» بالنسبة لتجربتك الشعرية أي نقلة أحدثها في تجربتك الشعرية؟ نعرف أنك نشرت هذا النص في مجلة «اليمامة» وحظي بقراءة نقدية من الراحل عبد الله نور.

- يمثل لي «نص البكاء تحت خيمة القبيلة» النص المفارق، تداخل فيه الذاتي مع الزمان والمكان، في ظل عنفوان سنوات التكوين الأولى التي انفتحت على تجربة الحداثة العربية، وعبر عن لحظة وجدانية ورومانسية مرتبطة بالجذور والأرض ودلالة المرأة ورمزيتها في هذه الأرض.

وهو نص كتب عنه الناقد الراحل عبد الله نور مقارنا بينه وبين قصيدة «القمر» للشاعر البريطاني ديلان توماس، فيما كتب عنه الناقد محمد صالح الشنطي والناقد عالي القرشي. وأنا أتلمس الطريق بحثا عن هوية شعرية وسط شعراء كبار متميزين في سنوات التكوين الأولى.

* هل أصبح المشهد الشعري السعودي أكثر نضجا للتعامل مع قصيدة النثر؟

- لم يصل لمرحلة النضج والوعي بأهمية قصيدة النثر بوصفها قصيدة تأتي في معمار الشعرية العربية حيث كونها قصيدة تقوم على النظر إلى الحياة من زوايا مختلفة، وثمة كتابة لهذه القصيدة تصل إلى حد الابتذال ولكن هناك محاولات شعرية لافتة في كتابة قصيدة النثر.

وأنا أرى أن قصيدة النثر ليست بالسهولة التي يتصورها البعض، كما نراها عند الكبار محمد الماغوط وأنسي الحاج وسركون بولص وآخرين.

* الحداثة الفكرية

* لديك مفهوم مختلف للاتجاه نحو الحداثة، حيث تقول: إنه «كلما أوغلت في حب وعشق وقراءة القديم كنت أكثر إلماما ووعيا بالحداثة»، كيف يمكن للتراث أن يصنع حداثة وهي نقيض له؟

- لا أتصور شاعرا لا يقرأ القديم! ذلك أن القديم في تجلياته المضيئة شعريا هو محرض حقيقي لقراءة الجديد وكذلك العكس.

في مكتبتي يتجاور ديوان المتنبي مع دواوين محمود درويش وديوان المعري مع دواوين السياب والبياتي وأدونيس وسعدي يوسف وعبد العزيز المقالح... وآخرين.

كما تتجاور كتب الجاحظ وأبو حيان التوحيدي مع كُتب طه حسين والعقاد، وكما يتحاور فكر ابن رشد مع فكر الجابري وعبد الله العروي وحسين مروة.

إن الثقافة تتجاور وتتحاور في آن وكذلك الإبداع. أنا أكثر حداثة عندما أكون أكثر فهما ووعيا بالقديم. فأنا تراثي وحداثي في نفس الوقت وأحد أحفاد الكبار في الإبداع والثقافة العربية. والإبداع كالضوء يأتي من كل الأزمنة والأمكنة.

* أين نجحت هذه الفرضية (القديم يؤدي للحداثة).. وأين تمظهرت في المشهد الثقافي السعودي تحديدا؟

- لم تنجح فنحن نعيش تمثلات ومظاهر المدنية والحداثة في السطح ولكن في العمق ما زالت ثقافة القبيلة والعائلة هي السائدة. وكما يقول نزار قباني لقد لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية.

ولم تتمظهر بعد إلا بوصفها واجهة في المؤسسات والمنشآت لا في العقول والأذهان عند البعض. نحن حداثيون نعم وتقليديون أيضا.

* لماذا يجري الحديث عن (الحداثة) كحالة مفككة، وانتقائية، فهناك حداثة الشعر والأدب.. بينما لا أحد يتحدث عن حداثة الفكر والفلسفة؟

- لقد همشت الجامعات السعودية السؤال الفلسفي والفكري نتيجة سطوة المؤسسة الدينية ولأن فكر هذه المؤسسة متغلغل في كثير من مفاصل المؤسسات التربوية والثقافية.

ومن هنا غاب الخطاب الفلسفي القائم على ثقافة المحاججة والأسئلة الكونية لذلك تجد المشهد الثقافي السعودي مشهدا ناقصا نتيجة غياب هذا البعد.

إن الفلسفة تطرح قضايا الدين والكون والاقتراب من المناطق المحرمة. لذلك تجد الخطاب الأدبي هو السائد، وأسيرا في مجمله للوجدان وليس للعقل.

* ألا تلاحظ أن النقاد يمنحوننا توصيفات خاصة تناسب وهم (الخصوصية) المزعوم.. فيمنحون بعض شعرائنا لقب: حداثي، ويمنحون بعض مفكرينا لقب: ليبرالي.. كتعبير مجازي لا يتوافق بالضرورة مع واقع الحال؟

- مع تحفظي على لقب «مفكر» فإن هذه توصيفات تدخل في وهم الخصوصية التي نعيشها وهي تعبر عن عدم وعي بهذه المفاهيم والمصطلحات لأنها أصبحت مجانية، تمنح لهذا وتمنح لذاك.

