روايات «بوكر» 2013: ربيع الرواية العربية وصراع الهويات

TT

تشمل القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية «بوكر» 2013: رواية «يا مريم»، لسنان أنطوان، عراقي، منشورات الجمل، رواية «أنا، هي والأخريات» لجنى فواز الحسن، لبنانية، الدار العربية للعلوم ناشرون، رواية «ساق البامبو» لسعود السنعوسي، كويتي، الدار العربية للعلوم ناشرون، رواية «القندس» لمحمد حسن علوان، سعودي، دار الساقي، رواية «مولانا» لإبراهيم عيسى، مصري، مؤسسة بلومسبري - قطر للنشر، رواية «سعادته السيد الوزير» لحسين الواد، تونسي، دار الجنوب.

وسنان أنطوان شاعر وروائي ومترجم ولد في بغداد عام 1967. له روايتان «إعجام» و«وحدها شجرة الرمان» وديوان شعر بعنوان «ليل واحد في كل المدن» والكثير من المقالات بالعربية والإنجليزية. ترجمت كتاباته إلى الإنجليزية والألمانية والإيطالية والنرويجية والبرتغالية. عاد إلى العراق في 2003 ليخرج فيلما وثائقيا بعنوان «حول بغداد» عام 2004 عن العراق بعد الديكتاتورية والاحتلال. ترجم أشعار محمود درويش وسركون بولص وسعدي يوسف وغيرهم إلى الإنجليزية. نشرت ترجمته لكتاب «في حضرة الغياب» لمحمود درويش باللغة الإنجليزية عام 2011 عن دار آرشيبيلاغو. وهو يعمل أستاذا للأدب العربي في جامعة نيويورك منذ عام 2005.

وروايته «يا مريم» تقدم رؤيتين متناقضتين لشخصيتين من عائلة عراقية مسيحية، تجمعهما ظروف البلد تحت سقف واحد في بغداد. يوسف، رجل وحيد في خريف العمر، يرفض أن يترك البيت الذي بناه، وعاش فيه نصف قرن، ليهاجر. يظل متشبثا بخيوط الأمل وبذكريات ماض سعيد حي في ذاكرته. ومها وهي شابة عصف العنف الطائفي بحياتها، فشرد عائلتها وفرقها عنهم لتعيش لاجئة في بلدها، ونزيلة في بيت يوسف. تنتظر مع زوجها موعد الهجرة عن وطن لا تشعر أنه يريدها. تدور أحداث الرواية في يوم واحد، تتقاطع فيه سرديات الذاكرة الفردية والجماعية مع الواقع، ويصطدم فيه الأمل بالقدر، عندما يغير حدث حياة الشخصيتين إلى الأبد. تثير الرواية أسئلة جريئة وصعبة عن وضع الأقليات في العراق، إذ تبحث إحدى شخصياتها عن عراق كان، بينما تحاول الأخرى الهرب من عراق الآن.

أما جنى الحسن المولودة في شمال لبنان عام 1985 والمقيمة حاليا في بيروت، فهي حاصلة على بكالوريوس وإجازة تعليمية في الأدب الإنجليزي (2006) وتتابع دراسة الماجستير. نشرت تحقيقات ومقالات في صحف عدة، كما نشرت نصوصا أدبية وقصصا قصيرة في ملحق النهار الثقافي وملحق نوافذ ومجلة «البحرين» الثقافية. صدر لها عن «جروس برس» روايتها الأولى «رغبات محرمة» عام 2009 ونالت عنها جائزة سيمون الحايك في البترون، شمال لبنان. وترجمت مؤخرا كتابا من مطبوعات جامعة أكسفورد بعنوان «مستقبل التكنولوجيا في 2030». تعمل حاليا في صحيفة «الديلي ستار» الصادرة باللغة الإنجليزية.

الروائي الآخر هو إبراهيم عيسى، وهو صحافي مصري معروف ولد في 1965. والتحق بالعمل في مجلة «روزاليوسف» منذ أن كان طالبا في السنة الأولى في كلية الإعلام. وتولى رئاسة تحرير جريدة «الدستور» اليومية من 1995 وحتى 1998 ثم في إصدارها الثاني من 2004 حتى إقالته في أكتوبر (تشرين الأول) 2010. صودرت إحدى رواياته «مقتل الرجل الكبير».

ونال إبراهيم عيسى عدة جوائز منها جائزة جبران تويني لعام 2008 من الاتحاد العالمي للصحف، وجائزة صحافي العام الممنوحة من اتحاد الصحافة الإنجليزية لعام 2010 وجائزة منظمة إنديكس العالمية عام 2011. من رواياته «دم الحسين» (1992)، «مريم التجلي الأخير» (1993)، «دم على نهد» (1996)، «مقتل الرجل الكبير» (1999) و«أشباح وطنية» (2008). ورغم ترك إبراهيم عيسى لمنصبه في جريدة «الدستور» الورقية، فإنه لا يزال رئيس تحرير موقع «الدستور الأصلي» الذي يعتبر نسخة إلكترونية منفصلة من الجريدة. وهو يشغل كذلك منصب رئيس تحرير جريدة «التحرير» من يوليو 2011.

وروايته «مولانا» تسبر أغوار المجتمع المصري عبر تتبعها مسار الشيخ حاتم الشناوي (مولانا) الضيف الدائم للبرنامج التلفزيوني الذي يقدمه أنور عثمان والذي يجيب فيه على أسئلة المشاهدين. يصبح الشيخ حاتم (مولانا)، صاحب الشخصية الظريفة، من أكبر الأثرياء نتيجة لاستغلاله إلى أقصى حد الإعلام المرئي معتمدا على حنكته وعلى إجاباته التي لا تتضمن إلا ما يرضي الجمهور وأمن الدولة بعيدا عن قناعاته الشخصية.

يتعرض البطل في مسيرته لتجارب ولمغامرات متنوعة كعلاقته بنشوى المتحجبة من رأسها حتى أخمص قدميها، ويكتشف فيما بعد أنها ممثلة تعمل مع المخابرات. على مدار الرواية تسبر الشخصية أغوار المجتمع المصري وتكشف بأسلوب هزلي وساخر عن خفايا المجتمع. وتتحرك الأشخاص وتنمو في بيئة فاسدة يطغى عليها الخوف والتجسس والرشوة والتكاذب والتعلق بالمظاهر والقشور.

أما حسين الواد فهو أستاذ جامعي باحث، من مواليد 1948 بالمكنين، تونس. له في الأدب العربي القديم والحديث والمناهج الحديثة مؤلفات عدة، نذكر منها دراساته للمعري في رسالة الغفران، وللمتنبي والتجربة الجمالية عند العرب، وللغة الشعرية عند أبي تمام، وغيرها. وله في الفن السردي «روائح المدينة» (2010).

وروايته «سعادته السيد الوزير» تحكي تجربة معلم تونسي أصبح وزيرا على نحو غير متوقع وكيف شاهد خلال توليه لهذا المنصب الفساد المنتشر في البلاد، حتى يقع هو شخصيا فيه.

وبحسب هيئة التحكيم، فإن القائمة القصيرة لهذا العام تكشف عن عدد من الاهتمامات الروائية المتنوعة التي تعد في صلب الواقع العربي اليوم، منها التطرف الديني وغياب التسامح ورفض الآخر، انفصال الفكر عن السلوك عند الإنسان العربي المعاصر، إحباط المرأة وعجزها عن اختراق الجدار الاجتماعي الذي يحاصرها، تعرية الواقع الفاسد والنفاق على المستويات الاجتماعية والدينية والسياسية والجنسية.