يعد الروائي والقاص السعودي إبراهيم الناصر الحميدان، الذي رحل الجمعة الماضي في أحد مستشفيات العاصمة الرياض عن عمر ناهز الثمانين عاما، واحدا من مؤسسي الرواية السعودية، وأحد أهم رموزها منذ كتب في مطلع الستينات روايته الشهيرة «ثقب في رداء الليل»، وهي الرواية الثانية المهمة التي كرست التجربة الروائية السعودية بعد رواية «ثمن التضحية» لحامد الدمنهوري التي صدرت قبلها بنحو عام «1959».
رواية الحميدان الأولى، وما تلتها من أعمال روائية والتي مثلت نقلة نوعية في العمل الأدبي السعودي انتقلت به إلى مسار يميل للتجديدية، ويتناول في موضوعاته هموما عاما، كما كانت أعماله السردية تظهر معايشته لهموم الناس وانفتاحه على العالم من حوله.
وقد وصفه الناقد حسين بافقيه في تكريم الحميدان باثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة في جدة 20 يناير 2003 بأنه «ومنذ ما يقرب من 50 عاما صوتا جديدا في الحركة الأدبية في بلادنا، حيث كان وثلة من أبناء جيله الطليعة التي أصرت الفن السردي بعد مرحلة جيل الرواة، معتبرا رواية «ثقب في رداء الليل»، ومن ثم روايتا «سفينة الضياع» و«عذراء المنفى» لإبراهيم الناصر الحميدان، «تجليا لعدد من الأفكار السياسية والاجتماعية التي كانت مهيمنة على الخريطة العربية في مرحلة السبعينات من القرن الهجري المنصرم، والتي راجت في ثقافة المملكة وصحافتها آنذاك».
قيمة رواية «ثقب في رداء الليل» برأي الناقد بافقيه تكمن في أنها «تمثل في وجه من أوجهها صورة الانتقال من الصحراء بصمتها المطبق إلى المدينة بتعدد أفكارها وانفتاحها على الآخر، ومن الأسئلة البسيطة إلى الأسئلة الإنسانية الشائكة ذات الصلة بالحرية والنضال والعدالة الاجتماعية وقضايا العمال والانتصار للمرأة».
كانت التجربة الروائية الأولى لإبراهيم الحميدان رغم ما صنعته أقل مما تلاها، وبرأي الدكتور سلطان القحطاني فإن رواية «ثقب في رداء الليل» لم تكن عملا ناضجا في وقته، إلا أن الحميدان «نضج في 1389 ه عندما كتب»سفينة الموتى «عالج فيها سوء الأحوال الصحية في ذلك الوقت»، وقد استمر إبراهيم الناصر «في نصوصه ملتزما بتحويل الفن الحديث المرتبط بالواقعية المعالج لقاضيا المجتمع»، برأي القحطاني.
ولد إبراهيم الناصر الحميدان في الرياض عام 1934 ونشأ في قرية الزبير، ومن مؤلفاته: «أمهاتنا والنضال»، وهي مجموعة قصصية، طبعت 1959. ورواية «ثقب في رداء الليل» 1960، «أرض بلا مطر»، مجموعة قصصية، 1966، «سفينة الموتى» رواية، 1969، وطبعت الطبعة الثانية باسم «سفينة الضياع» 1989، «غدير البنات» مجموعة قصصية، 1977، «عذراء المنفى» رواية، 1978، «غيوم الخريف» رواية، 1988، «عيون القطط» مجموعة قصصية، 1994، «رعشة الظل» رواية، 1994، «نجمتان للمساء» مجموعة قصصية، 1998، «دم البراءة» رواية، 2000، «والغجرية والثعبان» رواية، 2000.
ولم تقتصر مساهمات إبراهيم الحميدان على الأعمال السردية، فقد قدم أعمالا للإذاعة بينها تمثيليات، وكتب مقالات صحافية في الأدب والمجتمع.
على الصعيد الشخصي، اتسمت شخصيته بالتواضع والألفة والهدوء، وبعد صراع مع المرض ألزمه سرير المستشفى رحل ينعم بهدوئه وسكينته اللتين امتاز بهما.