لهيب الحرب السورية في رواية رابعة لعدنان فرزات

غلاف الرواية
TT

في روايته الرابعة، لا ينفك الروائي السوري، المقيم في الكويت، عدنان فرزات، عن إظهار تأثره بالحرب المحتدمة في بلاده، والصراعات السياسية هناك. كانت روايته السابقة «كان الرئيس صديقي» التي صدرت عام 2013، والرواية الأخرى «رأس الرجل الكبير»، التي صدرت عام 2011، تمثلان ذروة التوظيف للحدث الدامي في سوريا ضمن عمل روائي، وسبقتهما روايته «جمر النكايات»، الصادرة عام 2010، وطبعت ثلاث طبعات، وهي تأتي في السياق ذاته.

أخيرا أصدر عدنان فرزات، وهو شقيق رسام الكاريكاتير المعروف علي فرزات، رواية سياسية أخرى بعنوان «لقلبك تاج من فضة»، عن صراع الحب والسياسة، وهي تنتقل لتفاصيل المشهد السوري الذي بدأ يقسم المجتمع ويفتت أواصره.

تنقل الرواية صورة الانقسام، حيث تتحول الانتماءات لاحقا إلى ريح تطفئ شمع العاطفة بين شاب وفتاة تربيا معا منذ الطفولة، وحين كبرا باحا لبعضهما بالحب، إلى أن جاءت الثورة السورية فالتحقت الفتاة بصفوف الثورة، بينما انخرط الرجل مع النظام.

الرواية التي صدرت عن دار «المبدأ» في الكويت هي مزيج من حب وحرب، يجسد فيها الكاتب انقسامات المجتمع السوري بعد الثورة، وتأثير ما حصل على طبيعة الناس من خلال قصة حب تبدأ في الطفولة، وتكتمل عند المرحلة الجامعية، ولأن الشاب ينتمي إلى الحزب الحاكم الذي التحق به ليحقق له طموحاته المهنية بعد تخرجه في الجامعة، فهو يصطف مع النظام، بينما تجد الفتاة من خلال ثقافتها الثورية التي نشأت عليها في المنزل أن موقف حبيبها فيه سلبية تجاه حقوق مشروعة يطالب بها الناس. وهذا ما يعكس حقيقة الانقسامات التي حصلت مؤخرا حتى في العائلة الواحدة وحتى بين الأزواج بعد الحراك السياسي في سوريا. ثم ينتقل الكاتب فرزات إلى تسليط الضوء على هذا الحراك السوري منتقدا الأداء السياسي للسلطة وللمعارضة، خصوصا المنظرين الذين حملوا معهم عقلية النظام إلى المعارضة. وتستعرض الرواية الأحداث بنسق شاعري: «جولين كانت أجمل فتيات دير الزور، تمشي بعنجهية صدر غزال في حقل من الأعشاب الربيعية، وحوله سرب فراشات لاهية. كانت خطواتها لها إيقاع كما لو عازف يؤلف للتو نوتة موسيقية للحن أوبرالي سيحضره ملك منتصر في معركة. لون بشرتها مزيج من ماء الرمان ورحيق أول الصبح، عيناها زيتونتان صارختان بصمت عجيب. ينسدل شعرها من منتصفه إلى أسفله بنعومة هادرة، على شكل هبوط شلال من جبل مرتفع فيخلق في نفسك الرهبة بأنك لو كنت على متن سفينة فلن تضمن جنون هذه الهاوية. تحكي جولين بهدوء كما لو أنها تنسج بخيط من حرير لوحة دقيقة، فتضع كل غرزة من حروفها في نسيج مسمعيك بعذوبة فائقة. حين أصبحت جولين في الصف العاشر الثانوي همست لي مشاعري العفوية بشيء ما نحوها، لكنني لم أفصح بها. في تلك السنة، نضج جمالها كعنقود عنب في عريشة لا يوجد سواها بحقل مزروع بأنواع أخرى من الأشجار. لا أحد يشبه جولين، لا توجد امرأة لها هذا المزيج المدهش بين عقل وشكل، رغم أن هذا العقل كان سببا في خلافنا لاحقا».

ويرسم الكاتب فرزات شخصيات موازية للبطلين، من خلال طلبة الجامعة وما قاموا به من دور في الثورة، ثم شخصية والد الفتاة، الرجل الذي كان ضابطا أيام الوحدة بين سوريا ومصر وبعد الانفصال تقاعد إلا أنه ظل يحلم بدور قيادي ما لبث أن حاول استعادته أثناء الثورة.