الكويت أعادت شراء تحفها النادرة المسروقة.. من دور مزادات عالمية

رد من دار الآثار الإسلامية في الكويت على مدير الأبحاث في المتحف العراقي

TT

تلقت «الشرق الأوسط» خلال الأسبوع الماضي رداً من المشرف العام على دار الآثار الاسلامية في الكويت الشيخة حصة صباح السالم الصباح على ما قاله الدكتور دوني جورج مدير الأبحاث في المتحف الوطني العراقي خلال حوار نشرته «الشرق الأوسط» معه من قبل اسبوعين.

وفي ما يلي نص الرد:

بالإشارة الى الحوار الذي اجرته في لندن الصحفية وحيدة المقدادي مع الدكتور دوني جورج مدير الابحاث في المتحف العراقي والمنشور في صفحة «آثار ومقتنيات» الصفحة 10 بجريدتكم الغراء الصادرة يوم الأحد 11/5/2003 العدد 8930. نرفق لكم ردنا على تلك المقابلة ونرجو ان يتم نشرها مع الصور المرفقة:

ما كنت اريد ان اخوض بموضوع سرقة متحف الكويت الوطني لولا تصريحات الاستاذ الدكتور دوني جورج، مدير الأبحاث في المتحف العراقي ببغداد والتي اثارت في نفسي ونفس كل كويتي ذكريات مؤلمة حاولنا على مدى الثلاثة عشر عاما الماضية وضعها في طي النسيان.

فمع بزوغ فجر جديد على البلد الشقيق العراق بزغ معه الأمل في اعادة اواصر المحبة والاحترام المتبادل بين الشعبين الجارين. وبقدر ما كان وقع سرقة المتحف العراقي مؤلماً على العراقيين كان بنفس القدر على نفوسنا نحن الكويتيين بل وعلى العالم بأسره. فنحن نشارك الدكتور جورج بحكم عملنا في مجال الثقافة والفنون والآثار هموماً مشتركة تتجلى في الحفاظ على الموروث الثقافي للبشرية وصيانة ابداعات الانسان الفكرية والفنية، لذا كان من الصعب تقبل ما ذهب اليه مدير المتحف العراقي في قوله «ان العراق لم يسرق متحف الكويت»: مع اعترافه ضمنياً بأن «العراق كان بلدا محتلاً، والمعاهدات الدولية تنص على ان من مسؤولية البلد المحتل حماية المواقع الاثرية والمتاحف. وبناء على ذلك قمنا باخلاء متحف الكويت واخذنا المحتويات الى بغداد».

هل هذا هو التبرير المنطقي لسرقة المقتنيات الكويتية، من اجل حمايتها؟!! وهل احتلال العراق للكويت عمل شرعي بالأصل حتى يمتثل العراق لقرارات دولية بشأن الممتلكات الثقافية وغيرها!! وهل حرق متحف الكويت الوطني ودار الآثار الاسلامية بل وجميع المرافق الحكومية والعلمية والثقافية والادارية في الكويت هو من ضمن الاتفاقيات الدولية التي يشير لها الاستاذ جورج؟! لا اريد ان اعدد الفظائع التي قام بها النظام العراقي خلال سبعة اشهر عجاف احتل بها دولة ذات سيادة واعتدى على حرمتها وعاث فيها فساداً، ولكن اود فقط ان اذكر الدكتور جورج وهو عالم فاضل نكن له التقدير، ان ما ورد على لسانه: «بعد انتهاء الحرب اعدناها الى الكويت كاملة» لهو كلام عار عن الحقيقة فهناك ما يربو من 487 تحفة اثرية لا تزال مفقودة من مقتنيات متحف الكويت الوطني، و 59 تحفة من مقتنيات دار الآثار الاسلامية، وهي تعد من نوادر ما انتجته الحضارة العربية الاسلامية لا تزال في عداد المفقودات. ولحسن الحظ ظهرت في عام 1996 بمزاد سوثيبي الشهير بلندن احدى هذه التحف المسروقة وهو خنجر مرصع بالاحجار الكريمة يعود الى فترة حكم الامبراطور المغولي اكبر (1556 ـ 1605م) فتمكنا من استعادته، كما تمكنا ايضاً من اعادة شراء سيف منزل بالميناء ومرصع بالاحجار الكريمة من مزاد اخر في فرنسا. عدا ذلك هنالك تحف نادرة لا يزال مصيرها مجهولاً اذكر منها ثلاث زمردات تعود الى البلاط المغولي في الهند من القرن السابع عشر والثامن عشر وكذلك عدد من الاحجار الكريمة والسجاد والخناجر.

أما ما يثير الاسى فهو ليس فقط فقدان هذه التحف النادرة ولكن ايضا ضياع باب مغربي شامخ (ارتفاعه يفوق 4.5 متر) يعود الى العصر المريني (القرن 14م) في المغرب، قامت قوات الاحتلال العراقي بحرقه في موقعه داخل قاعة دار الآثار الاسلامية لعدم تمكنها من نقله مع بقية التحف الاخرى.

واخيرا لا ادري لماذا يزج الدكتور دوني جورج نفسه ويتحمل مسؤولية اعادة المقتنيات الاثرية الى الكويت، علما بأنه لم يكن مديرا للمتحف آنذاك، بل كان الدكتور مؤيد سعيد، حسب علمنا، وكما اكده الدكتور جورج في تصريحه، ولم يظهر اسمه في اي كشف استلمناه من السيد ريتشارد فوران، مساعد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة والذي اشرف على اعادة المقتنيات الكويتية من العراق تنفيذا لقرار الأمم المتحدة رقم 686. وان كان الدكتور جورج فعلا مسؤولا عن اعادة التحف الى متحف الكويت كما يدعي فهذه مصيبة اكبر لأنه يجب ان يتحمل عندئذ مسؤولية اتلاف ما يربو من 20 % من الآثار الكويتية وفقدان العديد من الآثار الكويتية والاسلامية.

وقد ترتب على هذا التلف الجزئي والكلي لهذه التحف الاستعانة بفريق متخصص لترميم الآثار من اليونسكو. ولا تزال عملية الترميم مستمرة بدون انقطاع منذ عودة التحف عام 1991 الى يومنا هذا وبتكلفة خيالية تدفعها دولة الكويت، فهل لنا ان نتساءل من المسؤول عن حماية هذه الآثار!! وهل فعلا لم يتم سرقة المتحف الكويتي! وهل عادت جميع الآثار الى الكويت!! واخيرا ليسمح لي الدكتور جورج ان ابدي شيئاً من الدهشة لهذه المكابرة او المغالطة التي ما زال يحملها في جوفه في رده على سؤال حول دور الجماعات الصدامية في النهب، اجاب: «صدام حسين كان مهتما بحماية التراث والمتاحف». واضاف كيف ان صدام امر بقطع رؤوس لصوص سرقوا رأس ملك اشوري بنفس الآلة التي استخدمها اللصوص. ونسأل د. جورج ألم تستوقفه هذه الأوامر التي تقرر قطع الرؤوس بغير محاكمة أو تحقيق؟؟ اللهم الا اذا كان قطع رؤوس البشر في العراق اجراء عادياً في سبيل ارضاء القائد. نطلب من الدكتور الفاضل ان يتوخى الدقة والأمانة العلمية في تصريحاته.

* المشرف العام على دار الآثار الاسلامية دولة الكويت