المكتبات التقليدية في السعودية تصارع للبقاء أمام «الرقمية»

حرص عدد منها على فتح فروع لها في المحلات التجارية

المكتبات الرقمية تتوسع على حساب التقليدية
TT

يبدو أن المكتبات الرقمية في السعودية قد استطاعت أن تحتل مساحة أكبر لدى من لهم شغف بالقراءة والاطلاع والبحث، ونتيجة لذلك انخفض معدل الإقبال على المكتبات التقليدية، مما يتطلب إعادة النظر في دورها وبناء هيكلة جديدة لها لتكون مجالا جاذبا للقراء والمهتمين.

هنا آراء عدد من الأكاديميين والمختصين في شؤون المكتبات في واقع حال المكتبات التقليدية، والسبل الناجعة لاستعادة إقبال القراء والمهتمين.

في هذا المجال، تقول الدكتورة مريم الغامدي أستاذة أصول التربية المساعد بقسم أصول التربية بجامعة طيبة: «المكتبات تلعب دورا رئيسا في تنمية الفكر الإنساني، فهي تسهم في بناء مجتمعات أفضل من خلال الرقي بفكر أفراد تلك المجتمعات». وكلما ازداد عدد وجودها كان مؤشرا جيدا لتقدم ذلك المجتمع ووعي أفراده. لكن تلك المكتبات باتت تشهد في الآونة الأخيرة نوعا من الهجرة، ولا يكون ارتيادها إلا في مواسم محددة مثل بداية العام الدراسي لشراء المستلزمات المكتبية أو قرب نهاية الفصول الدراسية، تزامنا مع موعد تسليم المتطلبات البحثية لبعض المقررات الدراسية.

وتقترح الأستاذة الجامعية للحد من هذه الهجرة أن تصبح المكتبات مجالا خصبا للاستثمار المادي والفكري معا، بحيث توجد بالمجمعات والمراكز التجارية مشتملة على المقاهي وأقسام الترفيه والتسوق، فقد أضحت تلك المجمعات والمراكز التجارية المتنفس الوحيد للأسر بمجتمعاتنا، وكذلك ضرورة إيجاد استراتيجية لتعريف أفراد المجتمع بأهمية المكتبات ودورها في نهضة الأمة.

وفي السياق ذاته يقول الدكتور عبد الله عسيلان رئيس النادي الأدبي بالمدينة المنورة إن «حرص عدد من المكتبات على إيجاد فروع لها داخل المجمعات التجارية ناتج عن عزوف المهتمين بما تحويه المكتبات من مصادر وعلوم مختلفة؛ لأن التكنولوجيا المتمثلة في المواقع الإلكترونية المتخصصة بالكتب، أسهمت أيضا في استغناء الكثيرين عن الذهاب للمكتبة».

وهو لا يتفق مع الرأي القائل إن هناك تأثيرا للمكتبات الرقمية على المكتبات التقليدية. ويشير إلى أن كثيرا من المكتبات لجأت إلى دمج نشاطها الأساسي بتوفير الأجهزة الحديثة والأدوات الدراسية لزيادة مدخلاتها الربحية والتسويقية، ومن هنا فإن تأثير المكتبات الرقمية على التقليدية يعد تأثيرا نسبيا بحكم أن هناك شريحة ما زالت ترغب في اقتناء الكتب الورقية، بينما هناك شريحة معظمها من الشباب اتجهت إلى استخدام التقنيات الحديثة والتعامل مع الأجهزة الإلكترونية، لكن اندثار الكتب الورقية، كما يضيف، والمهتمين بها مستقبلا غير وارد، بينما هناك تقلص واضح من خلال طباعة الكتب.

وتتفق فدوى الطيار، مذيعة القناة الثقافية السعودية، مع رأي د. عسيلان؛ فهي تعتقد أن للمكتبات العامة دورا مهما في توفير المخزون الثقافي للفرد، مشيرة إلى أن المكتبات الرقمية رغم فوائدها المتعددة في إيصال الكتب الرقمية لكل شخص يستطيع الوصول إلى الإنترنت ولكن يعيبها عدم وفرة المحتوى العربي، وخصوصا المواد السياسية وما يتعلق بالدبلوماسية العربية والفلسفة، وكذلك بما يتعلق بالطب.

لكنها ترى في الوقت نفسه أن المكتبات العامة لا تتلقى الدعم الكافي من وسائل الإعلام، فدورها محدود ومنحصر على تغطية الفعاليات والندوات كمعرض الكتاب.

أما محمود رشوان رئيس اللجنة التجارية بالغرفة التجارية بمنطقة المدينة المنورة، فيتفق مع الرأي القائل بانحسار دور المكتبات التقليدية، وأن ضعف الإقبال عليها ساهم في تغيير نشاط الكثير منها لأهداف تسويقية، من خلال إضافة الأدوات القرطاسية والأجهزة الإلكترونية لمحتوياتها، مطالبا وزارة التربية والتعليم بتوعية طلاب الصفوف الأولية بأهمية القراءة إضافة إلى دور الأسرة في تشجيع شراء القصص المفيدة بدلا من الأجهزة الإلكترونية التي قد تعود بنتائج سلبية على الطفل.