جهود مغربية لضم قلعة الأوداية التاريخية إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي

TT

احتضنت العاصمة المغربية الرباط اخيرا يوماً دراسياً في موضوع «قصبة الاوداية... تراث ذو بعد عالمي» شارك فيه نخبة من الاثاريين ومتخصصين مغاربة وأجانب، تدراسوا جميعا في شأن قلعة (قصبة) الاوداية التاريخية التي تطل على المحيط الاطلسي في مدينة الرباط والتي يرجع تاريخ بنائها الى القرن العاشر الميلادي. الباحثون قصدوا عبر هذا اليوم الدراسي رد الاعتبار للاوداية التي تبوأت مكانة هامة في عهد الدولة المرابطية، والتمهيد لإدراجها ضمن «قائمة التراث العالمي» التي تعتمدها منظمة اليونسكو (منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة)، وكذلك للبحث عن الوسائل لانقاذها من تداعيات الزمن بعدما اخذت تظهر عليها آثار التصدع. والواقع ان الاوداية تعاني الآن ايضاً من ضغط الزحف العمراني عليها. هذا، ونظم على هامش هذا اللقاء العلمي معرض للوحات الزيتية التي تتناول مراحل تاريخية من عمر القلعة، وعرضت مخطوطات قديمة نادرة تحكي عن قصبة الاوداية وما صاحبتها من أحداث ارتبطت بها.

* لمحة تاريخية

* شيدت قلعة الاوداية بهمة السلطان عبد المؤمن الموحدي عام 1149م. وضم مجمع القلعة في البداية قصرا خاصاً بالسلطان ومسجدا ومباني للجنود. غير ان يعقوب المنصور المرابطي عمل على اعادة بناء الاوداية فطوّرها ووسع اركانها مما جعل هذه القلعة اقوى حصون المغرب، إذ كانت تستوعب في ذلك العصر مؤونة تكفي سكانها لمدة سنتين، ونشر في اسوارها 68 مدفعا، وجعل بداخلها خزائن بارود تؤمن حاجة المتحصنين بها مدة ثلاث سنوات.

وتظهر القلعة اليوم بهندستها الشبيهة بالعمارة الاندلسية، وخاصة سورها المعلّق فوق صخور الشاطئ. اما أبوابها المشرعة على جهة المحيط فتقود الى ممرات مكونة من فتحتين يحميهما باب من خشب الارز المسلح بالحديد والمزخرف بمسامير حديدية.

أما أبواب الاوداية الرئيسية، فهي مزخرفة بنقوش عربية وكتابات كوفية بديعة، تعطي المبنى منظراً رائعاً، وتجعل منه معلماً متميزاً مطلاً بشموخ على مدينتي سلا والرباط والمحيط الاطلسي. كما تبدو القلعة لزائر الرباط اول معلم مميز عند الدخول اليها، بل وتبدو كانها بوابة المدينة والوجه الابرز فيها. ويقال بحق ان الرباط تمتد عند قدم قلعة الاوداية.

من ناحية ثانية، ارتبطت القلعة بتاريخ الاندلس واهله. فقد استخدمها الاندلسيون الذين استقروا في الرباط نقطة انطلاق في هجماتهم البحرية الانتقامية ضد الاوروبيين، وخاصة الاسبان، بعدما لحق بهم من أذى وضروب التنكيل. وبذا اعتبرت الاوداية من ابرز انجازات المسلمين المطرودين خلال القرن السادس عشر من شبه الجزيرة الايبيرية، الذين وجدوا في الرباط وسلا ملجأ لهم بفضل رعاية السلطان مولاي زيدان عام 1610 ميلادية فاستقروا بهما. ولقد أدخل الاندلسيون عند اقامتهم في الرباط على القلعة العديد من بصماتهم في البناء والزخرفة والتزيين.

* حديقة أندلسية

* القلعة اليوم ليست مجرد موقع اثري فحسب، بل هي ايضا حديقة اندلسية رائعة تجذب انتباه السياح والمولعين بالنزهة من سكان الرباط. وهي تضم متحفا يحتوي على مختلف الازياء والمنسوجات ونماذج الحرف القديمة والمجوهرات التقليدية التي كانت سائدة في مختلف مناطق المغرب. كما تضم مقهىً شهيرا يعد من اقدم مقاهي الرباط ويعج بالرواد وخاصة السياح الاجانب الذين يقضون فيه لحظات ممتعة وهم يتطلعون من ربوة عالية إلى مياه المحيط الزرقاء والقوارب التي تعبر ضفتي نهر ابي رقراق، ويحتسون الشاي الاخضر مع بعض انواع الحلويات المغربية الشهيرة ككعب غزال والبريوات.

=