البرلمان المغربي من محكمة صورية لإصدار الأحكام إلى مقر لإصدار التشريعات والقوانين

TT

شارع محمد الخامس بالرباط معلمة حضارية من معالم العاصمة المغربية، أهمية هذا الشارع لا تأتي فقط من تاريخه الزاخر ولا موقعه الفريد في قلب العاصمة ولا من المتاجر الفخمة الممتدة على طوله، بل تأتي كذلك من بنايات شامخة لها دور متميز، من هذه البنايات بناية مجلسي النواب والمستشارين أو ما يفضل المغاربة تسميته بالبرلمان.

يعود تاريخ بناء هذه البناية الى أواخر العشرينات من القرن الماضي. بناها الاستعمار الفرنسي واتخذها محكمة واسماها قصر العدالة، ثم ظلت محتفظة بطابعها حتى مطلع الستينات عندما تم اتخاذ البناية مقر البرلمان.

البناية مشيدة على مساحة تقدر بستة هكتارات وتتكون من طابقين، يضم الطابق الارضي مسجدا وقاعتين كبيرتين للاجتماعات الفرعية ومطبعة ومصالح تقنية اضافة للملحقات ومرآب. اما الطابق الاول فيتكون من قاعة لاجتماعات اللجان الفرعية ومكاتب ادارية ومكتبة، اضافة الى بهو كبير تقام به الحفلات والاستقبالات، الطابق الثاني يضم جناحا ملكيا وقاعة كبيرة للجلسات العامة ومكاتب رئيسي البرلمان ورؤساء اللجان والفرق البرلمانية.

للبناية مدخلان، مدخل رئيسي يطل على شارع محمد الخامس ومدخل خلفي، مع الاشارة الى ان المدخل الرئيسي يشرف مباشرة على الطابق الاول للبناية، اما الخلفي فيشرف على مستوى الارضي، تمتاز الجدران بالقوة والصلابة إذ بنيت بالحجر السميك وهي مطلية برخام غير لامع، اما الابواب والنوافذ فهي من العود الفاخر وتمتاز بارتفاعها الكبير، زخارف السلم والسقف جد بسيطة، اما الشرفة فتتوسط البناية وتعلو المدخل الرئيسي. عموما الطراز المعماري يوحي بوقار وعظمة تضفيان على المكان احساسا خاصا.

رغم الاصلاحات والتوسعات التي شهدتها البناية فقد ظلت محتفظة بخصوصيتها المعمارية. ففي سنة 1984 قام المهندس «باكار». بترميم جوهري شمل القاعة الرئيسية واثنتي عشرة قاعة اخرى للاجتماعات، اضافة الى استغلال مساحات واجنحة افرغتها الخزينة العامة لبناء مكاتب وملحقات.

وبإنشاء مجلس المستشارين سنة 1996 تقرر تشييد مقر خاص به بجانب مقر مجلس النواب، ولذلك تم استغلال باقي اجزاء البناية التي ظلت المحكمة محتفظة بها، ويجري حاليا بناء هذا المقر الذي رصدت له ميزانية كبيرة.

قاعة الجلسات العامة شكلها نصف دائري وبها مدرجات ملونة باللونين الاخضر والاحمر، المقاعد الخضراء مخصصة لاعضاء الحكومة اما الحمراء فهي مخصصة للبرلمانيين، وخلف هذه المدرجات مقاعد للجمهور، وفي الاعلى توجد وحدة للنقل التلفزي والاذاعي ومخادع للترجمة، كما توجد على جانبي القاعة قاعتان خاصتان بالصحافة. والقاعة الرئيسية مجهزة بجهاز التصويت وسبورة الكترونية. اما الجانب المعماري لها فأهم ما يميزه هو القبة المزينة بنقوش من الخشب والجبس تشكل لوحة فنية غاية في الجمال والفخامة، اضافة الى علوها المقدر بعلو مبنى من ثلاثة مستويات.

قبل الدخول للقاعة يستوقفك بهو كبير مزين بلوحات لكبار الرسامين، تتوسط البهو لوحة زجاجية عبارة عن متحف حديث التكوين يضم هدايا وأوسمة مقدمة للرؤساء. تطل البناية على حديقة غاية في الجمال والرقة تضفي على المكان احساسا بالدفء والشاعرية رغم الوقار الواضح من التصميم والخصوصية المعمارية.