«أبو كاطع».. رحلة المجد الصعب

ابنه يكتب عن أعماله، ويجمع كتابات عنه

غلاف الكتاب
TT

شمران الياسري المعروف بلقبه الشهير (أبو كاطع)، هو إعلامي عراقي وصحافي لامع وروائي تميز بأنه أول من عكس حياة الريف العراقي ببراعة نادرة في رباعيته الشهيرة (الزناد وبلابوش دنيا وغنم الشيوخ وفلوس حميِّد) التي أردفها برواية (قضية حمزة الخلف) التي اعتبرها نجله إحسان شمران الياسري جزءا خامسا من الرباعية، في الكتاب الذي أصدره عن أبيه بعنوان: (أبو كاطع.. شمران الياسري.. نهر العراق الرابع).

صدر الكتاب عن «دار المدى للثقافة والنشر» في خمسمائة وسبع وعشرين صفحة من الحجم المتوسط وحوى أربعة فصول. كان الفصل الأول استهلالا وتقديما بقلم المؤلف ومقدمة بقلم الصحافي فخري كريم واستعراضا لحياة أبو كاطع سماه المؤلف (رحلة المجد الصعب). والفصل الثاني كان بعنوان (ما كتب عنه) وكان الجزء الأول في هذا الفصل ملخصا عاما عن الرباعية، وكرس الجزء الثاني لمقدمتي الطبعة الثانية التي صدرت عام 1989 والثالثة في عام 2007 للرواية. والجزء الثالث لمن كتبوا عن الرواية إذ أحصى المؤلف أربعين كاتبا، كان كاتب هذه السطور واحدا منهم. وحوت قائمة الكتاب عددا من المثقفين العراقيين المعروفين من أمثال غائب طعمة فرمان ويوسف العاني، وفاضل ثامر، وزهير الجزائري، وياسين النصي وعبد الإله الصائغ ومنعم الأعسم وعريان السيد خلف وكريم كاصد وناجح المعموري وعدنان حسين وجمال العتابي توزعت كتاباتهم بين البحث والنقد والخاطرة والمقال الصغير. وكان الجزء الرابع مخصصا لقصائد شعرية عن أبو كاطع.

أما الفصل الثالث، الذي استغرق عشرين صفحة فقد أدرج فيه المؤلف وثائق جهاز الأمن أيام الحكم الديكتاتوري المنهار عكست جانبا من نشاط الجهاز في مراقبة تحركات أبو كاطع.

وكان أكبر فصول الكتاب عن (ما كتبه) أبو كاطع الذي استغرق أكثر من مائتي صفحة وزعها المؤلف على جزأين. كان الجزء الأول بالعناوين التالية: الشأن العربي والدولي، والشأن الوطني وقضايا الجبهة الوطنية ومن أجلها، والتورية السياسية، وعن الحزب وشؤونه وعن النفط والإصلاح الاجتماعي، ومن أجل توازن أفضل بين حقوق المواطن وواجباته، والصحافة.

وأفرد قسما من هذا الفصل لكتابات طويلة أورد منها: (قصة شجرة التفاح البيضاء) و(حدث هذا في مملكة الضبع الأكبر) و(من بغداد إلى برلين) وهو عن رحلته إلى ألمانيا الديمقراطية للعلاج مع السيدة زوجته أوائل سبعينات القرن الماضي. و(لمناسبة الأول من أيار) و(يوميات صحافي خردة) و(أبو كاطع يقدم كشف حساب). أما الجزء الثاني في هذا الفصل فقد كرسه المؤلف للحديث عن القاموس الريفي، الذي هو نوع من الكتابة لم يسبق أحد أبو كاطع على الإبداع فيه. ونشر المؤلف ما سبق نشره ووعد بجمع ما هو متيسر بين يديه من مسودات هذا القاموس.

وختم المؤلف الكتاب بمجموعة كبيرة من الصور لأبو كاطع وعائلته في مراحل مختلفة من حياته تعكس جوانب من نشاطه داخل العراق ومنها صوره وهو سجين وفي لبنان وألمانيا الديمقراطية وبلغاريا وفي براغ وهنغاريا والاتحاد السوفياتي وغيرها من الأماكن، وصورا لقبره في مقبرة الشهداء في بيروت كما حوى صورا لوثائق الأمن أيام الحكم الدكتاتوري التي تعكس المراقبة الدقيقة لتحركاته.

إن هذا الكتاب مبادرة جيدة لاستذكار هذا المبدع العراقي الذي لم ينل حقه من التعريف الكافي بما أنجز في مجالات الإعلام والصحافة والرواية العراقية. هذا المنجز الذي يستحق ليس الإشارة إليه فحسب بل وإعادة نشر ما أبدعه كاملا، وتحويل هذا الإبداع إلى أفلام ومسلسلات تلفزيونية وأعمال مسرحية فضلا عن الدراسات الأكاديمية في كليات الصحافة والإعلام والآداب.

لقد أورد المؤلف المقتطفات مما كتبه أبو كاطع غفلا من تاريخ نشر المقالة أو القصة أو الرواية. وحبذا لو أنه شفع النشر بذكر التاريخ، وخصوصا بشأن المقالات في الصحافة ليتعرف القارئ على الوقت الذي نشرت فيه لما لذلك من أهمية في التعرف على المغزى الكامل للمقالة أو القصة أو الرواية. إذ لم يكن أبو كاطع يكتب شيئا دون أن يكون ذا علاقة بالظرف الذي كُتب فيه.

وعلى أية حال، فإن جهد المؤلف مشكور. وحبذا لو أسرع بنشر ما يتيسر لديه من مواد القاموس الريفي، ولو تولى جمع مقالاته كاملة ونشرها مع ذكر تاريخ نشرها لأنها مادة جيدة للتعرف على الإبداع في المقالة الصحافية وعلى صفحات من التاريخ العراقي.