باحث ينتقد وكالة الآثار السعودية ويطالب بالاهتمام بالمواقع الأثرية وحمايتها من العابثين

TT

انتقد الباحث السعودي محمد بن فالح السبيعي وكالة الآثار والمتاحف السعودية، وطالبها «بزيادة الاهتمام بالمواقع الأثرية في المملكة العربية السعودية وحمايتها من أيدي العابثين». وتابع السبيعي في حديث لـ«الشرق الأوسط» انه بادر إلى محاولة الاتصال بوكالة الآثار للإبلاغ عن مواقع أثرية وقف عليها أثناء عمليات بحثه، غير أن طلبه رفض بحجة أنه سبقت دراسة المواقع، لكنه بعد بحث مضن لم يجد تلك الدراسات. وأشار الى انه حرص على الابلاغ عن هذه المواقع لكي يصار الى تسييجها وحمايتها من العابثين، لكنه ـ حسب كلامه ـ لم يجد أدنى اهتمام.

السبيعي (33 سنة)، يعمل وكيلاً لثانوية الإمام عبد الرحمن الفيصل بمدينة القيصومة (شمال شرقي السعودية) ويهوي القراءة والبحوث التاريخية. وحول اهتماماته الأثرية قال لـ«الشرق الأوسط»، انه اهتم بالبحث عن الآثار من باب الهواية منذ بدأ دراسته الجامعية وأردف: «كان الدافع لاختياري لهذا المجال تأثري بالشواهد الشعرية التي كنت اطلع عليها من خلال دراستي لمادة النحو في المرحلة الجامعية، والتي كانت تتضمن مواقع أثرية كان يكتب بهامش الشرح عن موقع من المواقع القديمة ولكن من دون تحديد مكانه. وهكذا رغبت في التنقيب عن تلك المواقع وتحديدها، ومن ثم بدأت أبحث عن المواقع الأثرية المذكورة في الكتب القديمة، التي تقع في محافظة حفر الباطن مقر إقامتي».

وعن أول وابرز الاكتشافات التي تمكن من العثور عليها قال السبيعي: «أول الاكتشافات التي عثرت عليها كان موقع الخرجا، وهو منزل من منازل حجاج البصرة، ويقع في بطن وادي فليج. وابرز الاكتشافات كان تحديد موقع بركة الرقيعي والتصحيح لمن توهم أنها الرقعي القديم، وكذلك تحديد موقع المجازة، التي هي بلدة أم عشر حالياً، وذات الأعشر وهي أم عشر السفلى».

وبين الباحث السعودي انه يعتمد على العديد من المراجع خلال بحثه مستنداً في الأساس على كتاب «المناسك» للحربي، وهو الذي ذكر منازل حجاج البصرة الذي كان يمر بمحافظة حفر الباطن ووصفها وذكر المسافة بين كل منزل ومنزل، وكذلك كتاب الأصفهاني عن بلاد العرب وكتاب «معجم ما استعجم» للبكري و«معجم البلدان» لياقوت الحموي.

وحول اهم المواقع الأثرية الموجودة في محافظة حفر الباطن، قال السبيعي: «محافظة حفر الباطن لم تكن تتمتع بمقومات الاستيطان لكونها صحراء ولا يوجد فيها مصادر للمياه أو الواحات، الا ان الآثار الموجودة فيها عائدة لمرور بعض الطرق القديمة عبرها مثل طريق حجاج البصرة، التي تربط بين البصرة ومكة، وهي أهم الطرق التي تعبر المنطقة. وقد عمل الخلفاء والولاة على بناء منازل على طول هذه الطرق لكي تستريح قوافل الحجاج وتتزود بالمياه. وحفروا الآبار وأنشأوا البرك لهذا الغرض. وشيدوا بعض القصور والحاميات العسكرية التي كانت تحمى قوافل الحجاج والتجارة من قطاع الطرق. وأول المنازل على طريق حجاج البصرة «الشجي»، وهو الشقايا حالياً، وقد تبين لي أن الشجي بعدما كثر حفر الآبار فيه مال الناس الى صيغة الجمع فتحول الشجي الى الشجايا، ومع مرور الزمن حرّف الاسم إلى الشقايا. والمنزل الثاني بمحافظة حفر الباطن وكان يسمي قديماً بركة الرقيا، هو حالياً عبارة عن بركة دائرية قطرها 50 م تقع في قلب وادي الباطن وتسمي الآن خرجا سلوم وتقع غرب الرقعي القديم وتبعد عنه 5 كلم. والموقع الثاني وهو ما يسمى بالخرجا يقع اسفل الوادي، وهو عبارة عن مجموعة آبار وبركة مستطيلة وسد لحجز المياه ومجموعه بيوت متهدمة. والموقع الذي يليه حفر البي موسى الاشعري ـ وهو حفرالباطن حالياً ـ ولم يتبق من آثاره سوى بعض الآبار. والموقع الذي يليه هو موقع ماويه وما زال يعرف بهذا الاسم ويوجد فيه بعض الآبار وقصر متهدم. اما المنزل الذي يليه ويعرف بالرقمتين فيقع في بلدة النايفية بوادي الباطن. ثم تأتي ذات الاعشر وهي تعرف الآن باسم أم عشر السفلى، ويوجد في هذا الموقع مجموعة كبيرة من الدوائر الحجرية من المرجح أنها بيوت وليست مقابر قديمة، كما يعتقد البعض، وفيها ايضاً مقبرة كبيرة تحوى ما يتجاوز الـ100 قبر. ثم هناك المجازة وتعرف الآن باسم أم عشر، وبعدها بركة البريك وتعرف باسم بركة الأجردي وهذه البركة اندثرت ولم يتبقى لها اثر. ثم السمينة وهي بئر النقع الواقعة وسط النفود».

ويؤكد السبيعي أن بحثه يعتمد على الجهود الذاتية ولم يحصل على أي دعم أو مساندة سواء من جهات حكومية أو أهلية. لكنه يشير إلى بعض التشجيع والمشاركة من بعض زملائه. وكشف السبيعي في ختام حديثه النقاب عن قرب انجازه كتاباً يتناول جميع الاكتشافات الأثرية بالمنطقة، وقال انه بصدد وضع تفاصيله النهائية لكي يكون بمتناول المهتمين في هذا المجال.