لا بد من إضاءة المفاهيم والمصطلحات، كـ«الليبرالية والحداثة وما بعد الحداثة والعولمة» وما إلى ذلك.

* في مطالبتك لتأسيس «حداثة الفكر» تدعو لتأسيس «ثقافة السؤال المعرفي والفلسفي» وتقول: إنه بغياب هذا السؤال تم التعامل مع الفلسفة «بوصفها نصا محرما.. يحرض على الزندقة والإلحاد».. وأدى الغياب لأن يكون «خطابنا الثقافي هو خطاب وجدان لا خطاب عقل».. أولا: أليست مبالغة في تضخيم دور الحداثة..؟ وثانيا: من يتحمل مسؤولية هذا الغياب؟

- ليست مبالغة بقدر ما هي طموح لصياغة ذهنية اجتماعية تؤمن بقيم الحداثة والدولة المدنية.

وإن غياب دور الجامعات والمؤسسات الثقافية والنخبة التي «هذه النخبة» ينبغي أن يكون دورها فاعلا ومؤثرا، وغياب دور «النخبة» التي هي في مجملها مهزومة وهاربة من أداء هذا الدور جاء نتيجة الضغوط المعيشية والوظيفية، وأيضا الضغوط الاجتماعية، التي هي مرتبطة بسلطة المجتمع. وهو ما أفضى إلى غياب الفكر والفلسفة في بلادنا. ذلك أن هنالك مشتغلين بالفكر ولكن لا يوجد مفكرون، هناك فرق بين الاشتغال بالفكر وصناعة الفكر.

ومن هنا لا نجد مشاريع فكرية في بلادنا كما نجد عند محمد عابد الجابري وعبد الله العروي ومحمد أركون وحسن حنفي وأدونيس.. وآخرين.

وتغييب تدريس الفلسفة في الجامعات السعودية هو الذي أدى بالمقابل إلى غياب سؤال الفكر وسؤال المعرفة. لذلك لا نجد هذا السجال الفكري والفلسفي في حياتنا الثقافية. ومن هنا نجد الذهنية لدينا مؤسسة على خطاب الوجدان لا خطاب العقل.

حتى في الخطاب الديني لا يوجد أصحاب فكر ديني عميق، يتداخل مع الثقافات الأخرى، وليس هناك تجديد لهذا الخطاب.

* المثقف والمؤسسة

* لماذا تراجع دور المثقف في المجتمع؟ وسط حضور طاغٍ للخطاب الديني..؟

- في ظل ثقافة الصورة ووسائل الإعلام ووسائط الاتصال تراجع دور المثقف. ولأن المثقف نفسه أصبح ضمن ثقافة المؤسسة، ولأن خطاب الداعية الديني يتقدم على خطاب المثقف.

والمجتمع يعطي رمزية كبيرة للداعية لا يمنحها للمثقف. بالرغم من أن خطاب الداعية هو خطاب فتوى ووعظ وإرشاد أكثر منه خطاب واع وفكري. لا يوجد فكر في الخطاب الديني لدينا، وهناك دعاة لا مفكرون في هذا الخطاب.

* كثيرا ما يتهم المثقفون أنهم «بلداء» واتكاليون، ولا يملكون جلد المواجهة والمنافسة، بعكس خصومهم الدينيين؟

- الإسلاميون أكثر تنظيما وأكثر مؤسساتية من المثقفين. وأثبتت الأحداث الراهنة وصول الجماعات الإسلامية إلى سدة الحكم. ممثلة في نموذج تونس ومصر وهو ما يعكس أزمة العقل العربي وأزمة الدولة العربية وفشل كل المشاريع الفكرية والثقافية.

أنا مع الدولة المدنية لا الدولة الدينية لأن الدولة المدنية تمثل منطق العصر، ومنطق الحداثة، وإذا تحولت الدولة إلى مؤسسة دينية يضيع ويتلاشى منطق ومفهوم الدولة. الدولة شيء والدين شيء آخر.

* أنت من الكتاب الذين يطرحون قضية «المثقف الملتزم»، ملتزم بماذا؟ ألا ترى أن التجارب راكمت لدينا مثقفين مؤدلجين قسموا بـ«التزامهم» العالم؟

- المثقف ينبغي أن يكون ملتزما من حيث التزامه بقضايا الإنسان والمجتمع وأهمية الإعلاء من قيمة الإنسان والانحياز إلى همومه، والتعبير عن هواجسه والثقافة ليست واجهه فقط لكنا مواجهه مع جيوش الأمية والجهل والتخلف وذهنية المنع والممانعة.

وأن تكون مثقفا حقيقيا يجب أن تكون خارج التقسيم والآيديولوجيا.

