الهزاني: الترف الثقافي بلغ حد اللامعقول.. وواقع الترجمة العربية كارثي

قال إن ثقافة التشكيك والتوجس ماركة محلية بامتياز

د. خالد الهزاني
TT

للدكتور خالد بن عبد الله الهزاني حضور لافت ومتعدد في المشهد الثقافي والأكاديمي السعودي، فله كتابات نقدية في الشعر والأدب والفن المسرحي، وعدد من الترجمات الأدبية، بالإضافة إلى إسهاماته الأكاديمية، فهو يحمل شهادة دكتوراه في الأدب الإنجليزي والأميركي. وسجل اسمه في دليل الشخصيات العالمية، وورد اسمه في معجمي التراجم الأميركي والبريطاني.

في هذا الحوار الذي أجري معه في العاصمة السعودية الرياض، يتحدث الهزاني عن جهوده في ترجمة ونقد الأدب الإنجليزي، ومساهماته النقدية والبحثية:

* ما قصتك مع ترجمة الشعر الإنجليزي؟

- زاولت الترجمة والكتابة مبكرا منذ 1970، ونشرت بعضا من القصائد مترجمة عن الإنجليزية. وكنت أظن، بعد سفري للولايات المتحدة لدراسة الأدب الإنجليزي، متخصصا في الشعر، وعلى مقاعد الدراسة والتحصيل في جامعتي وسكانسن وإنديانا، أنني سأصبح شاعرا «بالإنجليزية» لسهولة عروض الشعر الإنجليزي (كما بدا لي). إلا أن النصال تكسرت على النصال وولى جزء كبير من العمر وقل الرضا، وانتهيت كما لو أن شكسبير كان يعنيني، حين أنشد:

وإذا قل باللذيذ رضائي بعدما سرني فصار الأمرا

فتشهيت تارة علم هذا وتمنيت حذق ذلك أخرى

* لو استقبلت من أمرك ما استدبرت في مجال التخصص الأكاديمي، هل سيتغير مجال تخصصك «الشعر الإنجليزي» إلى مجال آخر؟

- لو دارت بي عجلة الزمان ووجدت نفسي في حرم الجامعة لدرست اللغويات التطبيقية متخصصا في تدريس اللغة الإنجليزية كلغة أجنبية. أو لدرست تطوير المناهج، لفائدة هذين المجالين. وللعلم فإن أحد الزملاء بلغ به «الترف الأكاديمي» أن تخصص في «مسرح اللامعقول»، وهو مجال أبعد ما يكون أن نحتاجه في ظل عدم وجود مسرح معقول أصلا!

* كيف ترى واقع الترجمة في عالمنا العربي بشكل عام، والسعودية بشكل خاص؟ هل أسهمت الترجمة في إثراء المكتبة العربية؟

- واقع الترجمة في العالم العربي كارثي، إذ إن بلدا مفلسا كاليونان يترجم إلى لغته أربعة أضعاف ما يترجم في العالم العربي. لكن الأمل معقود في مشاريع من بينها: جائزة الملك عبد الله العالمية للترجمة، ومشروع الألف كتاب في دبي. ومشروع «كلمة» للترجمة التابع لهيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، حيث تجري ترجمة مائة كتاب سنويا. وكذلك مشروع الألف كتاب الذي تقوم عليه الهيئة المصرية العامة للكتاب ويسعى إلى ترجمة الكتب الحديثة والتلاقح مع الحضارات الأخرى.

* باعتبارك ناقدا فنيا أيضا، كيف ترى واقع الفن في الساحة المحلية؟

- يقول الإمام الغزالي (صاحب إحياء علوم الدين): «من لم يحركه الربيع وأزهاره والعود وأوتاره فهو فاسد المزاج ليس له علاج»، ويقول أيضا: «إن من الألحان ما يثير الفرح والسرور والطرب، فكل ما جاز السرور به جاز السرور فيه». لكن، قارن هذا الكلام، بما حصل في إحدى الفعاليات الصيفية، حيث قام أحدهم بتكسير آلة العود، وكسر آخر «الدف» على وقع صيحات: التكبير. من قام بهذا العمل يعلم النشء المشاركين في هذه الفعالية الثقافية، من حيث يدري أو لا يدري، أن يأخذ أحدهم القانون بيده كلما ظن، إن حقا أو باطلا. وقد تشجع البعض وذهبوا لجمعية الثقافة والفنون ليسألوا مسؤولي الجمعية إن كان هنالك فعاليات تشمل الموسيقى «المعازف واللهو»، ففي أجواء كهذه.. لا غرو أن يغيب الطرب الأصيل، ولا غرابة أن يهاجر المبدعون ليمارسوا إبداعهم في أماكن أخرى تحتفي بهم وبإبداعهم.

* كأنك تشير إلى وجود ثقافة التشكيك والتوجس والخوف من التغير كظاهرة عربية؟

- هي ماركة محلية بامتياز! والدليل أنه كلما أرادت الدولة أن تغير شيئا لصالح الناس وبما يعود بالخير على الوطن، انبرت فئة قليلة، صوتها أعلى من غيرها، تشتكي وتعارض. وأنصع مثال على ذلك توظيف النساء أو تغيير الإجازة الأسبوعية.

* هناك من يرى أن اللجوء للرمزية في الأعمال الأدبية شعرا، أو قصة، أو رواية يعبر عن عجز صاحبها، ما تقول أنت؟

- الشعر خاصة، والأعمال الأدبية الأخرى، وإن على درجة أقل، بحاجة إلى الرمز. شريطة أن لا يفضي إلى الغموض ويصبح العمل الأدبي طلاسم لا نستطيع فهمها. فالرمز يتيح لنا أن نقرأ ما وراء النص الشعري. وفي قراءتي لبعض الشعر الحديث لبعض الشعراء السعوديين، أجد مع الأسف، البعض أسرف في الرمز حتى تحول إلى غموض يلف النص فيستغلق على القارئ فهم المراد.

* الهزاني ومشوار الترجمة

* بدأ مشوار الدكتور خالد الهزاني مع ترجمة الشعر الإنجليزي منذ كان طالبا في مرحلة البكالوريوس في اللغة الإنجليزية وآدابها (1970 – 1975).

فترجم قصائد قصيرة لشعراء كبار مثل: وردزورث، وبن جونسون، ولديه مسودة لمجموعة من القصص لأشهر كتاب القصة في الشرق الأقصى.

وقدم للمكتبة مؤلفات وبحوثا باللغتين الإنجليزية والعربية أبرزها: «رسائل لم يسبق نشرها للشاعر الأميركي عزرا باوند»، و«فحص العناصر ذات الأصول العربية في قصص إدجار آلن بو»، والكلمات ذات الأصول العربية الداخلة في متن اللغة الإنجليزية، كما قدم كتابا يعنى بتبسيط اللغة الإنجليزية للدارسين العرب، وترجم عن الإنجليزية قصصا متعددة، وأنجز تحقيق ديوان «طيور القلب» للشاعر الشعبي محسن الهزاني الذي عاش قبل عدة عقود واشتهر بشعر الغزل.