* أين تصنف دور «المؤسسة» في الفعل الثقافي؟

- المثقف الحقيقي لا تصنعه المؤسسة وكذلك المبدع. وكل المثقفين والمبدعين عبر التاريخ لم تصنعهم المؤسسة. الثقافة في معناها العميق هي ضد المؤسسة سواء مؤسسة سياسية أو مؤسسة دينية أو اجتماعية. والمفكر والمبدع هو أكبر من المؤسسة وهو الذي ينبغي أن يتحول إلى مؤسسة ومؤسس. وهذا الفعل الثقافي غائب ومغيب عنها.

* أين ينعكس دورها في الإبداع والإنتاج الثقافي على صعيد الفرد والجماعات؟

- لا يوجد لها انعكاس حقيقي، فلقد تحولت المؤسسات الثقافية بما فيها الأندية الأدبية إلى البحث عن وجاهه من خلال الأفراد الذين ينتمون إليها. الكثير ليس لديهم منجز فكري ولا ثقافي ولا إبداعي واحتلوا واجهات المؤسسات الثقافية.

وهؤلاء في مجملهم مجرد موظفين لا مثقفين وهناك فرق بين دور المثقف والموظف.

* ألا ترى أن «المؤسسة» تمثل – أحيانا – عبئا على الإبداع وحريته؟

- نعم فهي تتحول إلى قيد وتتحول أنت إلى صوت المؤسسة وكما كان الشاعر القديم هو صوت القبيلة يمكن أن يتحول المثقف إلى صوت للآيديولوجيا التي ينتمي إليها.

نعم للمثقف الحر والذي يحمل هموم الإنسان أينما كان هذا الإنسان.

* سيرة شخصية وإبداعية

* ولد أحمد عائل فقيهي في مدينة جازان عام 1378هـ، (1952) وكانت أولى قصائده بعنوان «الفجر الأخضر» نهاية السبعينات، وهو من أوائل الذين اشتغلوا على القصيدة الحديثة في السعودية، نشر محليا وعربيا، وشارك في الكثير من المهرجانات الشعرية والثقافية والعربية أهمها مهرجان المربد، وجرش، ومهرجان بابل الثقافي في بغداد، والجنادرية. وكتب عن تجربته الشعرية الكثير من الدراسات النقدية، بينها: الناقد عبد الله نور، وعبد العزيز المقالح، والناقد الدكتور عالي القرشي، وأحمد فضل شبلول، ومحمد أحمد عواد، ومحمد صالح الشنطي، وأحمد كمال زكي، وفوزي خضر، وآخرون. وتم تكريمه في الكثير من المؤسسات الثقافية.

له مجموعتان شعريتان تصدران قريبا هما: «البكاء تحت خيمة القبيلة»، و«عشر مرايا لوجه واحد» وله كتاب يضم مقالاته الفكرية والسياسية.

* من شعره

البكاء.. تحت خيمة القبيلة

صباح القرى يا صبايا الحي-

صباحا توضأ بالصحو-

* صب على القلب إشراقه ومطر-

صباحا له نكهة العشب-

* تسربل بالغيم-

وضوع في الرمل..

* إضمامة وحجر-

لتلك البلاد..

* لإغفاءة البنت.. تلك التي-

أرضعتني حليب الوداد

* وألقت على شفتي-

قبلة ومطر

* لحانية الصدر والصوت-

للاشتعال الخجول

* للبسمة المستحمة بالضوء-

لتلك التي قاسمتني

* أسى غربتي والسفر-

لتلك التي مدت على شرفة الفجر

* شالها الليل-

وسقتني ماء السؤال الصعب

* في الوطن السراب-

في الوطن الخراب

* وهذا ارتحال الجنوب-

لعشب التراب

* لذاك المدى-

خبر – مبتدأ

* مات بجمر اللظى عمرا-

وأغلق باب وباب

* لتشرق شمس الضحى من- أحلامنا

* ينام المساء صباحا-

ونقرأ بدء الغياب.. الغياب

**

* عاشق آت أنا من لجة الماضي-

إلى بوابة تفضي إلى

* فجر جميل وبلدْ-

قادم من أرخبيل الوقت

* ممتد أنا-

أصرخ خوفا مدد يتلو مددْ

* كل ما بيني وبين الرمل-

عهد لم أبحه لأحدْ

* لي في الغيم شراع-

مقعد من سعف النخل

* ولي من موجة العشق-

خيام ووتدْ

**

يا شامة الصحراء..-

يا وجها توهج في الخيال

* هذي فصول الحلم تتلوها الرمال-

وذا كتاب البحر.. من يقرأ؟

* تلك خاتمة السؤال-

يا شامة الصحراء..

* يا ألق الصباح-

هذا ابتداء ينتهي

* وذا انتهاء يبتدي-

وأنا المسافر في حقول الضوء

* والآتي على كتف الرياح-

وأنا المضمخ بالجراح

ولا جراح.. ولا جراح